سقط عشرات القتلى والجرحى اللبنانيين عندما حاولوا دخول قراهم في الجنوب، وزعم الجيش الإسرائيلي الذي لم ينسحب بعد مهلة الستين يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، أنه أطلق طلقات تحذيرية، وأعلن الجيش اللبناني مقتل جندي وإصابة آخر بنيران إسرائيلية، وقالت الأمم المتحدة إن الظروف «ليست مهيّأة بعد» لعودة اللبنانيين إلى جنوب لبنان.
وفي ظل استنكار رسمي وشعبي في بيروت، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أمس الأحد، أن 22 شخصاً قُتلوا بينهم 6 سيدات وعسكري في الجيش اللبناني، وأصيب 124 آخرون على الأقل بينهم 12 سيدة ومسعف، بنيران قوات إسرائيلية، مع اندفاع مئات اللبنانيين منذ الصباح الباكر ومحاولتهم على متن مركبات أو مشياً، دخول بلدات وقرى حدودية لم ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، في يوم انقضاء مهلة انسحابه من مناطق حدودية توغل فيها خلال الحرب مع «حزب الله».
وأكدت إسرائيل أن قواتها ستبقى لما بعد المهلة، بينما اتهمها الجانب اللبناني بـ«المماطلة».
وشوهدت مواكب من مئات السيارات والدراجات النارية يرفع بعض من ركابها شارات ورايات النصر، تتجه نحو مناطق لا يزال الجيش الإسرائيلي فيها. وأظهرت اللقطات أشخاصاً يتقدمون نحو سواتر ترابية تقف خلفها مركبات للجيش الإسرائيلي عند مدخل قرية كفركلا. كما تقدمت مواكب سيّارة نحو قرى أخرى منها ميس الجبل وعيتا الشعب وحولا.
وأعلن الجيش اللبناني مقتل جندي وإصابة آخر على طريق مروحين الضهيرة- صور وإصابة آخر في بلدة ميس الجبل- مرجعيون نتيجة استهدافهما بإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي، في سياق اعتداءاته المتواصلة على المواطنين وعناصر الجيش في المناطق الحدودية الجنوبية.
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق النار«بهدف إبعاد وإزالة تهديدات في عدة مناطق تم رصد مشتبه فيهم يقتربون منها». وأوضح «تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم في المنطقة بعد أن تحركوا بالقرب من القوات وشكلوا تهديداً حقيقياً... حيث يتم التحقيق معهم».
وأكد الجيش اللبناني أنه «يواكب دخول المواطنين» إلى بلدات حدودية، داعياً إياهم إلى«ضبط النفس واتباع توجيهات الوحدات العسكرية حفاظاً على سلامتهم».
ودعا الرئيس اللبناني جوزيف عون سكان جنوب لبنان إلى«ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا وتأمين عودتكم الآمنة إلى منازلكم وبلداتكم». وشدد في بيان على أن«سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم».
وبموجب الاتفاق المبرم بوساطة أمريكية، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوماً، (أي بحلول 26 يناير)، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل). وأكدت إسرائيل أنها لن تنسحب ضمن المهلة نظراً لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق«بشكل كامل». في المقابل، ندد الجيش اللبناني بـ«المماطلة» الاسرائيلية في الانسحاب، مؤكداً أنه جاهز لاستكمال انتشاره بمجرد خروج تلك القوات.
ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أمس الأحد«الدول التي رعت تفاهم وقف النار إلى تحمّل مسؤولياتها واجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي يحتلها».
في المقابل، ذكرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام أرولدو لاثارو، في بيان مشترك أمس الأحد، أن الظروف «ليست مهيأة بعد» لعودة اللبنانيين بأمان إلى قراهم الواقعة على طول الخط الأزرق جنوب لبنان. وقالا إن الجداول الزمنية المحددة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وأوقف الحرب العام الماضي لم يتم الوفاء بها، وحثّا إسرائيل ولبنان على إعادة الالتزام.
ورغم سريان الهدنة، أعلنت إسرائيل مراراً تنفيذ ضربات ضد منشآت أو أسلحة للحزب، بينما يفيد الإعلام الرسمي اللبناني بشكل دوري عن قيام القوات الإسرائيلية بعمليات تفخيخ وتفجير لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية حيث ما زالت تنتشر.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية السبت أن الرئيس عون الذي كان قائداً للجيش حتى انتخابه رئيساً للجمهورية في التاسع من يناير، أكد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة إلزام إسرائيل تطبيق الاتفاق «ووقف انتهاكاتها المتتالية، لا سيما تدمير القرى المحاذية للحدود الجنوبية، وجرف الأراضي، الأمر الذي سيعيق عودة الأهالي إلى مناطقهم». وكان «حزب الله» حذّر في بيان الخميس من أن عدم احترام إسرائيل مهلة الانسحاب«يُعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً»، من دون أن يحدّد طبيعة ردّه على ذلك. واتّهم النائب عن الحزب علي فياض إسرائيل باعتماد سياسة «الأرض المحروقة» في جنوب لبنان حيث احتلت مناطق واسعة بين العامين 1978 و2000. وقال إن تبرير إسرائيل لعدم الانسحاب هي«مجرد ذريعة واهية، هدفها استكمال سياسة الأرض المحروقة غير القابلة للحياة» في المناطق الحدودية. ورأى أن ذلك هدفه أن يجعل«عودة الأهالي أمراً متعذراً، ويجعل من عملية إعادة البناء والإعمار للبنى التحتية والمنازل، مسألة شائكة تحتاج إلى سنوات عديدة».(وكالات)
0 تعليق