هيبة حيسوسي: الملاكمة حمتني من «التنمّر».. والرياضة حصن العائلة

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حوار: مسعد عبدالوهاب
دقت مدربة ولاعبة الملاكمة والفنون القتالية التونسية هيبة محسن حيسوسي أجراس الخطر لوقاية الأجيال من المخاطر المتمثلة في أمراض العصر علاوة على الانحرافات السلوكية من جراء العادات غير المرغوبة التي يسلكها بعض الشباب نتيجة قلة الوعي وقصور الثقافة الرياضية.
شددت هيبة في حوار أجراه معها «الخليج الرياضي»على أن الرياضة هي السلاح المؤثر لوقاية الشباب من انحراف السلوك، وناشدت هيبة المؤسسات الرياضية العربية إيلاء الرياضة النسائية مزيداً من الدعم والاهتمام، مطالبة بإيلاء المرأة المزيد من الدعم على قدم المساواة بالرجل.
وحثت هيبة المقيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي تنحدر من أسرة رياضية، إذ إنّ والدها ملاكم سابق، علاوة على شقيقها الأصغر، والأسرة تشجع أبناءها على ممارسة الرياضة لما تمثله من سلاح فعال لمكافحة أمراض السمنة والسكري وضغط الدم المنتشرة بشكل متنامٍ في الآونة الأخيرة وبنسب مخيفة، مطالبة بوضع أطر عربية موحّدة تعلي شأن الرياضة لحماية الأجيال عبر تكثيف ممارساتها وتعظيم دورها في تحسين الصحة واللياقة البدنية والعناية بالقوام منعاً للتشوهات.
أجابت هيبة على تساؤلات عدة تتصل بالشأن الرياضي، ومسيرتها كملاكمة وقدمت نصيحتها للأسر من أجل حماية أبنائها.. ومحصلة الحوار في السطور التالية:
* متى بدأت مسيرتك الرياضية؟
- أمارس الرياضة منذ نعومة أظفاري في المدرسة ولكن بدأت مزاولتها بانتظام وتخصص في رياضة الملاكمة بعمر 15 عاماً وبالتحديد في نادي سبورتنج في منطقة الزهراء بتونس العاصمة.
عقدة التنمّر
* لماذا اخترت الملاكمة وهي من الألعاب القتالية غير الناعمة؟
- السؤال أعادني لطفولتي، توجد واقعة هي السبب المباشر لتوجّهي للملاكمة وشغفي بها لأتمكن من الدفاع عن نفسي بعدما عانيت التنمّر ولا أخفيك سراً لو قلت إن التنمّر سبّب لي عقدة في مرحلة الطفولة المبكرة، فقد كانت لي زميلة تضربني وكنت وقتها بعمر 7 سنوات في مرحلة الروضة والضرب فيه ما فيه من ألم نفسي مؤداه للميل إلى العزلة عن الناس وقد يصل الأمر إلى الخوف، وذات مرة كنت أشاهد فيلماً في التلفاز يتضمن منافسات ملاكمة فشدني جداً واختزنت لكمات البطلة في عقلي وتحولت إلى صورة ذهنية غرست قناعتي بحب اللعبة بحكم أنها من الرياضات القتالية التي تنمي صفات القوة والقدرة على الدفاع عن النفس، فضلاً عن أن أبي كان ملاكماً، وعلى الفور توجهت لممارسة الملاكمة بعمر 15 عاماً لسبب أني وجدت فيها ضالتي للدفاع عن نفسي.
* استوقفني أنك فتحتِ اتصالاً مع والدك في تونس ونحن نجري الحوار، لماذا؟
- أنا كما رأيت أطلب منه بعض المعلومات فهو من كان يصطحبني للذهاب إلى التدريبات، كما أنني بطبيعة الحال على الصعيد الشخصي عطشى لدفء وحنان الأب والأم، ولا تنسى أنني أعيش بعيداً من عائلتي، رغم أن الإمارات جعلت من قلبها وطناً يضم كل شعوب العالم من أشقاء عرب وأصدقاء.
* حدثيني عن نزالاتك وماذا أكسبتك؟
- لعبت بطولات محلية وحصدت الكثير من الميداليات المتنوعة والكؤوس وحصلت على الحزام الأسود وبطبيعة الحال لم أكن دائماً الرابحة، فالرياضة منطقها فيها الفوز والخسارة معاً، كنت أفرح عندما أفوز وأحزن وقت الخسارة، وقد تلقيت العديد من اللكمات في حياتي على الحلبة لكن«خشمي» لم ينكسر أبداً.
قفزة الأب توقف سيل الدماء
* ما أغرب موقف أو مفارقة عالقة بذاكرتك فوق الحلبة؟
- لعبت ذات مرة مع لاعبة أكبر مني بالعمر هاجمتني بقوة في البداية ثم وجهت لها لكمة خطافية قوية إلى وجهها فسالت منها الدماء بغزارة، قفز أبي الذي كان حاضراً إلى الحلبة بسرعة وخلصها من ثورتي، أبي هو أكثر من يعلم حال ابنته حين تنافس على الحلبة طوال مسيرتي التي دامت 9 سنوات قبل أن أبدأ دراستي في أكاديمية الطيران المدني بالعاصمة تونس.
* بصراحة.. هل أنت عنيفة؟
- على الحلبة لا شئ يغنيك عن القوة لتنتصر ولكن في إطار من الالتزام بقوانين اللعبة وقواعد التنافس الشريف فكل الملاكمين يصبحون خصوماً عند قرع جرس الحلبة ولا عزاء هنا للضعفاء.
* قلت إن والدك كان ملاكماً ماذا تعلمت منه؟
- القوة والجرأة والمسؤولية علاوة على الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية.
عودة
* لماذا تركت اللعبة وأنت مازلت عشرينية ويمكنك العطاء؟
- لقد راجعت نفسي مؤخراً بالفعل وقررت العودة إلى الحلبة من جديد بعدما شعرت بالفراغ والبعد عن الأهل وهذا عامل نفسي مؤثر بالطبع على الحالة المزاجية العامة للإنسان، وأنا حقاً سعيدة باستئنافي اللعبة في دولة الإمارات وبدأت التدريبات بالفعل وسأشارك في بطولة كبرى ستقام هنا وسأعلن ذلك لاحقاً وأود القول إنني لم أترك الملاكمة كلياً فأنا مدربة ملاكمة وفنون قتالية تجمع عدة رياضات لأنواع مختلفة من الملاكمة بالإضافة إلى الكيك بوكسينج، وأعمل أيضاً مدربة تنمية بشرية.
* ماذا تعلمت من مسيرتك الرياضية بشكل عام؟
- الرياضة نافذة مشرعة على القيم الإنسانية النبيلة، ذلك لأنها واسعة المهام من المنظور التربوي والإنساني وأنصح الأسر العربية ككل باستثمار الرياضة في تربية الأبناء وتعويدهم على مزاولتها منذ الصغر لتتحول إلى سلوك يومي يسود حياتهم وهذا في حد ذاته وقاية محمودة العواقب بعدما أصبح العالم قرية صغيرة بحكم العولمة.
كاريزما
* هل ترين أن الملاكمة رياضة مناسبة للمرأة؟
- لا أرى غضاضة في ممارسة المرأة لكل ألوان الرياضة بما فيها الملاكمة مادامت في إطار منظم يخضع لقوانين دولية ويحترم في الوقت ذاته العادات والتقاليد السائدة في المجتمع.
المساواة بالرجل
* ماهي الأمنية التي تحلمين بتحقيقها؟
- أتمنى من الأسر تحصين الأبناء بالرياضة لثبوت نجوعها من المنظور التربوي، كما أطالب بمساواة المرأة بالرجل رياضياً من حيث الدعم لأن المرأة العربية أثبتت جدارة وقدرة عالية في ميادين الرياضة وأصبحت بطلة أولمبية في الكثير من الألعاب وكم من رياضيات عربيات رفعن علم أوطانهن.
* كيف وجدت الرياضة النسائية في الإمارات؟
- عايشت الرياضة النسائية في الإمارات من كثب كمتابعة ومهتمة بالشأن، وفي هذا السياق أعجبني جداً اهتمام الجهات المسؤولة عن الرياضة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالملاحظ من كثب وجود مؤسسات رياضية خاصة بالرياضة النسائية وعلى سبيل المثال أكاديمية الشيخة فاطمة بنت مبارك، ومؤسسة الشارقة لرياضة المرأة إضافة إلى اللجان الخاصة بالمرأة في المجالس الرياضية والاتحادات والأندية، وهذا الاهتمام بتوفير منشآت عصرية خاصة برياضة المرأة حقق لها طفرة ونقلة هائلة أسهمت في تطورها ونمائها وحصدها للميداليات على المستويات الإقليمية والقارية والدولية ونأمل لها المزيد من التطور والازدهار.
* كلمة أخيرة؟
- أحذر الأسر في كل مجتمعاتنا العربية من ممارسة العنف الأسري ضد الأطفال فتأثيره المستقبلي فيما بعد خطير جداً ذلك لأنه بالتأكيد يذبح الرجولة والأنوثة، فرضاعة الخوف غير محمودة العواقب، كما أقول لكل الرجال لا تخافوا أو ترتابوا من قفاز الأنثى، فسريان مفعوله فوق الحلبة فقط لكنه معطّل تماماً في البيت فكونوا آمنين، فإن حواء خلقت لتكون نهراً يتدفق منه الحنان وأمّاً عظيمة لاتحيد عن رسالتها الأساسية في الحياة أبداً.

أخبار ذات صلة

0 تعليق