محمد بن حميد: البيانات لغة المستقبل ومهندسة الثورة الصناعية المقبلة

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: «الخليج»

تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور الشيخ محمد بن سعود القاسمي، رئيس دائرة المالية المركزية بالشارقة، انطلقت، أمس، أعمال الدورة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية، الذي تنظمه دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية يومي 9-10 أكتوبر في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات تحت شعار «معايير تصنع التغيير»، بحضور ومشاركة أكثر من 100 مسؤول حكومي وخبير من داخل الإمارات والوطن العربي والعالم.

في كلمته الافتتاحية للمنتدى، أكد الشيخ محمد بن حميد القاسمي، أن البيانات ليست مجرد أرقام جامدة، أو إحصائيات معقدة، بل هي الرواية الحقيقية والأكثر دقة التي تعكس احتياجات المجتمعات، واصفاً إياها بأنها حكاية التاريخ ولغة المستقبل، ومهندسة الثورة الصناعية المقبلة.

وقال: «لا تقتصر آثار البيانات على القطاعات الاقتصادية والخدمية فقط، بل هي عامل حيوي في تنشيط الثقافة وترسيخ القيم النبيلة، إذ تسهم في سد الفجوات الاجتماعية وتعزيز العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ووضع البرامج المناسبة لمكافحة الفقر والبطالة وتطوير الثروة البشرية، لهذه الأسباب وأكثر، تنظم الشارقة هذا المنتدى للإشارة إلى أن جميع الموارد، بما في ذلك البيانات، يجب أن تستخدم لتحقيق طموحات المجتمعات وتحسين حياتها، خاصة أن دول المنطقة وضعت خططاً طموحة لبناء مستقبل أبنائها، وهذا يوضح أهمية هذا المنتدى ونتائجه لتحقيق المصالح المشتركة».

واختتم كلمته بالقول: «منذ بدأت حديثي معكم حتى هذه اللحظة، أنتج العالم من البيانات ما يكفي لتغيير سياسات وقرارات ومخططات، وتصويب مسارات كاملة، فلنكن سباقين في استثمار هذه الثروة لما فيه مصلحة مجتمعاتنا ومجتمعات العالم أجمع».

أكثر الوسائل اعتمادية

بدورها، أكدت انتصار عبد الله الوهيبية، المدير العام للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، أنه في خضم عالم متغير، أصبحت البيانات من أكثر الوسائل اعتمادية وموثوقية لدى متخذي القرار، لتحقيق الأهداف المنشودة، والحلول الممكنة التي تسهم في تنمية المجتمعات، مشددة على أن التغيير الحقيقي هو في التحول في عمليات التنمية إلى التركيز على الإنسان الذي يوازن بين التطور الاقتصادي والنمو الاجتماعي.

نظام بيئي

من جهته، تحدث ستيفان شاينفيست، مدير شعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة، مؤكداً أن المناقشات العالمية في قطاع البيانات توسعت من مفهوم النظام الإحصائي الوطني إلى نظام المعلومات الوطني، وحتى إلى نظام بيئي وطني للبيانات، وهذا يؤكد ضرورة العمل مع الشركاء واستخدام مصادر البيانات المبتكرة، مثل البيانات الضخمة والمعلومات الجغرافية المكانية، لإنشاء البنية الأساسية المناسبة للمعلومات لدعم صنع السياسات القائمة على الأدلة.

وحول أهمية المنتدى، قال شاينفيست: «هذا المنتدى قيم للغاية، لأنه يجمع بين أصحاب المصلحة المختلفين من المنظمات الدولية والكيانات غير الحكومية والدول والقطاعات المتنوعة، ما يمكننا من تبادل الخبرات والتعلم من بعضنا وتطوير شعور مشترك بالهدف الذي نعمل من أجل تحقيقه».

توفير الأدوات

وفي إطار الكلمات الرئيسية التي شهدها حفل افتتاح المنتدى، قالت نبال إدلبي، مديرة قسم الابتكار في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة للأمم المتحدة، «تسعى الإسكوا جاهدة لدعم الدول الأعضاء في المنطقة العربية من خلال توفير الأدوات والمنهجيات الحديثة التي تمكنها من الاستفادة القصوى من البيانات في صناعة القرار، وتسعى إلى بناء مجتمعات معلوماتية متقدمة من خلال تنظيم الفعاليات والورش التدريبية التي تعزز قدرات الكوادر الوطنية في هذا المجال، كما تحفز الإسكوا الابتكار في القطاعين العام والخاص لتسخير التكنولوجيات الحديثة مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة».

واختُتم حفل الافتتاح بعرض قدمته الإعلامية عبير الوكيل، حيث سلطت الضوء على أهمية البيانات في بناء مجتمعاتنا الحديثة.

