تفوق خيرية الإنسان المعاصر

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تفوق خيرية الإنسان المعاصر, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 12:34 صباحاً

من أهم أسباب تخلف العرب وانتشار الجماعات الإرهابية التي تسعى لإعادة إحياء الماضي والتاريخ هو النظرة الطوباوية غير الواقعية للماضي والتاريخ، والعيش ذهنيا في ذلك التصور الطوباوي غير الصحيح الذي هو أفيون العرب والمسلمين، والعلاج له أن يطالع الشخص كتب التاريخ القديمة فما فيها كفيل بجعله يعشق العصر الحديث ويعتبره أفضل من العصور الماضية من كل وجه؛ فالعصر الحديث حمى حقوق الإنسان حتى في الحرب، وزالت تقاليد التوحش كما في تقليد قتل جميع الذكور في عائلة السلطان العثماني عند توليه السلطة والصراعات الدامية في داخل الأسر الحاكمة كحرب الأمين والمأمون، فقيم التحضر الحديث منعت كل ذلك الشطط، ويكفي للدلالة على خيرية الإنسان المعاصر التي تفوق فيها على كل الأزمنة الماضية مسألة تبرع الأحياء بأعضائهم سواء لأقاربهم أو للغرباء والتبرع بالدم، وهو أمر عظيم لا يحظى بالتقدير اللازم، ومن يقومون به هم ملائكة في صورة بشر، وقاموا بفعل يعاكس كل غرائز الأنانية والبقاء الشخصي، وأيضا تركيب أطراف اصطناعية للحيوانات بدل قتلهم.

لن يمكن تقدير الخيرية المذهلة بعصرنا الحاضر حق قدرها حتى تتم مطالعة كتب تاريخ العصور السابقة، والتي تثبت أنه ليس صحيحا أنهم كانوا أفضل من أهل عصرنا، فالخيرية الاستثنائية التي تنسب للعصور السابقة قامت على انتقاء قصص فردية لأشخاص صالحين وتعميمها ليهيأ للقارئ أن كل أهل تلك العصور كانوا على هذه المثالية، قال ابن كثير في البداية والنهاية الجزء: 9 صفحة: 184 «فاحشة اللواط قد ابتلي بها غالب الملوك والأمراء، والتجار والعوام والكتاب، والفقهاء والقضاة ونحوهم، إلا من عصم الله منهم»، فالحقيقة هي أن التحضر والمدنية وشيوع التعليم والرفاه المادي في عصرنا الحديث لها أثر في ترقية أخلاق الناس وسلوكياتهم الفردية والجماعية بشكل يتفوق على كل العصور السابقة.

يمكن رؤية الفارق في أخلاق الناس وسلوكياتهم في عصرنا الحالي بين الدول الأكثر تطورا وتحضرا ورفاها وبين الدول الأقل تطورا وتحضرا ورفاها، وهذا هو السبب الأساسي لشعور الغرب بالتهديد من الهجرة المكثفة إلى بلدانهم، فهم يرون أن المجتمعات الأقل تطورا وتحضرا ورفاها تسودها سلوكيات سلبية مثل النظرة للنساء وكيفية معاملتهن، ويخشون أن تخل بالثقافة المتطورة الراقية في بلدانهم، ورغم أن هناك تضخيما إعلاميا لجرائم المهاجرين وتورطهم في الإرهاب لكن تبقى هناك حقيقة في انتشار الجريمة والإرهاب والتحرش بالنساء في المهاجرين أكثر من المواطنين وهذا سببه خلفيتهم الثقافية السلبية، ولذا كل دولة فيها مهاجرون تعرف جنسيات معينة بأنها الأكثر تورطا بالجريمة وبالسلوكيات المعادية للمجتمع، ورغم أنه تم سن قوانين لمحاربة الكراهية في الدول الغربية تحظر مثل هذا القول وتعاقب عليه بالسجن لكنه لا يخلو من حقيقة متعارف عليها.

حتى السياح الذين يزورون البلدان الأقل تطورا وتحضرا ورفاها يشتكون من تعرضهم لظواهر سلبية لا توجد في البلدان الأكثر تطورا وتحضرا ورفاها، وهي سبب أساسي لعزوف السياح والمستثمرين عنها رغم تمتعها بكل عوامل الجذب الطبيعية، بينما السياح والزوار للدول الأكثر تطورا وتحضرا ورفاها يرجعون بقصائد مدح لأخلاق الناس فيها ومعاملتهم وسلوكياتهم، كما حصل للشيخ عائض القرني عندما زار الغرب للعلاج وكتب مقالا في صحيفة الشرق الأوسط «الخميس 6 صفر 1429» بعنوان «نحن العرب قساة جفاة» قال فيه «وقد أقمت في باريس.. أشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، حسن التأدب مع الآخر، أصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة، أما نحن العرب فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة.. نحن مجتمع غلظة وفظاظة، فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق، وتصحّر في النفوس،.. ما السبب؟ قالوا: الحضارة ترقق الطباع.. أجد كثيرا من الأحاديث النبوية تُطبق هنا، احترام متبادل، عبارات راقية، أساليب حضارية في التعامل».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق