نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الديمقراطية في كوريا الجنوبية, اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024 03:36 مساءً
ومع ذلك فإن الطريق إلى الديمقراطية في كوريا الجنوبية لم يكن سهلا، بل كان مليئا بالتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شكلت تاريخا غنيا بالتغيرات والتحولات.
قبل أن تصبح كوريا الجنوبية دولة ديمقراطية، كانت شبه الجزيرة الكورية تحت الاحتلال الياباني من عام 1910م حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945م.
خلال فترة الاحتلال خاض الكوريون العديد من الحركات الوطنية والمقاومة ضد الحكم الياباني، أبرزها حركة الاستقلال في الأول من مارس 1919م، التي طالبت بالحرية والاستقلال.
وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية عام 1945م، قُسِّمت كوريا إلى منطقتين تحت تأثير القوى الكبرى: الشمال تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي، والجنوب تحت سيطرة الولايات المتحدة.
هذا التقسيم كان بداية التأسيس لنظامين سياسيين مختلفين في الكوريتين.
في عام 1948م، أُعلنت جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) كدولة مستقلة في الجنوب تحت قيادة "لي سيونغ مان"، الذي أصبح أول رئيس للبلاد.
رغم أن النظام كان يُعتبر ديمقراطيا من الناحية النظرية، إلا أن حكم لي سيونغ مان اتسم بالاستبداد والفساد.
استخدم الرئيس سلطته لقمع المعارضة وتعديل القوانين للبقاء في السلطة، مما أدى إلى اضطرابات سياسية واجتماعية.
في عام 1960م اندلعت ثورة شعبية ضد نظام لي سيونغ مان بعد فضيحة تزوير الانتخابات واتهامات بالفساد والقمع السياسي.
أدت هذه الثورة إلى استقالته وهروبه إلى المنفى في هاواي.
وبعد الإطاحة به، تم تأسيس حكومة ديمقراطية جديدة تُعرف بالجمهورية الثانية، لكنها كانت قصيرة العمر بسبب ضعفها السياسي وعدم قدرتها على معالجة الأزمات الاقتصادية.
في عام 1961م قاد الجنرال "بارك تشونغ هي" انقلابا عسكريا أطاح بالجمهورية الثانية، وأسس نظاما استبداديا تحت قيادته.
رغم أن حكم بارك شهد تحسنا اقتصاديا هائلا، حيث قاد كوريا الجنوبية نحو التصنيع والتنمية الاقتصادية، إلا أنه واجه انتقادات شديدة بسبب قمع الحريات السياسية وحقوق الإنسان.
بعد اغتيال بارك تشونغ هي في عام 1979م، استمر الحكم العسكري تحت قيادة الجنرال "تشون دو هوان"، الذي قمع الاحتجاجات الشعبية بعنف، أبرزها مجزرة غوانغجو عام 1980م، والتي كانت نقطة تحول في النضال من أجل الديمقراطية في كوريا الجنوبية.
في عام 1987م، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية الضخمة والمطالبة بالديمقراطية، وافق النظام العسكري بقيادة تشون دو هوان على إجراء إصلاحات ديمقراطية.
تم تعديل الدستور للسماح بانتخابات رئاسية مباشرة، وهو ما مهد الطريق لانتقال كوريا الجنوبية إلى الديمقراطية.
فاز "روه تاي وو"، الجنرال السابق، في الانتخابات الرئاسية الأولى تحت النظام الجديد.
ومع أن انتخابه أثار بعض الجدل، إلا أن المرحلة كانت بداية استقرار ديمقراطي حقيقي في البلاد.
منذ التسعينيات تطورت الديمقراطية في كوريا الجنوبية بشكل كبير. أصبحت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نزيهة وتنافسية، وبرزت أحزاب سياسية متعددة.
تداولت السلطة بين الأحزاب المختلفة، مما عزز من شفافية النظام السياسي.
وفي عام 1997م، شهدت كوريا الجنوبية حدثا تاريخيا عندما فاز "كيم داي جونغ" بالرئاسة، ليصبح أول رئيس من المعارضة يتولى الحكم في البلاد.
عُرف كيم داي جونغ بنضاله الطويل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 2000.
رغم التقدم الكبير لا تزال الديمقراطية في كوريا الجنوبية تواجه تحديات، مثل الفساد السياسي والاستقطاب الحزبي وتأثير الشركات الكبرى (التشايبول) على السياسة.
ومع ذلك فإن المجتمع الكوري يتمتع بمستوى عالٍ من الوعي السياسي، مما يعزز من قدرة النظام على مواجهة هذه التحديات.
تمر كوريا الجنوبية هذه الأيام بمرحلة حرجة للغاية وامتحان حقيقي للديمقراطية، حيث خسر الحزب الحاكم الانتخابات البرلمانية وأصبح الرئيس يون مكتوف اليدين، فقرر حينها فرض الأحكام العرفية لأول مرة منذ 1979م، وزعم أنه اتخذ هذا الإجراء لإنقاذ البلاد من القوى الظلامية.
ووصف البرلمان، الذي تسيطر عليه المعارضة، بأنه "وكر مجرمين" يسعون إلى "شل" الحكومة، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه بعد خروج المظاهرات إلى الشوارع ورفض البرلمان المصادقة على قراره.
تاريخ الديمقراطية في كوريا الجنوبية هو قصة كفاح طويل من أجل الحرية والعدالة، من الاحتلال الياباني إلى الحكم العسكري، ومن الثورات الشعبية إلى الانتخابات الحرة، أثبت الشعب الكوري قدرته على التغيير والمضي قدما نحو بناء دولة ديمقراطية حديثة.
اليوم تُعد كوريا الجنوبية نموذجا يحتذى به في التحول الديمقراطي والتنمية الاقتصادية في آسيا والعالم.
MBNwaiser@
0 تعليق