تحقيق: ميرة الراشدي
الملف الصحي للطالب عنصر أساسي في كل مدرسة، حيث يؤدي دوراً مهماً لضمان بيئة تعليمية سليمة، في متابعة الحالة الصحية للطالب وحمايته من الأمراض المزمنة، وهو أداة ضرورية لمتابعة حالة الطلاب الصحية، حيث يحتوي على معلومات ذات أهمية تشمل التاريخ الطبي، والتطعيمات، وأمراض الحساسية، ونوبات الربو والقلب، وأي أمراض مزمنة أخرى، ويُعدّ خطوة ضرورية لضمان صحة الطلبة منذ اليوم الأول من التحاقهم بالمدرسة.
«الخليج» التقت عدداً من الطلاب ومديري المدارس وممرضي العيادات المدرسية، الذين ناقشوا أهمية الملف الصحي لكل طالب، والتجارب التي مرّوا بها في العيادات المدرسية. وطالب عدد من الطلاب بتوفير خدمات صحية تخصصية في المدارس، للحدّ من حالات تحويل الطلبة إلى المراكز الصحية.
وأكدت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، أن السياسة الجديدة للمدارس، بشأن الصحة والسلامة التي بدأ تطبيقها من العام الدراسي الحالي، تهدف إلى التشديد على المدارس بضرورة توافر خدمات رعاية صحية عالية الجودة، عبر العيادات المدرسية، من دون أي كلفة إضافية على الطلبة، بما يتوافق مع متطلبات دائرة التعليم والمعرفة ودائرة الصحة.
وأشارت السياسة الجديدة إلى أن الفحص الصحي الشامل للطلبة، في الصف الأول والخامس والتاسع، ويجريه أطباء متخصصون مرخصون، ويتضمن فحص السمع وصحة الفم للطلبة في الصف الأول والخامس والتاسع، واختبار الدم بوساطة مختص لجميع الطلبة في الصف الأول وللطالبات في الصف التاسع.
كما أكدت السياسة الجديدة أنه يجب على المدارس إنشاء عيادة داخل المدرسة، لتقديم خدمات الرعاية الصحية للطلبة، بما يتماشى مع متطلبات دائرة الصحة، ويتطلب من المدرسة الحصول على ترخيص منشأة رعاية صحية من دائرة الصحة والحفاظ عليه لتشغيل عيادتها، وعلى المدارس التأكد من إعطاء الأدوية، بما في ذلك التعامل مع الحوادث والطوارئ الطبية «مثل الحساسية المفرطة والنوبات»، وفقاً لمتطلبات الدائرة، ونموذج موافقة أولياء الأمر المكتمل الذي يُجَدد كل فصل دراسي، أو عندما يكون هناك تغيير في دواء الطالب.
وعلى المدارس توثيق جميع خدمات الرعاية الطبية المقدمة في المدرسة، بما في ذلك أي أدوية تعطى أو الفحص الصحي والتطعيم ونتائج أي تدخلات طبية في السجل الطبي للطالب، مع الحفاظ على السرية، وفقاً لسياسة دائرة التعليم والمعرفة للسجلات في المدارس.
الفحص الطبي
وقالت ظلال سعيد كلبون، مديرة إحدى المدارس الخاصة: «إن الملف الصحي لكل طالب أداة أساسية تسهم في ضمان سلامة الطلاب ورفاهيتهم. ويتضمن معلومات شاملة، مثل نماذج الموافقات من أولياء الأمور، والفحص الطبي السنوي، والتاريخ الصحي للطالب والمواد التي يتحسس منها وأي عدوى سابقة، جميع هذه المعلومات معتمدة بتوقيع ولي الأمر. كما نحتفظ بسجل لمؤشرات النمو وكتلة الجسم، ووصف الحالة المرضية التي يعانيها كل طالب والتقارير الواردة بشأنها».
وفي ما يتعلق بتحديث الملف الصحي، قالت: «في بداية كل عام دراسي، نفحص قوائم الأسماء للتأكد من استمرار الطلاب في المدرسة، كما نجري الفحوص الدورية للطول والوزن ومؤشرات كتلة الجسم والنمو، نرسل موافقات أولياء الأمور سنوياً لطلب أي تحديثات عن حالة الطالب».
متابعة الحالات
أما عن الإجراءات المتبعة في حال اكتشاف حالة صحية تستدعي التدخل الفوري، فقالت: «نتواصل مباشرة مع ولي الأمر عن طريق الممرضة أو المشرف المتابع، وفي حالات الطوارئ، نصطحب الطالب فوراً إلى المستشفى، ونحرّر تقريراً بالواقعة من الممرضة ومسؤول الصحة والسلامة».
وتطرقت ظلال كلبون، إلى كيفية ضمان سرية المعلومات الصحية للطلاب، قائلة: «الملفات محمية سواء كانت ورقية أو إلكترونية في أرشيف خاص بكلمة سر، ويحق للممرضة فقط، الدخول والاطلاع على هذه المعلومات».
كما أشارت إلى أهمية تدريب الكادر المدرسي، والفريق الطبي مدرب ومؤهل من مركز التدريب المعتمد، ونقدّم الإسعافات الأولية وتدريبات عن الصحة الغذائية والتوعية لجميع الطلاب والكادر.
وفي ما يخص توافر الخدمات الطبية داخل المدرسة، قالت: «تحتوي المدرسة على عيادتين مجهزتين، واحدة خاصة بالطالبات وأخرى بالطلاب، مع ممرضين مختصين، تشمل العيادتان جميع مستلزمات الإسعافات الأولية والأجهزة الطبية اللازمة للحالات الطارئة، والمدرسة تتواصل دورياً مع أولياء الأمور عن الحالة الصحية للطلاب، والتواصل المباشر مع ولي الأمر عبر الهاتف أو «واتساب»، وفي حال تعذر ذلك، يتواصل مع المشرف الإداري لضمان سرعة التواصل».
