نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب وتهجير الفلسطينيين, اليوم السبت 1 فبراير 2025 06:33 مساءً
إن سطوته غير المسبوقة في توصيف أحلامه وآماله وخططه القادمة، لتثير الكثيرين حول منهجيته تلك، وفي طبيعة مرحلته القادمة، تساؤلات كثيرة تجتاح عقول الكثيرين حول القادم من سياساته وقراراته في الخارج قبل الداخل الأمريكي!
استقطاباته الأخيرة تعكس مدى إلمامه الفعلي بما يريد، وماضيه القريب في الرئاسة يذكرنا جميعا بالوقفة الصلبة التي تعاطاها معه الإعلام التقليدي في أمريكا، والذي أثر قطعا على حظوظه في الوصول بتجربته الرئاسية لولاية ثانية، لكن عزيمته أعادته إلى البيت الأبيض في مشهد دراماتيكي يؤكد أن هذا الرجل استثناء في حضوره وأثره وتأثيره.
كل يوم ترامب له حدث مفاجئ يفاجئ به القريبين قبل الأباعد، آخر صرعاته السياسة، حديثه عن توطين الفلسطينيين في الأردن ومصر، هذا التصريح أزعج الدولتين وجعلهما يعلنان رفضهما القاطع لهذه السياسة المعلنة، وإن لم تكن جديدة ولكن جديدها كمن في هذا التصريح المباشر، الذي أعلنه ترامب وأعلن تمسكه به كحل جذري للحالة الفلسطينية في الضفة والقطاع.
يبدو أن ترامب يتفق مع اليمين الإسرائيلي المتطرف في استئصال الفلسطينيين وإخراجهم من أرضهم، لكن اليمين المتطرف الإسرائيلي اختار الحديد والنار وسيلة لذلك، فيما يرى ترامب أن الضغط على الأردن ومصر قد يحقق النتيجة ذاتها!
ترامب وكعادته لوح بالمصالح الاقتصادية بين دولته ومصر والأردن وتحديدا المعونات الأمريكية، وربما إذا لم تجد نفعا فالسيناريو المتخذ هو حزمة عقوبات يتم فرضها على الدولتين، وهنا يأتي السؤال الأهم، هل تستطيع مصر والأردن التعاطي مع هذا المتغير الجديد لو نفذته إدارة ترامب؟
لا نملك إجابة واضحة وتفصيلية لهذا الأمر، ولكن المعطيات التاريخية والجغرافية والسياسية تؤكد أن هذه الخطوة - إن حصلت - ستغير ملامح المنطقة وستعيد تشكيل خرائطها الجغرافية وفق التغير الديموغرافي الجديد، فسيناء ستصبح ملاذا للغزيين والأردن سيزداد بالفلسطينيين الموجودين أصلا بعد نكبة عام 1948، أما الحسابات الداخلية للدولتين تتغير كليا تبعا لهذا المتغير السياسي الجديد!
أما الفلسطينيون فهم رافضون ممانعون ومعارضون لهذه الخطة، ويرون فيها محاولة لإذابة قضيتهم وجعلها نسيا منسيا، وفق هذا الواقع الذي يتصوره ترامب ويحلم به اليمين المتطرف في إسرائيل.
أما على المستوى الأخلاقي، فعجيب أمر ترامب والذي يتكئ على خلفية ديموقراطية ومجموعة من القيم الليبرالية العتيقة والعتيدة المزعومة، كيف سمح لنفسه أن يختزل الإشكال الفلسطيني وحلوله في مقترح يفضي إلى تفريغ فلسطين من أهلها ورميهم في أراض عربية مجاورة؟ أهي البراجماتية الأمريكية في أجلى صورها أم هو الظلم في أبشع أشكاله المرفوضة وغير المقبولة عرفا وعقلا؟
كلتا الحالتين تشخص الحالة الغربية باختصار تجاه البشر في جميع دول العالم، أمريكا تتعاطى مع البشر وفق مصالحها المتغيرة ولا وجود للعاطفة إلا عندما يراد تلميع هذه السياسة وتوجيهها لتصبح مادة استهلاكية في الداخل الأمريكي قبل الخارج.
السياسات الأمريكية الجديدة تنحو باتجاه يجعل العالم يقف على أصابعه، فهي تعكس حالة من التغييب الكلي للآخرين، وجعلهم مجرد أدوات وكماليات توضع في المكان الذي يخدم أغراض هذه السياسات العدوانية الغريبة بأبعادها التي لا تمت للإنسانية بصلة.
السعودية كانت وما زالت نصيرا فاعلا للقضية الفلسطينية وحل الدولتين الذي تبنته في قمة بيروت، كان وما يزال فرصة لتهدئة الصراع بين العرب وإسرائيل، هذا المشروع كان بالنسبة للإسرائيليين حلما، واليوم لم يعد لهذا المشروع مكان في العقلية الإسرائيلية العدوانية التي جاهرت مرارا وتكرار بإسرائيل الكبرى، الحلم التراثي اليهودي القديم الذي يحلم به الصهاينة كل يوم، ويبدو أن ترامب بتصريحه الأخير قد جعله ممكنا في المخيال الإسرائيلي المتطرف، الذي أيقن بعد خراب غزة الأخير أن المقاومة الفلسطينية تكمن أولا وأخيرا في شعبها القوي العنيد، الذي رفض التهجير، ودفع فاتورة الأحداث الأخيرة شهداء من المدنيين العزل، وأن هذا الشعب مستعد أن يدفع أكثر طالما بقيت فلسطين في مخياله الأصيل هي الوجهة، والقدس هي الاتجاه.
0 تعليق