برأيي، أرى بأن شأن «الأمن الغذائي» لم يعد مؤرقا للمختصين والمهتمين والمتابعين كما كان في السابق، نظرا لقيام القطاع العام والقطاع الخاص بمبادرات مختلفة تتمثل في ابتكارات واستثمارات واستحواذات وجميعها يصب في «تأمين الغذاء»، وتتماشى مع مبادرات مماثلة في الأمن المائي وكذلك الأمن الدوائي، ويتم الإعلان عن هذه المبادرات بكثرة خلال السنوات الأخيرة.

وبخطى متسارعة وطموحات بلا حدود، تخطو المملكة بدعم سخي من قيادتها الرشيدة نحو المستقبل دون أن تترك مجالا لا تسعى لتحقيق الريادة فيه نحو تحسين جودة الحياة، كأحد مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، ولعل الأمن الغذائي يمثل ركنا أساسيا في هذا المستهدف، وهو ما تعكسه الانطلاقات والنجاحات المميزة للشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني «سالك».

وعبر 10 أعوام من النجاح تبوأت «سالك» - إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة - مكانة عالمية بارزة، لا سيما بفضل ما تتمتع به من قدرات في مجال الأمن الغذائي تتماشى مع تطلعات رؤية السعودية 2030، لتتوج جهودها مؤخرا بصفقة عالمية تضع بها المملكة على خارطة الأمن الغذائي العالمي.

نجحت شركة «سالك» مؤخرا في توقيع اتفاقية لزيادة حصتها في شركة «أولام» الزراعية القابضة من 35.43% إلى 80.01% بقيمة إجمالية تبلغ 1.9 مليار دولار بما يعادل 7 مليارات ريال، وتشمل هذه الاتفاقية خيارا لشراء «سالك» الحصة المتبقية بنسبة 19.99% خلال 3 سنوات من تاريخ إتمام الصفقة بما يتيح لها الانتقال إلى الاستحواذ الكامل مستقبلا مع الاستفادة من خبرة مجموعة أولام خلال مرحلة الانتقال.

ولمن لا يعرف «أولام» فإنها مجموعة سنغافورية رائدة عالميا في مجال الأغذية والزراعة، وتعد إحدى أكبر الشركات الزراعية العالمية في قطاع الأغذية والزراعة، وتتواجد في 30 دولة في 5 قارات عبر أكثر من 65 منشأة تصنيع ومعالجة وتخزين الحبوب يعمل فيها أكثر من 10 آلاف موظف، وتتمتع بقدرتها على مناولة 40 مليون طن سنويا فيما تبلغ قيمة إيراداتها السنوية 23 مليار دولار.

وتكمن أهمية هذه الصفقة في ما تتمتع به «أولام» من خبرات واسعة في عالم الإنتاج والتوريد والمعالجة والتصنيع والنقل والتوزيع، فضلا عن عملها في أهم المنتجات الغذائية العالمية من بينها القمح، الذرة، زيوت الطعام، الشعير، الأرز وحبوب الصويا، حيث يتركز عملها على الأسواق الاستهلاكية النهائية.

هذه الصفقة التاريخية ستساهم - بإذن الله - في تحقيق المستهدفات الوطنية للأمن الغذائي عبر ضمان توفر السلع لأساسية وتعزيز استدامتها، كما ستحقق الريادة في قطاع الحبوب والمنتجات المتنوعة لتعزز من سلاسل الإمداد ودعم الابتكار بما يعود بالفائدة على المستهلكين بشكل ملموس.

ومنذ انطلاق «سالك» فإن هدفها كان واضحا هو الاستثمار في قطاعي الأغذية والزراعية، من أجل تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق النمو والاستدامة عبر شراكات استراتيجية في جميع مراحل سلسلة القيمة بشكل متكامل وفعال يربط بين الأسواق العالمية والمحلية.

نحمد الله كثيرا، فالعمل على قطاعات مثل الغذاء والزراعة في مملكتنا ينمو بشكل متسارع ولا يقل أهمية عن تنمية القطاعات الأخرى مثل الصناعة والتعدين والتقنيات، فالرؤية بقيادة سمو الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، لم تترك أي قطاع يتخلف عن قطار التنمية الواعد، مع التركيز على الكفاءة والاستدامة.