طبيب بتخصص: خبير مواقع تواصل اجتماعي!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
طبيب بتخصص: خبير مواقع تواصل اجتماعي!, اليوم الثلاثاء 7 يناير 2025 11:28 صباحاً

هل تذكرون حين كنا نذهب بالسيارة إلى متاجر الهواتف الجوالة لتغيير نغمة فحسب، لقد أصحبت من الماضي والآن نضحك على تلك السويعات ونسمي أنفسنا بالطيبين! لأنك الآن عندما تواجه مشكلة تقنية في هاتفك المحمول، كل ما عليك فعله هو أن تذهب إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتبحث عن الحل، وسوف تجد عشرات الفيديوهات التي تشرح المشكلة والحل، بل قد تكتسب مهارات أخرى. وإذا لم تُصلح المشكلة، فكل ما عليك فعله أن تطفئ هاتفك وتعيد تشغيله. أو أعد هاتفك لبرمجة المصنع، وإن فسَد هاتفك، فاستبدله بهاتف آخر.

ولأن حياتنا أصبحت بأهمية جوالاتنا، فإذا كانت لديك مشكلة صحية، اذهب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وضع المشكلة، وستجد عشرات الأطباء والمدعين والمزيفين، وسوف يصفون لك عشرات الحلول. جربها كلها، ولأنك تعامل صحتك مثل هاتف جوال في جيبك، فإن تدهورت صحتك، نم، واستيقظ مجددا وستجد صحتك على ما يرام، أو أعد برمجة المصنع هو الآخر! أو حاول إصلاحها بفيديوهات طبية أخرى من مواقع أخرى. وإذا لم تنجح، فاستبدل جسدك بجسد آخر، مثل زراعة قلب أو كبد أو أعضاء أخرى، أو خذ من بعض المشعوذين واتصل بهم في أفريقيا الوسطى ليقول لك عن كنز مدفون في قرية أم شيح وفرصة للتنزه في البر وسمّ الكنز إن شئت "كنز الرمانة"، فأنت تستقبل كل شيء وأي شيء، وتأخذه على محمل الجد حتى لو كانت صحتك الغالية!
ليست المشكلة في طبيب غير متمكن يعرض سلعته العلمية الرديئة على الإنترنت، أو يصنع شهرة زائفة من بطولات وهمية، أو طبيب يسترزق ويملأ جيبه من سذج أو طبيب بتخصص دقيق: صانع محتوى أكثر منه طبيب، أو يقول لممرض "صورني وأنا منهمك بالعملية" ويعيد التصوير مرتين أو ثلاث حتى يضبط المشهد أو يقول لآخر "صورني وأنا مرهق من العمل من جوالي".

المشكلة تكمن في السيارة الفارهة التي يستعرضها عليك، والتي اشتراها من جيبك، وليته أصلح صحتك، بل أفسدها وأخذ مالك. بل المشكلة الحقيقية فيك، عندما أصبحت وعاء يُقذف فيه من شاء ما شاء من الأدوية والعلاجات والكيماويات، وأنت تقبل بلا تمييز.

هذا الطبيب الذي يستعرض معالجة المرضى عبر مواقع التواصل الاجتماعي أفضل ما يمكن أن يُطلق عليه هو: صانع محتوى، مؤلف فيديوهات، أو معالج تقني، لكنه ليس له علاقة بالطب. لسبب بسيط: كل حالة مرضية تُعتبر حالة مستقلة، وكل حالة مرضية لها بروتوكول علاجي خاص بها، حتى الصيدلي صار صانع محتوى هو الآخر يصف لك علاج وبدائل برغم أن ثمة لافته فوق رأس كل صيدلي تقول "الصيدلي غير مؤهل لصرف الأدوية، ولا اقتراح للبدائل إلا بعد العودة للطبيب المختص"؛ بل مكتوب على كل علبة أن "الدواء لا يصرف إلا بأمر طبيب"، طبيب حقيقي وليس طبيب افتراضي أو صيدلي يعالج كل الناس بوصفة واحدة تنطبق على جميع الناس بلا استثناء، هذا يذكرنا بالراقي الذي يقدم الرقية عبر الهاتف أو أونلاين أو على مرضاه الحقيقيين برشة واحدة شاملة للجميع اختصارا للوقت والجهد، وليدفع كل واحد ما جادت به نفسه، والتي كانت من الماضي لا أعادها الله!

أحد كبار الأطباء يؤكد أن الطبيب يمضي 40% من وقته يجيب على "خزعبلات" ما يشاع في مواقع التواصل الاجتماعي والاستراحات، المهم؛ مؤكد أننا سنضحك على أنفسنا يوم كنا نأخذ الأطباء مأخذ الجد في مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا على أننا سنبكي عندما نأخذ نصيحة جاهل أو مشعوذ أو غير متخصص حتى، لكن متى؟ بعد أن نذهب ضحية نصيحة طبية خاطئة وصانع محتوى رديء ومريض نفسي يعالج المرضى النفسيين أونلاين، قبل أن أنسى، هذه حكمة اليوم: إن أحببت أن تستفسر عن طبيب أو علاج لمرض ما، اسأل طبيبا ولا تسأل صانع محتوى حتى ولو كان طبيبا!

Halemalbaarrak@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق