في مشهد يعكس التزام المملكة بتعزيز تنافسية سوق العمل والارتقاء بمستوى تحليل بياناته، شارك المرصد الوطني للعمل في مؤتمر سوق العمل، حيث مثّلت هذه المشاركة فرصة استراتيجية لعرض الإنجازات والمبادرات التي تعكس مدى التطور الذي يشهده السوق السعودي في ظل رؤية 2030. الحضور لم يكن مجرد تمثيل رسمي، بل كان امتدادا لجهود حثيثة يبذلها فريق المرصد في جمع وتحليل البيانات، ورصد التحولات العمالية، وتقديم حلول قائمة على الأدلة، ما جعل من مشاركتهم في المؤتمر محورا رئيسيا استحوذ على اهتمام المختصين والخبراء الدوليين.

كانت الأوراق البحثية والعروض المرئية التي قدمها المرصد الوطني للعمل شاهدة على الدور المحوري الذي يلعبه في تقديم تصورات شاملة لسوق العمل، والوقوف عند تحدياته، واستشراف مستقبله. لم تكن هذه المشاركة مجرد عرض للبيانات والإحصائيات، بل كانت بمثابة تقديم لرؤية استراتيجية، تتماشى مع التغيرات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم. وقد أسهم هذا الزخم البحثي في تسليط الضوء على البرامج التي أطلقها المرصد، والتي تهدف إلى تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، وتعزيز استدامة التوظيف، ورفع كفاءة القوى الوطنية، وهي قضايا جوهرية تمثل حجر الزاوية في تحقيق سوق عمل أكثر ديناميكية واستقرارا.

على هامش المؤتمر، استضاف صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) وفودا دولية تمثل مرصد ألمانيا، وأذربيجان، وسنغافورة، والبنك الدولي، في لقاء يعكس المكانة التي بات يتمتع بها المرصد كمصدر موثوق للبيانات ومركز رئيسي لرصد التحولات العمالية. كان اللقاء بمثابة جسر للتواصل بين التجارب العالمية، حيث تبادل المختصون الرؤى حول التحديات الاقتصادية، والتغيرات التي تفرضها الرقمنة، ودور السياسات الحكومية في تعزيز استقرار سوق العمل. وقد أظهر فريق المرصد احترافية عالية في عرض الحلول المستندة إلى البيانات الدقيقة، الأمر الذي لقي استحسان الوفود الدولية، وعزز من مكانة المملكة كلاعب رئيسي في تشكيل مستقبل سياسات التوظيف الإقليمية والدولية.

لم يكن اللقاء مجرد حوار نظري، بل كان منصة لاستعراض النجاحات التي حققها المرصد الوطني للعمل، والتي تعتمد على توظيف التحليلات العميقة لصياغة سياسات قائمة على الأدلة، وتقديم حلول مبتكرة تعزز الاستدامة الاقتصادية. وقد أظهرت النقاشات مدى إدراك المرصد لأهمية التعاون الدولي، والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في تصميم سياسات مرنة قادرة على التكيف مع التحولات السريعة في سوق العمل.

الوفود الزائرة لم تقتصر زيارتها على المناقشات النظرية، بل أتيحت لهم فرصة الاطلاع على الجانب الثقافي العريق للمملكة من خلال جولة نظمها المرصد الوطني للعمل في حي طريف التاريخي في الدرعية، المسجل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. خلال الجولة اكتشف الضيوف ملامح الإرث السعودي، ووقفوا على التفاصيل المعمارية التي تعكس الهوية التاريخية العريقة للمملكة، حيث قدمت عروض تفاعلية تناولت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدرعية قديما، وكيف أثّر ذلك في تشكل النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمملكة. في حي البجيري كان المشهد مختلفا ولكنه امتداد للحكاية نفسها، حيث عايش الضيوف نموذجا فريدا يجمع بين الحداثة والتراث، ويعكس كيف تمكنت المملكة من الحفاظ على هويتها الثقافية بالتوازي مع مشاريعها التنموية الطموحة.

النجاح الذي حققه المرصد الوطني للعمل في هذه المشاركة والاستضافة لم يكن وليد الصدفة، بل كان ثمرة جهود متواصلة، وعمل دؤوب من أعضاء الفريق الذين أظهروا مستوى استثنائيا من الكفاءة والمهنية. قدرة المرصد على تقديم رؤى تحليلية دقيقة، وخلق حوار مثمر مع المؤسسات الدولية، تعكس مدى التزام أعضائه بتقديم أفضل النماذج في البحث والتحليل ودعم صناع القرار بحلول قائمة على بيانات موثوقة. لقد كان حضورهم في المؤتمر مثالا على الاحترافية السعودية في مجال تحليل سوق العمل، ونموذجا يعكس الطموح الذي يحرك المملكة نحو تحقيق أهدافها الاقتصادية الكبرى.

لم يكن المؤتمر مجرد حدث عابر، بل كان بمثابة شهادة جديدة على المكانة المتقدمة التي وصل إليها سوق العمل السعودي على المستوى الدولي. وقد نجح المرصد الوطني للعمل، من خلال مشاركته في المؤتمر واستضافة الوفود الدولية، في تعزيز الثقة الدولية بمؤشرات سوق العمل السعودي، وإبراز المملكة كنموذج اقتصادي متكامل يجمع بين الحداثة والأصالة، ويضع الإنسان في صلب التنمية. إنه التزام يتجدد، وجهود لا تهدأ، ومكانة تتعزز يوما بعد يوم، بفضل الرؤية الطموحة التي تقود المملكة نحو مستقبل أكثر استدامة واستقرارا.