الإعلام والإعلان: متلازمتان يجب ألا يفترقا!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإعلام والإعلان: متلازمتان يجب ألا يفترقا!, اليوم السبت 1 فبراير 2025 06:33 مساءً

من الملاحظ في الآونة الأخيرة استشراء ظاهرة الاستقواء على الإعلان في أغلب الوسائل أو الوسائط الإعلامية، ما بين الضرورة الحتمية كأحد أهم المقومات الاستثمارية أو الاقتصادية للمادة الإعلامية وبين فحش وتوحش المادة الإعلانية إفسادا للرسالة أو المحتوى الإعلامي أو العياذ بالله تقليلا من أهميتها، وبين هذا وذاك يبقى الترجيح لاعتدال العلم المتخصص المدعوم بالخبرة المهنية والاحترافية العالية، وليس للاعتلال التطبيقي العملي بين العديد من وسائل الإعلام، وكذلك الإعلان في ممارسات غير مهنية وغير مقننة تحترم قبل التخصصية المهنية لكل مجال منهما الجمهور المستهدف في كل وسيلة إعلامية وإعلانية، خصوصا في منطقتنا العربية على وجه التحديد.. ولعل ما لا يدرك كله بالطبع لا يترك جله بكل تأكيد.. ولعل طبيعة الممارسات الإعلامية والإعلانية في عالمنا العربي أسوأ مما هو معمول به عالميا دون الحاجة إلى إعادة اختيار العجلة أو حتى إعادة اكتشاف الذرة كما يحلو للبعض في تطبيقات وممارسات ما أنزل الله بها من سلطان العلم والعمل معا لدى الغير.. لقد ظلت الوسائل الإعلامية الحكومية تعاني من شح الموارد المالية لكونها في الأساس منتجا إعلاميا وليس مجرد سلعة تجارية أو مادة استهلاكية، ولكن تقدم الإعلام كخدمة عامة حكومية طلبا لدعم وتأييد وترشيد الرأي العام والجماهير في كل دول العالم من شرقه إلى غربه.. إلى أن بدأت المؤسسات الإعلامية الخاصة في الظهور تدريجيا بدءا بالصحف سواء الجرائد أو المجلات، ثم ما لبثت أن تظهر بوضوح أكبر في المحطات الإذاعية سواء التلفزيونية أو بالراديو.

وراجت المؤسسات الإعلامية الخاصة مع متابعيها ومشاهديها ليس فقط بما تقدمه من إعلام بل وإعلانات أيضا كمصدر رئيس للدخل التمويل الظاهر للجميع.. وبعد حسن اختيارها وإنتاجها لمحتوى إعلامي يبحث عنه أو يلهث وراءه المتلقي أو المشاهد، ووفقا لدراسات بحثية قبلية وبعدية وأثناء بث هذه المادة، ويظل المتلقي والمشاهد أولا وأخيرا رغم أهمية بقية العناصر الأخرى... وبعد أن ظل الجمهور رهينة إلى وسائل إعلامية محدودة ومحددة قرابة قرن من الزمان تقريبا ودون منافسة.. قدمت تلك الوسائل الإعلامية برامجها من باب الخدمة المجتمعية المجانية المدعومة من الدول والحكومات في كل مكان، حتى في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وغيرها، وليس فقط في عالمنا العربي وحتى الآن.. وفقا لتمول رسمي من ميزانيات الدول ودون الحاجة غالبا إلى مصادر تمويل أخرى أو حتى متنوعة، وإلى أن تحول البعض منها إلى مؤسسات أو هيئات تقبل الإعلانات ضمن برامج تخصيص حكومي محكم التقنين والإدارة.

وما أن برزت المؤسسات الإعلامية الخاصة أو شبه الخاصة في المنطقة العربية، وتم ضخ استثمارات تجاوزت 2 مليار دولار في بداية الألفية وتحديدا في الفضائيات التلفزيونية، وبعد أن تم سحب البساط سريعا من الصحف والتي كانت تتسيد المشهد الإعلامي والإعلاني بنسب تفوق 80% سابقا في الثمانينيات.. مما أدى بالتبعة وبعد سحب البساط من الصحف وكذلك القنوات التلفزيونية الحكومية التي كانت مهيمنة أو مسيطرة أو ربما بلا منافسة حتى قبل نهايات الألفية الثانية بقليل وتحديدا في التسعينيات، واستمر سحب البساط تدريجيا من التلفزيونات الحكومية إلى الفضائيات التلفزيونية الخاصة، بتميز المتفوق منها بحسن إدارة استثماراتها بكفاءة وحرفية سواء في ترشيد مصادر التمويل والإدارة والإنتاج والبث والتسويق لموادها الإعلامية العامة والخاصة بالإضافة إلى آليات الانتشار والبث والترويج والإعلان على وجه التحديد وإلى حد كبير نسبيا.. اعتمادا على اقتصاديات ذات عوائد استثمارية أكثر من جيدة ومستقرة لتتمكن من الاستمرارية والاستدامة بشكل مميز تجاوز الربع قرن حتى الآن.

