التعامل مع الصراعات في الفريق: استراتيجيات القيادة الحكيمة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التعامل مع الصراعات في الفريق: استراتيجيات القيادة الحكيمة, اليوم الأحد 26 يناير 2025 09:33 مساءً

في صباح مزدحم داخل أحد المكاتب، كان الصخب مألوفا، لكن شيئا مختلفا كان يخيم على الأجواء. على طاولة الاجتماع، كان النقاش يحتدم بين فهد وسالم، عضوي الفريق، حول مسار مشروع مهم. بدا أن كلا منهما متمسك برأيه، وكلما تقدم النقاش زاد التوتر بينهما. لم يكن الأمر مجرد خلاف حول تفاصيل العمل، بل كان سوء فهم أعمق قد تراكم على مدار الأسابيع.

كان الجميع في الغرفة يراقب الموقف بصمت، في انتظار تدخل فيصل، قائد الفريق. لم يكن فيصل غريبا عن مثل هذه المواقف؛ كان يعلم أن الصراعات جزء طبيعي من العمل الجماعي، لكنها قد تتحول إلى قوة مدمرة إذا لم يتم التعامل معها بحكمة. تشير دراسة أجرتها Harvard Business Review إلى أن الصراعات التي تدار بشكل غير صحيح تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25%. لكن في المقابل عندما تُدار الصراعات بذكاء فإنها تعزز الإبداع وتحسن الأداء الجماعي بنسبة تصل إلى 30%.

بنبرة هادئة قال فيصل "لنأخذ استراحة قصيرة، ثم نعود لنتحدث بهدوء ونجد حلا يناسب الجميع".

في الجلسة التي أعقبت ذلك لم يبدأ فيصل بفرض رأيه أو توجيه الأوامر. بدلا من ذلك طلب من فهد أن يشرح وجهة نظره دون مقاطعة، ثم أعطى سالم الفرصة نفسها. هذا الأسلوب، الذي يبدو بسيطا، كان المفتاح لفك شيفرة المشكلة. وفقا لتقرير صادر عن American Management Association، فإن 62% من القادة يرون أن الخلافات المنظمة داخل الفرق تسهم في تطوير الأفكار الإبداعية وتحفيز الابتكار. إدراك فيصل لهذه الحقيقة جعله يتعامل مع الخلاف على أنه فرصة للتعلم وليس عقبة يجب تجاوزها.

بعد الاستماع بعناية، أعاد فيصل توجيه النقاش نحو الهدف المشترك الذي يجمع الجميع: نجاح المشروع. قال "نحن نعمل لتحقيق نتيجة واحدة، وكل فكرة هنا تسهم في تحقيقها. دعونا ننظر إلى هذا الاختلاف كفرصة للتوصل إلى حل مبتكر." تشير دراسة أخرى نشرتها مجلة Journal of Applied Psychology إلى أن الاستماع الفعّال من قبل القادة يقلل التوتر بين أعضاء الفريق بنسبة 40%، ويزيد من احتمالية الوصول إلى حلول مرضية بنسبة 55%.

لم يكن الأمر سهلا، لكن هذه الطريقة أوجدت مساحة للحوار البناء. بفضل مهارة فيصل في إدارة الصراعات، وجد الفريق حلا يرضي الطرفين، والأهم من ذلك زادت ثقتهم بأنفسهم وببعضهم بعضا.

القائد الحكيم يدرك أن الصراعات ليست عدوًا يجب تجنبه، بل فرصة لتقوية الفريق. تقرير من Gallup يوضح أن التواصل المفتوح يقلل من احتمالية نشوء صراعات مدمرة داخل الفرق بنسبة 70%. عندما تُدار الخلافات بشكل صحيح، تصبح أداة للتعلم وتعزيز التواصل. يتطلب الأمر مهارات متعددة، مثل الاستماع الفعّال، القدرة على توجيه النقاش بحيادية، والمرونة في إيجاد الحلول.

فيصل لم يحل المشكلة فحسب، بل خلق بيئة جعلت فريقه أكثر استعدادا لمواجهة تحديات المستقبل. لقد علّمهم أن الاختلاف في وجهات النظر ليس تهديدا، بل فرصة لتوسيع الآفاق والوصول إلى نتائج أفضل.

وفي النهاية تبقى القيادة الحكيمة هي التي ترى في الصراعات فرصا للنمو، وتحوّلها من لحظات توتر إلى نقاط انطلاق نحو نجاحات جديدة.

ومضة "لا يُقاس القائد بغياب النزاعات في فريقه، بل بقدرته على توجيهها نحو الحلول". نيلسون مانديلا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق