متابعات – «الخليج»
في مشهد مؤلم ومؤثر، ودَّعت الإعلامية اللبنانية عبير رحال جمهورها بكلمات تحمل في طياتها وجعاً لا يمكن تجاهله: «لم أكن غبية عندما اخترت الصمت أو الابتعاد، وسأظل ملجأً لمن يقدرني وأبحث عن الأمان...» تلك الكلمات التي أعلنت نهاية مأساوية لقصتها مع العنف، بعدما قُتلت برصاصة في رأسها على يد زوجها، في جريمة وقعت أمام المحكمة التي كانت تنظر قضية الطلاق بينهما.
هذه الحادثة لم تكن وحدها، فقد كشفت عن واقع مؤلم للعديد من النساء، حيث تتكرر جرائم القتل بسبب رفضهن الاستمرار في علاقات مؤذية، ليزداد التهديد الذي يواجههن في ظل مطالب متزايدة بتوفير حماية حقيقية وعقوبات رادعة لهذا النوع من الجرائم.
جرائم هزت المجتمع العربي
وتكررت في الآونة الأخيرة الجرائم المروعة التي هزت المجتمع العربي، من مقتل عبير رحال إلى شيماء جمال، وخلود السيد، وإيمان إرشيد، ونيرة أشرف، ليزداد القلق من تفشي هذه الظاهرة التي أصبحت تترك آثاراً لا تمحى في قلوب الكثيرين.
وتشير الأرقام إلى أن ما يقارب 60% من جرائم قتل النساء تقع على يد شركاء حياتهن أو أفراد أسرهن، تستدعي وقفة جادة من المجتمع لوضع حد لهذه المأساة، وحماية النساء من براثن العنف.
تزايد الضحايا بسبب رفض العلاقات
ومن أشهر تلك الجرائم، حادثة الإعلامية المصرية شيماء جمال التي قُتلت في يونيو 2023 على يد زوجها الذي دبر جريمته بمساعدة شريكه. الزوج استدرجها إلى مزرعة معزولة بمحافظة الجيزة بدعوى شرائها، ثم قتلها ودفنها. وأكد الزوج خلال التحقيقات أنه كان تحت ضغط دائم بسبب طلباتها المالية وتهديدها بكشف زواجهما السري.
وفي مصر أيضاً، لقيت خلود السيد في شهر أكتوبر 2022 حتفها على يد خطيبها الذي برر فعلته بغيرته المفرطة عليها، بينما هزت جريمتا قتل إيمان إرشيد في يوليو 2023 ونيرة أشرف في بداية 2023 الرأي العام العربي. الأولى، طالبة أردنية، قُتلت داخل الحرم الجامعي لكلية التمريض بالأردن بسبب رفضها الارتباط بشاب كان يريد الزواج منها. أما نيرة، وهي طالبة مصرية، فقُتلت طعناً أمام زملائها في جامعة المنصورة من شاب رفضت استكمال العلاقة معه.
أرقام مقلقة لجرائم قتل النساء
وتُظهر الإحصاءات الحديثة حجم المشكلة التي تواجهها النساء في العالم. وفقاً لتقرير صادر عام 2023، تم قتل 85 ألف امرأة وفتاة عمداً، حيث ارتكب الشريك الحميم أو أحد أفراد الأسرة 60% من هذه الجرائم، أي ما يعادل 51 ألف ضحية.
إفريقيا تسجل أعلى المعدلات
بحسب تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، سجلت إفريقيا أعلى معدلات قتل النساء على يد الشريك الحميم. وصرحت وزارة الأسرة والمرأة في تونس عن تفاقم ظاهرة العنف ضد المرأة، حيث وثقت 69 جريمة قتل للنساء في الفترة ما بين 2018 و2024.
الدعوة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة
إن تصاعد هذه الجرائم يتطلب استجابة حاسمة من الحكومات والمجتمع الدولي. لا يمكن تجاهل معاناة النساء اللاتي يدفعن حياتهن ثمناً لرفضهن الاستمرار في علاقات مؤذية. يجب تعزيز التشريعات وتكثيف التوعية المجتمعية لضمان حماية النساء ووضع حد لهذه الظاهرة المروعة.
0 تعليق