المؤثرون ومسؤولية التأثير.. وواجب التحذير

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المؤثرون ومسؤولية التأثير.. وواجب التحذير, اليوم الثلاثاء 7 يناير 2025 04:33 مساءً

في مقال سابق تحدثنا عن المؤثرين ومتابعيهم ليس بالضرورة أغلبهم متأثرين فعليين حقا وصدقا.. وإن بلغت نسبتهم على الأقل إلى 40% من الأرقام المعلنة عيانا بيانا دون خجل أو تدقيق.. أو على الأكثر قد تصل النسبة إلى حدود 60% لا أكثر وفي أحسن الأحوال والظروف مع التدقيق والتمحيص، وبصرف النظر عن نسبة الصحة والدقة والموثوقية أو الاعتمادية على الأرقام المعلنة دون تدقيق أو تمحيص أو توثيق أو حتى اعتمادية من طرف ثالث يثق فيه دون مصلحة أو فائدة أو حتى لترويج الرائج منها على وسائل الاتصال غير التقليدية أو الرقمية والمعروفة بوسائل التواصل الاجتماعي.. وبعد النظر في هذه الظاهرة المشتعلة أو المستعرة والمستمرة نجد أن أغلب المؤثرين يقعون ضمن الفئات أو الشرائح التالية:

أولا: مؤثرون حقيقيون Real Influencers صعدوا سلم المجد والشهرة تدريجيا وبالتالي التأثير منهم وفقا للعلم والعمل والممارسة والخبرة، وغالبا معظمهم نتاج مؤسسات رصينة متخصصة في كل المجالات العلمية والعملية سواء أكاديمية أو مهنية.. أغلب هؤلاء لا غبار عليهم لكونهم فعلا نخبة مميزة من الأمهات أو الآباء أو أولياء الأمور من الأقارب أو المدرسين أو المعلمين أو النخبة المثقفة في المجتمع بكل فئاته أو بالأحرى النخبويين أو النخبة أو الصفوة Elite .. وللأسف الأشد نجد هذه الفئة شديدة الانحسار أو ربما الانطواء أمام بهرجة وبريق المشهد الحالي للاتصال.

ثانيا: مؤثرون شبه حقيقيين أو أنصاف الحقيقيين Semi Real Influencers لم ينالوا من العلم المتخصص ولا العمل المهني الكثير إلا القليل.. ولكنهم أشباه أو أنصاف المؤثرين بما لديهم من إلمام سريع أو جزئي عن بعض المجالات، ولديهم القدرة الأبرز على إيصال المعلومة أو ربما التواصل الإنساني الجيد، ليغطوا النقص المعرفي والفراغ المهني في المجالات التي يتحدثون عنها.. وهنا تتدخل أو تتداخل المجموعات الرقمية المسيطرة على الأكثرية أو الأغلبية ممن يتعرضون لوسائل التواصل الاجتماعي Social Media والتي تحتكر أو تصدر قرابة 80% من المشهد الاتصالي العام.. وهي على الترتيب التالي (ألفابيت Alphabet، وأمازون Amazon، وآبل Apple، وبايت دانس ByteDance، وميتا Meta، ولينكدن LinkedI) وأغلبهم ما أفرزته تلك الوسائل الرقمية في السنوات العشر الأخيرة.

ثالثا: مؤثرون وهميون أو أنصاف الوهميين Semi Faked Influencers بالادعاء المعرفي غير الممنهج أو السفسطة المهنية غير الممارسة، وربما حباهم الله شيئا من القبول أو الحضور بشكل براق وبمضمون متواضع للغاية قد يراه البعض تبسيطا للأمور أو قد يراه الغالبية تسطيحا للأمور مجازا وجزافا.. وهم أيضا من إفرازات الرقمية السلبية والذين يتوارون وراء أرقام مضخمة دون جدارة أو استحقاق.. وأغلب هذه الفئة يأتون فجأة من فراغات جوفاء ليتصدروا مشهد التأثير دون مسببات واضحة أو أسس معروفة.. وهم أشبه بفقاعات الهواء المنتفخة على الخواء، وهم الخطر الداهم على الأجيال الشابة أو القادمة إذا لم يتم التأكد من مصادرهم المعرفية والتمويلية بشكل واضح، ولكنهم للأسف الشديد قد يقفون ولو لفترات قليلة في شرفات هذا العصر، ولكن سرعان ما يختفون وربما تحرقهم الأضواء أكثر مما يضيفوا لها.. وربما نجد البعض منهم ينتقل من مشهد الشهرة إلى مشهد الحوادث والجرائم والعقوبات أحيانا.

رابعا: مؤثرون وهميون أو غير حقيقين Faked Influencers لا نعرف حقيقتهم وأغلبهم بأسماء مستعارة أو غير معروفة المصدر والتوجه، وغالبا مزيفون للواقع والحقيقة بدءا بأنفسهم أولا وانتهاء بالمصادر والنوايا التي لا يعلمها إلا الله وحده ثم أولى العلم والبصيرة.. وتلك الطامة الكبرى من مدعي الشهرة غير المستحقة والمستخفة بعقول وقلوب ووجدان الناس دون قيد أو شرط أو قيم أو أخلاق.. وهم الخطر الأدهم الذي يقوض الأفراد والمؤسسات في فراغات الفضاء الساحق والماحق لكل صواب أو حقيقة أو دون جدوى أو فائدة تذكر.

إن التمييز بين الفئات سابقة الذكر وفرز الصالح من الطالح منها مسؤولية الجميع من المؤسسات الإنسانية ابتداء من الأسرة ثم المدرسة والمسجد والجامعة ثم بقية مؤسسات المجتمع الناشرة للوعي الصحيح من مؤسسات ثقافية وتعليمية وإعلامية.. مع التأكيد على أن الأمر مسؤولية الجميع وللجميع، وكل مسؤول أمام الله أولا ثم أمام الآخرين عما قد يتعرض له المرء من قبل هؤلاء المؤثرين بقبول وقوع التأثير، سواء كان اختياريا أو طوعيا أو أحيانا كرها، بسبب التأثر من قبل البعض من المقربين من الأهل والأصدقاء والزملاء وربما غيرهم، دون سابق إنذار أو ترصد.. وهذا بالطبع لا يعفي المؤثرين الحقيقيين أيضا من مسؤولية إبراز الفارق بينهم وبين الآخرين من دخلاء التأثير سواء فئات مندسة أو مدسوسة، لبث القيم السلبية والسيئة وربما الفتن بين الأفراد والمجتمعات والأمم، ويظل البقاء للأنفع علما وعملا والأقرب إلى الله والخير والسداد والأقوى بأسلحة المعرفة والمهارة والخبرة والأصلح تأثيرا في كل الاتجاهات الإيجابية المؤثرة لكل الخير والسداد بإذن الله.. لذا وجب التحذير من بعضهم خاصة بعد أن أصبحوا للأسف الشديد كثر جدا، ولا ننسى أن نبلغ المؤثرين خصوصا المستجدين منهم بأهمية التأثير دون تعكير أو تكدير انطلاقا من مسؤولية وأمانة وأخلاقيات التأثير على الآخرين وعواقبه في الدنيا والآخرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق