انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس قرارا قضائيا يعلق الرسوم الجمركية «المتبادلة» المفروضة منذ مطلع نيسان/أبريل على كل السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة، فيما حضت بكين البيت الأبيض على «إلغائها بشكل تام».
وفيما لم يعترض القضاة الثلاثة في المحكمة التجارية الدولية الأميركية في قرارهم، على إمكان واشنطن زيادة الرسوم الجمركية الإضافية على الواردات إلا انهم اعتبروا أن ذلك من صلاحية الكونغرس وأن ترامب تجاوز بذلك الصلاحيات المتاحة له.
ويشمل التعليق الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك والصين المتهمة بعدم التحرك كفاية لمواجهة تهريب الفنتانيل، فضلا عن الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 10 % التي فرضت في الثاني من نيسان/أبريل على السلع الداخلة إلى الولايات المتحدة والتي قد تصل إلى 50 % بحسب البلد المصدر.
من جهته، قال البيت الأبيض في تعليق نشره على حساب «الاستجابة السريعة 47» التابع له على منصة إكس، إن القرار «خاطئ بشكل واضح» مضيفا «نحن واثقون من أن هذا القرار سيتم نقضه بالاستئناف».
قبل ذلك، ندد ناطق باسم البيت الأبيض بالقرار الصادر عن «قضاة غير منتخبين» لا يملكون «سلطة أن يقرروا بشأن إدارة حالة طوارئ وطنية بالشكل المناسب».
وأضاف الناطق كاش ديساي «تعهد الرئيس ترامب أن يضع الولايات المتحدة أولا، وقررت الحكومة استخدام كل صلاحيات السلطة التنفيذية للاستجابة لهذه الأزمة واستعادة العظمة الأميركية».
وقدمت إدارة ترامب على الفور دعوى لاستئناف القرار، الذي منح البيت الأبيض مهلة عشرة أيام لإتمام الإجراءات التنفيذية لوقف الرسوم الجمركية.
وقدمت الحكومة طلبا، اطلعت عليه وكالة فرانس برس، لتعليق تطبيق القرار بشكل عاجل في حين تنظر محكمة الاستئناف في الموضوع، معلنة أنها مستعدة للجوء إلى المحكمة العليا للبت في هذا التعليق الموقت.
الرسوم غير المبررة
وجاء القرار في وقت يستخدم ترامب الرسوم الجمركية ورقة ضغط في مفاوضاته التجارية مع حلفائه وخصومه، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والصين.
وردّت بكين التي فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 145% قبل خفضها بشكل حاد لإفساح المجال للمفاوضات، على قرار المحكمة الأميركية داعية واشنطن إلى إلغاء هذه الرسوم.
وقالت الناطقة باسم وزارة التجارة الصينية هي يونغشيان خلال مؤتمر صحافي «تحث الصين الولايات المتحدة على الإصغاء إلى أصوات المنطق الصادرة عن المجتمع الدولي وأطراف وطنية مختلفة وإلغاء الرسوم الجمركية غير المبررة المفروضة من جانب واحد، بشكل تام».
أما رئيس الوزراء الكندي مارك كارني فقال أمام برلمان بلاده «ترحب الحكومة بقرار الأمس، وهو يؤكد موقف كندا الذي اعتبر هذه الرسوم الجمركية غير قانونية وغير مبررة».
لكن كارني أضاف «نعتقد أن علاقاتنا التجارية مع الولايات المتحدة لا تزال مهددة بشدة» بسبب الرسوم الجمركية التي لا تزال سارية على قطاع الصلب والألمنيوم والسيارات، معربا عن أمله في «تعزيز تعاوننا مع شركاء تجاريين وحلفاء موثوق بهم في جميع أنحاء العالم».
واعتبر القضاة في الحكم الذي اطّلعت عليه وكالة فرانس برس الأربعاء أنّه لا يمكن للرئيس أن يتذرّع بقانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977 الذي لجأ إليه لإصدار مراسيم رئاسية، «لفرض رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريبا».
وأضاف القضاة أن المراسيم التي أصدرها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض «تتجاوز السلطات الممنوحة للرئيس بموجب القانون» الذي يمكن اللجوء إليه في حالات الطوارئ الاقتصادية «لضبط الواردات عبر استخدام الرسوم الجمركية».
وأشارت المحكمة إلى أن هذا القانون «يسمح للرئيس بفرض العقوبات الاقتصادية اللازمة عند حصول حالة طوارئ اقتصادية لمواجهة تهديد +غير عادي وغير مألوف+».
وشدد القضاة على أن أي تفسير للقانون يمنح الرئيس «سلطة لا محدودة على الرسوم الجمركية مخالف للدستور».
لكن مستشار البيت الأبيض للتجارة بيتر نافارو قال في هذا الصدد «لا شك أن هذه حالة طوارئ اقتصادية. نعتقد أن لدينا حججا قوية».
سلاح تجاري رئيسي
ورأى زعيم الأقلية الديموقراطية في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس في بيان أن القرار يؤكد «أن الرسوم الجمركية تشكل استغلالا غير قانوني للسلطة التنفيذية».
وأتى قرار المحكمة بعد شكويين قدمتا في الأسابيع الأخيرة إحداهما من جانب تحالف يضم 12 ولاية أميركية لا سيما أريزونا وأوريغن ونيويورك ومينيسوتا، والثانية من جانب مجموعة شركات أميركية.
وأخذت الشكويان تحديدا على دونالد ترامب استخدام قانون لا يسمح له باللجوء إلى تدابير طارئة لفرض رسوم جمركية، وهي سلطة يمنحها الدستور للكونغرس. وقد استندت المحكمة إلى هذه الحجة في قرارها.
منذ عودته إلى البيت الأبيض، استخدم ترامب الرسوم الجمركية سلاحا رئيسيا في سياسته التجارية فضلا عن تحفيز الصناعة في البلاد والضغط على دول اخرى.
في الثاني من نيسان/أبريل فرض الرسوم الجمركية المسماة «متبادلة» والتي تشمل كل دول العالم قبل ان يتراجع أمام انهيار الأسواق المالية. وعلق الرسوم الجمركية باستثناء نسبة 10 %، لتسعين يوما لافساح المجال أمام مفاوضات تجارية.
وقال محللون في مجموعة كابيتال إيكونوميكس ومقرها لندن، إن القضية قد تُحال على المحكمة العليا.
وأضافوا «لكن من غير المرجح أن يُمثل ذلك نهاية حرب الرسوم الجمركية، بالنظر إلى الخيارات الأخرى المتاحة لإدارة ترامب لفرض الرسوم»، مشيرين إلى أن الرئيس الأميركي قد يسعى إلى استخدام بنود أخرى في القانون الأميركي أو الحصول على موافقة الكونغرس على الرسوم.
(أ ف ب)
0 تعليق