ويبقي الحديث عن مصادر التمويل والتي كان من أبرزها ظاهريا الإعلان الذي تجاوز أرقام مبيعات التوزيع في الصحف، وساعد على المزيد في تحقيق ذلك بروز رواج التلفزيونات والفضائيات وسعة الانتشار، وربما الأمية في عالمنا العربي، بالإضافة لجوانب أخرى عديدة.. وقد تميزت بعض الفضائيات وليس كلها، وتقدر نسبتها 5 - 10% فقط من الفضائيات في المنطقة العربية إقليميا، والتي ناهز عددها قرابة 2000 قناة فضائية تلفزيونية في العقد الأول وحده من الألفية الثالثة، وأغلبها كانت ولا تزال تلفزيونات خاصة.. مما أدى إلى تحول المتسيد منها إعلاميا وإعلانيا إلى شركات مساهمة عامة أو ذات مسؤولية محددة.. وبعد أن كانت تحصل تلك الفئة فقط على ما قيمته 90% من إجمالي الدخل الإعلاني للمنطقة، والذي لا يتجاوز 2-3% من إجمالي الدخل الإعلاني العالمي، ويقدر في حدود 4-6 مليارات دولار أمريكي حتى عام 2020م.. وخلال الخمس سنوات الأخيرة فقط وحتى نهاية عام 2024م شارف إجمالي الدخل الإعلاني حدود 30 مليار دولار أمريكي، وفقا لتقديرات زيادات عالمية شارفت على إجمالي دخل إعلاني عالمي في حدود 900 مليار دولار أمريكي.. ويتوقع أن يصل أو ربما يتجاوز إجمالي الإنفاق العالمي للإعلان التريليون دولار أمريكي في عام 2025م كما يتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق الإعلاني في المنطقة العربية حدود 40 مليار دولار أمريكي في عام 2025م.. وإذا كانت الاستثمارات العالمية في مجالي الإعلام والإعلان مزدهرة نسبيا بالرغم من الكثير من الولايات والحروب والأزمات، إلا أن الوضع إقليميا أو عربيا ليس بذلك التفاؤل أو الازدهار إلا في ثلاث دول فقط، السعودية والإمارات ومصر تنعم بالاستقرار ولله الحمد.. وتشكل هذه الدول الثلاث ما نسبته من 66-70% من إجمالي الاستثمارات في مجالي الإعلام والإعلان على حد سواء أو معا.. وليس الأمر كذلك في بقية دول المنطقة العربية بسبب سوء الأحوال السياسية والاقتصادية فقط، ولكنه في الغالب وللأسف الأشد وهذا الأعم لسوء أساليب إدارة مصادر الاستثمار في كلا المجالين - إلا من رحم ربي بالطبع - خصوصا في الدول الثلاث التي تتسيد المشهد الإعلامي والإعلاني في المنطقة العربية.

وإذا لم نتلمس أسباب الإخفاق قبل أسباب النجاح سريعا سوف تتطير الغربان وليس الطيور بأرزاقها المنهوبة أو الضائعة.. ولعل من أهم أسباب الإخفاق ليس فقط من جهة النظرة السلبية لتعامل الإعلام مع الإعلان أو الصورة الذهنية غير الإيجابية من الممارسات السيئة في أغلب الأحيان في كلا المجالين.. ودون الرجوع أو الاحتكام إلى تقنين مهني احترافي مطبق في بقية دول العالم إلا في المنطقة العربية.. خصوصا والمنطقة على أبواب موسم المواسم الإعلامية والإعلانية في شهر رمضان المبارك من كل عام.. يمثل هذا الشهر الكريم وحده ما نسبته 50% تقريبا من ميزانيات الإنتاج الإعلامي وكذلك الرواج الإعلاني على حد سواء في كل عام.

لهذا العام 2025م تحديدا خصوصية يشهدها كل من صناعتي الإعلام والإعلان، تكمن في انسحاب البساط ليس فقط من تحت المحطات التلفزيونية الفضائية إلى المنصات الرقمية بنسبة قد تزيد على 52% في هذا العام وحده.. بل واستعاضة الاشتراكات والتوزيع لقواها أيضا بنسبة قد تصل إلى 55% على نسب الإعلان التي قد تصل إلى 45% وبشكل مضطرد النقصان لغير صالح الإعلان.. وقبل أن نفقد النذر القليل المتبقي أو نفتقد المزيد مصادر التمويل والإنتاج الإعلامي والإعلاني في موسم الذروة القادم، وكما يحدث تقريبا في كل عام.. يسف السعيد الدقيق والحمص ويأسف غير السعيد بالخروج من الموسم بلا حمص.. وللحديث دائما بقية خصوصا ما قبل موسم المواسم رمضان وأثناءه وبعده.. وكل عام وأنتم بخير.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق