أبصرت شمس الرياض لحظة شروقها الأحد في طريقي للعمل وأنا على متن قطار الرياض الذي يطوفها بـ176 كيلو متر، وكأن تلك الإشراقة التي أبصرتها هي الأولى لي في حياتي، حيث شاهدتها وليدة اللحظة وهي تبزغ من على هامة جبال طويق الشاهقة من جهة الجنوب الشرقي للعاصمة، وهي الجهة التي تشرق بها الشمس في فصل الشتاء، في منظر بديع وأنا على متن قطار الرياض الذي مر وقتها من على أحد جسوره الشرقية للعاصمة الرياض (المسار البنفسجي) الذي يشتمل على محطات متعددة تربط جنوب شرق الرياض بشمالها الغربي، وقادني ذلك المنظر المدهش الذي أشبه ما يكون بأن تنسج الشمس خيوطها الذهبية في الأفق في لحظة مدهشة، وقادني ذلك المشهد الرباني الرهيب بعد أن كشفت تلك الخيوط الذهبية جبل طويق الذي يمتد على مسافة نحو 800 كلم، تبدأ من نفود الثويرات في محافظة الزلفي شمالا، مرورا بإقليمي الوشم والعارض في منطقة الرياض، وصولا إلى مشارف صحراء الربع الخالي جنوب السعودية. تذكرت فيها وصف ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الامير محمد بن سلمان (حفظه الله) همة السعوديين مثل جبل طويق، والذي قال "لن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض". خلال جلسة مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في أكتوبر 2019.

وأدون في مخيلتي شبه يومي الهمة السعودية بكل أطيافها وفئاتها العمرية والمجتمعية، والمهنية والتعليمية وأن أمتطي عربات قطار الرياض الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الـ27 من نوفمبر الماضي، حيث تسجل عدسة عيني وتخزنها ذاكرتي تلك المشاهد والهمة السعودية في الانطلاق نحو بناء الوطن بسواعده الوطنية في التخصصات والمهن كافة، فالنسيج الاجتماعي والترابط الوجداني يمتزج بالنخوة والشهامة، فتشاهد الطبيب والعسكريين برتبهم كافة، والمهندسين على مختلف تخصصاتهم، وأساتذة الجامعات وطلبتها، والموظفين المدنيين، ورجالات الأمن الصناعي، وموظفي الدولة بشكل عام وموظفي القطاع الخاص كتفا بكتف، يهبون رجالا ونساء في رحلة يومية تحمل طاقات إيجابية ساعدهم فيها مشروع قطار الرياض الجبار الذي زاد من هرمون السعادة لدى الكثير ممن يعاني من ضغط السير (كحالي) في مدينة كالرياض التي أضحت من الدول العالم الهامة، والتي يقطنها 8,591,748 وفق إحصائيات تعداد السعودية 2022.

وتتجلى صور أخرى داخل مقطورات قطار الرياض في الهدوء والسكينة، فجميع الركاب بمختلف جنسياتهم وأعمارهم لا تسمع ولا همسا فكأنما الطير على رؤوسهم من شدة الهدوء، فكل مشغول بحاله، وملتزم بالتعليمات، ويظهر الاحترام الشديد للمرأة التي تقدم على الرجل في كل المواقع كمورث وعمل أصيل تربت عليه الأجيال وآداب سماوية، في أن تكون لها الأولوية في قطار الرياض في كل الأحوال، إلى جانب توقير الكبار والإحسان للمسنين تعبر عن أعظم مكارم الإسلام.

ورحلة قطار الرياض تكشف جمال العاصمة بروعة طرقها وبأناقة أرصفتها، وببزوغ خضرتها من خلال مشروع (الرياض الخضراء) لكن ثمة أمرا يشكل تلوثا بصريا عبر بعض الأسطح السكنية التي يكشفها القطار حال مروره من على الجسور، حيث يشاهد الراكب مجموعة من الخردة وأخرى صفائح بالية وأسلاكا طائشة ومعدات خربة، وأثاثا منزليا ممزقا، ناهيك عن بعض المخلفات الترابية والمعمارية في بعض أراضي الفضاء، وأسوق هنا مقترحا بأن تشكل لجنة مسح من الجهات ذات العلاقة لرصد تلك المشاهد ولتحسين الرؤى البصرية كي تعانق الجمال الآخذ الذي بدأ يمتطي صهوته بالرياض من خلال الهيئة الملكية لمدينة الرياض.