دعم الأمن الغذائي

أكد الدكتور المهندس خليفة مصبح الطنيجي، رئيس دائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالشارقة، أن البيانات ساهمت بشكل كبير في دعم الأمن الغذائي بدولة الإمارات، لاسيما في المشاريع التي نفّذتها الدائرة، حيث كان لها دور كبير في توفير 40% من مياه الري، المستخدمة في زراعة القمح بالشارقة، لافتاً إلى أن تجربة البيانات في الأمن الغذائي أثبتت فاعلية وحققت دفعة كبيرة في رفع مؤشر الأمن الغذائي في البلدان التي تعاني جفاف التربة وشح المياه.

جاء ذلك خلال خطاب ملهم بعنوان: «مزارع مليحة: الأمن الغذائي المستدام من خلال البيانات»، ضمن فعاليات الدورة الأولى من المنتدى.

وقال: «حققت مؤسسة (اكتفاء) للإنتاج الزراعي نجاحات كبيرة بإنتاج دقيق سبع سنابل وحليب مليحة، والفضل الرئيسي في ذلك يعود إلى الرؤية والخبرة العلمية والأكاديمية التي يتمتع بها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ففي مرحلة دراسة المشروع الرائد في مجال الأمن الغذائي وتنمية الثروة الحيوانية، واجهتنا تحديات كبيرة، خاصة ما يرتبط بالمناخ الحار للمنطقة، وكمية المياه المطلوبة، إلا أن الاعتماد على البيانات الموثوقة حقق نقلة نوعية في نجاح هذا المشروع الحيوي».

تقنية التصوير الحراري

وأضاف: «التقييمات التي وصلتنا كانت سلبية وزعمت بأنه لا يمكننا زراعة القمح، لكن اعتمدنا على البيانات لمعرفة تجارب القمح الحديثة وأي البذور يمكن زراعتها في الإمارات، فحصلنا على بذور قادرة على التكيف مع البيئة في الإمارات»، مشيراً إلى أنه تم الاعتماد على منصة تستخدم تقنية التصوير الحراري عبر الأقمار الصناعية وهذه المنصة تتيح البيانات للتنبؤ بالمحاصيل، بحيث تعطينا كم حبّة تحتاج إليها المزرعة ووزن الحبة الواحدة ومستوى نضجها، وكذلك المجسات في التربة وهل الحقل اكتفى بالري أو لم يكتفِ، ما أسهم في توفير 40% من مياه الري، وهذا انعكس إيجاباً على تجربة زراعة القمح.

وحول مزرعة ألبان مليحة، قال الطنيجي: «مشاريع الأمن الغذائي في الشارقة هي الوحيدة التي تنتقل بالغذاء إلى الطبيعة والأصالة من مراحله البدائية لاختيار السلالات حتى المرحلة النهائية للمنتج، فحليب مليحة لم يُنزع منه شيء ولم يُضف إليه شيء».

وكشف أنه تم الاعتماد على تقنية «القلادة الإلكترونية للأبقار»، وهي مبنية على معلومات مسبقة وتسهم في تحليل البيانات واتخاذ قرار سليم؛ إذ تراقب درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب والأنشطة اليومية والتنبؤ بالأمراض بما يساعد على الوقاية الاستباقية والتحصين المبكر من الأمراض، كما تتبع الدورة الإنجابية بما يسهم في زيادة عدد المواليد ومن ثم كمية الإنتاجية اليومية، وأيضاً تحليل سلوك الأبقار لمعرفة ما إذا كانت تعاني مشكلة نفسية أو صحية يمكن علاجها.

صورة واضحة

أكد الكاتب والمؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، خالد غطاس، أن البيانات تدخل في صلب حياة كل شخص، فهي تعطيه صورة واضحة حول الممارسات والآراء والأفكار، وتدفعه لاتخاذ قرارات مفصلية في حياته، مشدداً على أهمية الاعتماد على البيانات الموثوقة بدلاً من الانطباعات والمشاعر النفسية، وأن هذا النهج الحياتي يضيء الطريق للقرارات الصائبة في حياة الناس وأعمالهم.

وتحت عنوان «رأي ورقم وقرار»، قدّم غطاس، خطاباً مُلهماً ضمن فعاليات المنتدى، أشار فيه إلى مدى أهميّة البيانات في إنتاج المعرفة، مستعرضاً عدداً من الأمثلة.

وشدّد على أهمية الاسترشاد بالبيانات والمعلومات الدقيقة في حياتنا اليومية.

وأشار إلى أنّ البيانات مهمة في فهم سلوك البشر واتخاذ القرارات الصحيحة، وأنها تسهم في معرفة ما هو الأفضل.

