القاهرة: «الخليج»
تتصدر عشر لوحات نادرة من بورتريهات الفيوم، قاعة المومياوات الملكية بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وتجسد بألوانها الناصعة ودقة رسوماتها، تقدم مختلف ألوان الفنون في مصر القديمة، إذ تمثل أقدم لوحات لفن البورتريه في الحضارات القديمة.
ويرجع اكتشاف البورتريهات إلى عام 1615، على يد الإيطالي بيترو ديلا فاليه، أثناء زيارته لمدينتي سقارة ومنف في مصر، وقد نقل ديلا فاليه بعض المومياوات والبورتريهات إلى عدد من المتاحف الأوروبية، وعلى رأسها متحف ألبرتينا الذي يقع في قلب مدينة فيينا، وتأسس في عام 1776، ويضم مجموعة نادرة من أهم المجموعات الفنية في العالم.
مع مرور الزمن، عثر آثاريون مصريون على عدد من لوحات الفيوم، في عدد من المقابر المكتشفة في صعيد مصر، لكنها تركزت في المقابر التي عثر عليها في منطقة حوض الفيوم، حيث شملت تلك المقابر أغلب الاكتشافات، التي تمت في منطقة هوارة وحتى أواسط مصر، ما جعلها تحمل هذا الاسم.
ويرجح كثير من علماء الآثار، أن تكون هذه اللوحات الجنائزية المصرية، قد صنعت في فترة مصر الرومانية، وأن بداياتها تعود إلى القرن الأول للميلاد، وأنها كانت السمة المميزة لهذا القرن، قبل أن تتوقف صناعتها في القرن الثالث للميلاد، لكنها على ذلك تعد مثالاً حياً لما تلاها من أنواع الفنون التي انتشرت في العالم الغربي، وتجلت تالياً في الفن البيزنطي وفن الأيقونات القبطي في مصر.
تجسد لوحات الفيوم ملامح شخصيات يرجح كثير من الآثاريين، أنها كانت تحظى بمكانة رفيعة في المجتمع المصري خلال تلك الفترة، وتميل في خطوطها إلى قواعد الفن الإغريقي الروماني، أكثر مما هو معروف عن فن الرسم في مصر القديمة، وقد كانت هذه اللوحات ترسم لتوضع على وجه مومياء المتوفى، حيث يتم الرسم والطلاء على تلك اللوحات الخشبية بشكل كلاسيكي، وهو ما يجعلها من أجمل الرسومات في فن الرسم الكلاسيكي على مستوى العالم.
تقدم لوحات الفيوم صورة واقعية، لما كان عليه الشخص المتوفى من مكانة اجتماعية واقتصادية، وقد ساعد المناخ الجاف والحار لمناطق اكتشاف تلك اللوحات على حفظها وثبات ألوانها بشكل مثالي، حيث يزيد عدد اللوحات المكتشفة على مئة لوحة، تنتشر في العديد من متاحف العالم.
وأخضع فنانون مصريون، مؤخراً، عدداً من لوحات الفيوم، إلى برامج الذكاء الاصطناعي، للوصول لصورة نابضة بالحياة لأصحاب تلك اللوحات، فخرجت معظمها تحمل ملامح مصرية خالصة، إلى جانب ملامح يغلب عليها الطابع الروماني.
0 تعليق