تعاون أولياء الأمور
وأوضحت ميغا ناديني غيركومار، ممرضة في إحدى المدارس الخاصة، أن الملف الصحي للطالب، شخصي يحتوي على البيانات الشخصية والصحية، وسجل التطعيمات، وتاريخ طبي يشمل معلومات الأسرة، وتشمل البيانات الأساسية في الملف جميع المعلومات الصحية للطالب، مثل الأعراض المزمنة، وتفاصيل الحساسية، والأدوية الضرورية، لمراجعتها بشكل منتظم. وهذه الملفات تخضع للتحديث بداية كل فصل دراسي عبر استمارات يوقعها أولياء الأمور، وإرسال استبانات صحية لتحديث الحالات الجديدة.
وأشارت إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً بين المدرسة وأولياء الأمور في ما يتعلق بتحديثات الملف الصحي، حيث يجري إشعارهم عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف، واستمارات يوقعها أولياء الأمور لضمان اطلاعهم المستمر، وإجراء فحوص صحية دورية تشمل قياس كتلة الجسم، التي تساعد على متابعة الحالة الصحية للطالب.
وأوضحت أن جميع المعلومات الصحية للطلاب تُعامل بسرية تامة، حيث تحفظ الملفات الورقية في خزانة مقفلة والبيانات الإلكترونية محمية، ولا يطّلع عليها إلا المخولون.
الحالات الطارئة
وأكدت يسرى الحسيني زيدان، ممرضة في إحدى المدارس الخاصة، أن العيادة المدرسية تتمتع بالقدرة على التعامل مع الحالات الطارئة بمهنية وسرعة، حيث تشخّص الحالة على الفور والتواصل مع ولي الأمر إذا تطلب الأمر، وتُحفظ التقارير الخاصة بالحالات الطارئة في سجلات العيادة، وتضمّن في الملف الصحي للطالب لضمان متابعة دقيقة خلال العام الدراسي، وتسعى العيادة إلى التعاون الكامل مع أولياء الأمور في ما يخص الملف الصحي، حيث يبلغون بأي تغييرات أو تحديثات صحية، عبر وسائل الاتصال الرسمية، كذلك تُجرى فحوص دورية للطلاب بالتعاون مع بعض المستشفيات المحلية، لضمان الحفاظ على صحتهم العامة.
وأضافت أن العيادة جاهزة لتدريب الفريق الطبي والمدرسين على كيفية التعامل مع الطلاب الذين لديهم حالات صحية خاصة، ما يضمن استجابة فعّالة وسريعة لأي طارئ صحي، وتدمج المعلومات دورياً في الملفات الصحية لضمان تحديثها باستمرار، وبهذه الإجراءات، تسعى العيادة المدرسية إلى توفير بيئة تعليمية صحية وآمنة تسهم في تعزيز الوعي الصحي بين الطلاب وأولياء الأمور، وضمان سلامة الطلبة في المدرسة.
دعم العيادة المدرسية
عدد من الطلبة تحدثوا عن خدمات العيادات المدرسية، مطالبين بتوفير المزيد من الخدمات الصحية في المدارس، مثل وجود طبيب مختص لساعتين أو ثلاث ساعات بمعدل يوم في الأسبوع، ولا يقتصر دور العيادة على إعطاء التطعيمات فقط للطلبة، حيث قال محمد خالد أحمد، الطالب في الصف الثالث، بعد تلقيه التطعيم في العيادة المدرسية، حيث كان يشعر بالخوف والتوتر قبل الحقنة، وإن فريق العيادة قدّم له الدعم اللازم بطريقة احترافية، ما ساعده على التغلب على مخاوفه، حيث تحدثت معه الممرضة بلطف وشرحت كل شيء، وشعر بأنها تهتم به، وهذا جعله يشعر بالراحة.
وأوضح أن الممرضين استخدموا طرائق متنوعة، مثل توفير معلومات سهلة عن أهمية التطعيم وإعطائه بعض الوقت للاسترخاء قبل الإجراء، معرباً عن شكره لفريق العيادة.
وقالت أشجان مصطفى محمد، الطالبة في الصف التاسع، إنها تعرضت لأزمة ربو حادة خلال حصة الرياضة في مدرستها، بعد بذل مجهود كبير أدى إلى نقص في مستوى الأكسجين لديها، وسارعت العيادة المدرسية إلى التدخل فوراً، حيث قدمت لها جلسة بخار ساعدتها على استعادة تنفسها الطبيعي.
وأكدت أشجان أن سرعة استجابة العيادة المدرسية كانت حاسمة في تجاوز الأزمة، معربة عن تثمينها لجودة الرعاية الطبية في المدرسة، وانعكست على سلامتها وسلامة زملائها، قائلة: «يعكس هذا الموقف أهمية وجود عيادات مدرسية مجهزة وفرق طبية مدربة للتعامل مع الحالات الطارئة التي قد يتعرض لها الطلاب أثناء اليوم الدراسي». وقال كريم علاء: «قبل سنتين كنت في مدرسة ذات رسوم مرتفعة وانتقلت إلى مدرسة ثانية رسومها أقل، ووجدت العيادة المدرسية في المدرسة ذات الرسوم الأقل أفضل، وتعرضت لجرح أثناء اللعب في الاستراحة، وأسعفت في العيادة المدرسية مع الاهتمام بي، ما خفف توتري».
وطالب بتوفير خدمات تخصصية في المدارس، مثل وجود طبيب أمراض جلدية، ومختص الأنف والأذن والحنجرة وغيرها لتجنب تحويل الطلبة إلى المراكز الصحية.
0 تعليق