التقنيات السحابية

أكد الخبير التقني داريو روسو، المستشار لدى «آر جي 3» للاستشارات الرقمية، أن تقنيات السحابة العامة بدول منطقة الشرق الأوسط، والتي تضمن توفير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات مثل الخوادم والشبكات وأنظمة التخزين في صورة موارد افتراضية يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، ينتظرها مستقبل كبير ومتقدم، حيث من المتوقع أن تقود تطبيقاتها نمو الناتج المحلي لدول المنطقة بنسبة 6% بحلول عام 2030.

وأوضح خلال حواره الملهم: «تسخير السحابة العامة في الشرق الأوسط: آفاق واسعة للنمو»، أن خدمات القطاع العام يمكن أن يكون لها النصيب الأكبر من النمو في حال تبينها تطبيقات وتقنيات السحابة العامة.

وأشار إلى أنه على الرغم من الريادة الإماراتية في الاعتماد على تقنيات السحابة العامة، إلا أن المنطقة بشكل عام لا تزال تواجه تحديات كبيرة في هذا القطاع وقطاع الخدمات التقنية عموماً، وذلك بسبب المشهد الجيوسياسي غير المستقر في المنطقة.

دمج الشباب

أكد عدد من القيادات الشابة أهمية دمج الشباب وتأهيلهم في عملية استثمار البيانات، مشددين على ضرورة تمكينهم من المساهمة في تطوير الحلول المستدامة للتحديات المجتمعية.

كما شددوا على دور البيانات المحوري في اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة، وفهم احتياجات المجتمع وتطوير حلول مبتكرة لمختلف التحديات، إلى جانب تسليط الضوء على أهمية حماية البيانات واستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لتحليلها واستخلاص قيمة منها.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان «صوت الشباب في عالم البيانات».

واستضافت الجلسة كلاً من رابعة بني ياس، المدير التنفيذي لقطاع الدعم المؤسسي بالإنابة ومدير معهد التدريب الإحصائي التابع لمركز الإحصاء بأبوظبي، وخالد الكعبي، محلل أول لاستثمارات البنية التحتية في شركة «مبادلة للاستثمار»، وغالية أحمد العلي، رئيس مجلس أبوظبي للشباب، وميادة عادل، وهي من «القيادات الشابة من أجل التنمية المستدامة»، وهي مبادرة أممية لتمكين الشباب، وأدار الجلسة عبدالقادر السقاف، ممثل شباب الإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة.

الأزمات تشكّل تحدياً كبيراً

اتفق مسؤولون حكوميون وخبراء في مجال البيانات على أن الأزمات والنزاعات تشكّل تحدياً كبيراً لجمع البيانات الإحصائية واستخدامها في صنع السياسات الفعّالة والاستجابة لحالات الطوارئ.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «طرق توفير البيانات في حالات الصراع والأزمات الإنسانية في المنطقة العربية».

وشارك في الجلسة كل من الدكتور إسماعيل لبّد، مسؤول قسم الإحصاءات الديمغرافية والاجتماعية في الإسكوا، والدكتور ماجد عثمان، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق في جمهورية مصر العربية، والرئيس التنفيذي ومدير المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، والدكتور مروان الخواجة، رئيس قسم الإحصاءات السكانية والاجتماعية في الإسكوا، وأدارها الدكتور أحمد حسين، مستشار إحصائي في المركز الوطني للإحصاء بقطر.

تناغم بين مخرجات التعليم والعمل

أكد عدد من الخبراء في قطاع العمل والتنمية المجتمعية، أهمية البيانات والإحصاءات في سنِّ التشريعات واتخاذ القرارات ورسم الاستراتيجيات الطموحة بما يعزز من الواقع الاقتصادي، وخلق آلافٍ من فرص العمل وتقليل نسب البطالة، على اعتبارها ثروة معلوماتية هائلة، يلجأ إليها صناع وقادة الأعمال لمعرفة طبيعة سوق العمل في بلدانهم.

جاء ذلك، خلال جلسة حوارية «كبسة زر لإنهاء البطالة في العالم».

شارك في الجلسة، ماموسو باتريشيا كومي ماساكوا، نائبة وزيرة التعليم الأساسي والثانوي في سيراليون، ورافائيل دييز دي ميدينا، مدير إدارة الإحصاءات وكبير الإحصائيين في منظمة العمل الدولية، ومحمد العلوي، مدير تنفيذي الشؤون الاقتصادية بالإنابة في مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس»، وأدارها الدكتور ماجد عثمان، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق في مصر والرئيس التنفيذي ومدير المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة).

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق