طوكيو - أ ف ب
تواصل السيدة تيروكو ناكازاوا، التي تبلغ من العمر 83 عاماً، تقديم المساعدة في إعادة دمج السجناء السابقين إلى المجتمع، في إطار برنامج تطوعي ياباني يُعرف باسم «هوغوشي»، رغم أنها لم تتلقَّ أي مكافأة مالية عن أعمالها التي استمرت لعقود، إلا أن مساهمتها كانت حاسمة في مساعدة هؤلاء المفرج عنهم على التكيف مع حياتهم الجديدة بعيداً عن الجريمة.
تتمثل مهمة «هوغوشي» في توفير الدعم النفسي والمساعدة العملية للأشخاص الذين تم الإفراج عنهم من السجون، إذ يقوم المتطوعون مثل ناكازاوا، التي أنهت عملها التطوعي في 2018، باستقبال المفرج عنهم في منازلهم مرتين شهرياً للتحدث معهم وتناول الشاي، دون أن يتلقوا أجراً مقابل ذلك.
وتُعتبر هذه المبادرة جزءاً من برنامج حكومي مستمر منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، يهدف إلى تقليل معدلات الجريمة في اليابان من خلال بناء الثقة بين المفرج عنهم والمجتمع.
يشير العديد من الخبراء إلى أن «هوغوشي» يمثل رمزاً للإيثار والمحبة الإنسانية التي تلعب دوراً في تقليص الجرائم التي يمكن أن تحدث بعد السجن.
دور «هوغوشي» في تعزيز الاستقرار الاجتماعي
يعتبر المتطوعون في هذا البرنامج بمثابة مرشدين للمدانين السابقين، حيث يستمعون لهم ويساعدونهم في عملية الاعتذار والتكفير عن أخطائهم، مما يسهم في منحهم الأمل في حياة أفضل، العديد من المستفيدين من هذه المبادرة، مثل أحد الأشخاص، البالغ 34 عاماً، يعترفون أن «هوغوشي» مثلوا لهم دور الجدة التي تجنبهم ارتكاب الأخطاء.
نموذج متميز يمكن أن يُحتذى به عالمياً
أكدت الأستاذة كارول لوسون من جامعة طوكيو أن نظام «هوغوشي» قد نجح بشكل كبير في اليابان، وهو ما دفع بعض الدول مثل الفلبين وتايلاند وكينيا إلى تبني برامج مشابهة، تضيف: إن فكرة نجاح هذا النظام في مناطق ذات أنظمة قضائية مختلفة قد تكون صعبة، خاصة في الأنظمة القمعية.
تحديات المستقبل
رغم النجاح الذي حققه برنامج «هوغوشي»، إلا أن التحدي الأكبر يتمثل في الحاجة إلى تجنيد مزيد من المتطوعين، خاصة وأن أغلبية «هوغوشي» الحاليين تجاوزت أعمارهم الستين عاماً، كما أن بعض الحالات المؤسفة، مثل الحادث الذي تعرض له أحد المتطوعين للطعن على يد أحد المدانين، تبرز المخاطر المحتملة لهذه المهمة النبيلة.
تجارب إنسانية تلهم الآخرين
السيدة ميكو كامي، التي بدأت مهمتها كـ«هوغوشي» في سن الـ74، تجسد المثال الإنساني لهذا العمل التطوعي، تقول كامي: إن تعاملها مع المفرج عنهم يساعدهم في تجاوز تحديات حياتهم ويمنحهم شعوراً بالأمان والقبول، تضيف: «أحياناً، أقول لنفسي، لا مفر من أن يصبحوا هكذا»، مؤكدة أن مهمتها أصبحت ذات طابع عاطفي يتجاوز مجرد المساعدة المادية.
إن برنامج «هوغوشي» لا يُظهر فقط قدرة المجتمع الياباني على تقليص الجريمة، بل يعكس أيضاً قوة التعاطف والإنسانية في إعادة بناء الأرواح المكسورة، مع توفير الأمل لعدد كبير من المفرج عنهم في محاولة للعيش حياة أفضل.
0 تعليق