نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحديات الخفية في عالم استثمارات التقنية الحيوية, اليوم الأربعاء 8 يناير 2025 10:32 مساءً
ومع ذلك فإن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة ومعقدة تجعل من الاستثمار فيه أمرا ليس بالسهل، خاصة للمحللين والمستثمرين المتخصصين. ومن بين أبرز هذه التحديات تبرز مشكلة الموارد البشرية وتعقيدات إدارة رأس المال الكبير. دعونا نستعرض هذه التحديات بتفصيل أكثر.
سوف نتحدث اليوم عزيزي القارئ عن أكبر الأسواق العالمية في مجال التقنية الحيوية ألا وهو السوق الأمريكي.
يتسم قطاع التقنية الحيوية في الولايات المتحدة بضخامته وتعقيداته. إذ توجد مئات الشركات المدرجة في أسواق الأسهم المحلية، بالإضافة إلى آلاف الشركات الخاصة التي تعمل محليا وعالميا.
هذا العدد الهائل من الشركات يجعل من الصعب جدا متابعة جميع الفرص الاستثمارية المتاحة من قبل المستثمرين.
عزيزي القارئ، بالنسبة للمستثمرين والمحللين المتخصصين في الشركات الاستثمارية ورأس المال الجريء في الولايات المتحدة، تُعطى الأولوية للشركات الناشئة المحلية المدرجة، نظرا لحجم البيانات الهائل الذي يجب عليهم تحليله.
فعلى سبيل المثال، إذا كان مدير صندوق يعمل في مدينة نيويورك أو مدينة سان فرانسيسكو، فهو بحاجة إلى متابعة المئات من الشركات الناشئة التي تعمل في مجالات علاجية متعددة وتقدم منتجات متنوعة. يتطلب ذلك فهما عميقا لمستجدات كل شركة ناشئة، بما في ذلك التحديثات الفصلية والتجارب السريرية والتطورات السوقية، وغيرها.
في كثير من الأحيان قد تحتوي المحفظة الاستثمارية الواحدة للشركات الاستثمارية على أكثر من 50 شركة ناشئة، وأحيانا أكثر بكثير، اعتمادا على حجم الصندوق وتركيزه. وتتطلب هذه الشركات الاستثمارية ورأس المال الجريء تقديم تقارير دورية تصل إلى أربع مرات سنويا، بالإضافة إلى تقارير فورية عند ظهور تطورات هامة. هذا يضع عبئا كبيرا على المحللين ومديري الصناديق، حيث يُطلب منهم أن تكون لديهم معرفة شاملة بكل التفاصيل، بما في ذلك التنافس في السوق والابتكارات الجديدة.
إضافة إلى ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة الشركات الدوائية العالمية الكبرى مثل شركة نوفارتيس (Novartis) في سويسرا، وشركة تاكيدا (Takeda) في اليابان، و شركة أسترازينيكا (AstraZeneca) في المملكة المتحدة. هذا يعني أن المستثمر بحاجة إلى متابعة المنافسين العالميين والابتكارات في الأسواق المختلفة، مما يضيف عبئا إضافيا على وقتهم وجهودهم.
يُعد قطاع التقنية الحيوية من أكثر القطاعات التي تعتمد على رأس المال بكثافة. تحتاج الشركات الناشئة إلى تمويل مستمر لدعم الأبحاث والتجارب السريرية وإطلاق المنتجات الجديدة.
على سبيل المثال، شهدت الولايات المتحدة في عام 2020 وحده 78 اكتتابا عاما لشركات التقنية الحيوية. ولا يخفى عليك عزيزي القارئ أن لكل اكتتاب يتعين على المستثمرين إجراء تحليلات دقيقة لتحديد جدوى الاستثمار.
علاوة على ذلك تواجه الشركات الصغيرة الناشئة تحديات كبيرة للوصول إلى المستثمرين الكبار. غالبا ما يركز المحللون والمستثمرون على الشركات الدوائية الكبرى التي تتجاوز قيمتها السوقية 10 مليارات دولار، أو حتى 5 مليارات دولار في بعض الحالات، وذلك لتقليل العبء الناتج عن متابعة عدد كبير من الشركات.
باستخدام مبدأ باريتو (Pareto Principle)، يمكن للمستثمرين التركيز على 20% فقط من الشركات التي تحقق 80% من العوائد، مما يساعدهم على إدارة محفظتهم بشكل أكثر كفاءة.
ومع ذلك فإن اعتماد هذه الصناعة على رأس المال يضع ضغوطا كبيرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي غالبا ما تكون الأكثر ابتكارا. فالعديد من المستثمرين في الشركات الاستثمارية الأمريكية يفضلون تجنب هذه الشركات الناشئة بسبب التعقيدات المتعلقة بالمخاطر العالية، وفروق التوقيت، والضرائب وغيرها.
إلى جانب التحديات المذكورة، يُعتبر التوسع العالمي تحديا كبيرا لشركات التقنية الحيوية الصغيرة. فعلى الرغم من أن الابتكارات قد تكون ثورية، إلا أن الوصول إلى المستثمرين الدوليين يتطلب جهدا ووقتا كبيرين. الشركات الصغيرة التي تعمل في أسواق خارج الولايات المتحدة غالبا ما تواجه صعوبة في جذب اهتمام المستثمرين الأمريكيين، الذين يميلون إلى التركيز على الأسواق المحلية والشركات الكبرى.
إن التحديات المذكورة تؤثر بشكل كبير على طبيعة الاستثمار في قطاع التقنية الحيوية. فعلى الرغم من أن هذا القطاع يقدم فرصا هائلة للنمو والابتكار، إلا أن التركيز المفرط على الشركات الناشئة الكبرى يترك العديد من الشركات الناشئة الصغرى والتي تكافح للحصول على التمويل.
من ناحية أخرى يُعتبر الاعتماد الكبير على رأس المال عاملا رئيسيا يحدد النجاح في هذا القطاع. الشركات الناشئة التي تستطيع تأمين التمويل الكافي والمستمر هي الأكثر قدرة على البقاء والنجاح، بينما تواجه الشركات الناشئة الصغرى عقبات أكبر للوصول إلى الموارد نفسها.
عزيزي القارئ، يمثل الاستثمار في قطاع التقنية الحيوية تحديا معقدا يتطلب مزيجا من التركيز الاستراتيجي والتحليل الدقيق وإدارة الموارد بكفاءة. إن مشكلة الموارد البشرية وتعقيدات إدارة رأس المال هما من أبرز العوائق التي تجعل من الاستثمار في هذا القطاع أمرا ليس سهلا. ومع توسع السوق يجب على المستثمرين تبني أدوات وأساليب مبتكرة لتحليل الفرص والاستفادة منها.
أما بالنسبة للشركات الصغيرة، فإن بناء الحضور وتعزيز الشفافية والتواصل الفعّال مع المستثمرين سيكونان المفتاح لتأمين التمويل اللازم ومواصلة الابتكار.
nabilalhakamy@
0 تعليق