أيام المكس الساحرة.. حكايات من تاريخ الإسكندرية

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

القاهرة: «الخليج»
تتراص مساكن الصيادين في المسافة الأخيرة لترعة المحمودية العذبة، قبل التقائها مع مياه المتوسط في مشهد بديع، يحول منطقة المكس التابعة لحي العامرية بالإسكندرية، إلى ما يشبه لوحة فنية رائعة الجمال، تقترب في كثير من تفاصيلها من مدينة البندقية في إيطاليا، لكنها لا تخلو من مسحة شعبية واضحة، حولتها على مدار عقود إلى ملتقى للفنانين والأدباء والشعراء، والعامة من بسطاء الناس.
ترجع العديد من الدراسات، تاريخ إنشاء المنطقة إلى بدايات القرن الثامن عشر، بالتزامن مع قرار محمد علي باشا والي مصر، شق ترعة المحمودية، لربط الإسكندرية بمجرى نهر النيل عبر فرع رشيد، وتسهيل نقل البضائع من الميناء إلى القاهرة، ما أدى إلى ظهور مجتمع من الحرفيين والعاملين بمهنة الصيد في المنطقة التي لم يكن يتجاوز عدد سكانها في عام 1884 على 417 مصرياً، قبل أن تدب الحياة في أوصالها، نظراً لموقعها الفريد.
وتنتشر في المنطقة العديد من الأبنية والفنادق والكازينوهات التي كان يُقبل عليها الأثرياء في تلك الفترة، للاستمتاع بأجوائها الساحرة، وتناول أشهى المأكولات البحرية من الأسماك الطازجة.
يحترف معظم قاطني منطقة المكس صيد الأسماك بقوارب صغيرة تعمل في المنطقة بين التقاء مياه ترعة المحمودية، ومياه المتوسط، ما يضفي على أسماك تلك المنطقة مذاقاً فريداً، قبل أن يعود الصيادون إلى بيوتهم في نهاية النهار، فرحين بما آتاهم الله من رزق، ويعاودون الكرة في اليوم التالي.
بيوت الصيادين
تمتد بيوت الصيادين في المنطقة، على امتداد نحو كيلومتر على جانبي ترعة المحمودية، بنسق معماري بدائي يأخذ شكل المدرج، بحيث ترى كل البيوت مياه البحر بلا فواصل، ما يتسق مع طبيعة المكان، في مشاهد تعكس متناقضات الحياة، ما بين عشرات من البسطاء الذين يتدفقون على المنطقة كل صباح، للفوز بصفقة من الأسماك رخيصة السعر، مقارنة بأسعار الأسواق الكبيرة في مدينة الثغر، وبين عشرات الأثرياء الذين يتدفقون عليها أيضاً، لتناول أشهي المأكولات البحرية، والاستمتاع بأجوائها الساحرة، ومراقبة الصيادين من أبناء المنطقة في رحلة عملهم اليومية التي تتضمن إلى جانب الصيد، أعمال إصلاح المراكب وصناعة غزل شباك الصيد، وغيرها من الأمور المتعلقة بمهنة الصيد. ويطل فنار الإسكندرية القديم على منطقة المكس مثل حارس عجوز لبوابة الترعة من ناحية البحر، وقد أنشئ في عهد أسرة محمد علي باشا، ليكون بديلاً للفنار القديم الذي غرق أسفل مياه المتوسط.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق