«نسج الزرابي» بين أوتار ضعف المداخيل بالمغرب

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قضت إيجا بنشري جلّ عمرها في نسج الزرابي مثل أغلبية نساء منطقة تازناخت الريفية جنوبي المغرب، حيث يعد هذا التقليد مورد عيش و«فناً فطرياً» في الوقت نفسه، على الرغم من هزالة حصتهن من سوقها الموجَّه أساساً للسياح.
وكانت البداية: «في سن 11 أو 12 عاماً حين رأيت نساء ينسجن ورغبت في تقليدهن على الرغم من أنني لم أكن أدرك ماذا يصنعن... بدأت أتعلم شيئاً فشيئاً فإذا بي أقضي حياتي كلها في نسج الزرابي»، كما تقول السيدة الستينية لوكالة فرانس برس جالسة قبالة آلة النسج التقليدية في بهو بيتها.
وتحتل الزرابي أجنحة خاصة في كل أسواق المدن العتيقة مستهدفة بالخصوص السياح الأجانب، وهي أيضاً من أهم صادرات الصناعة التقليدية في المغرب (نحو 22 % عام 2023)، وفق وزارة السياحة.
وتنسجها عادة نساء على آلات تقليدية بسيطة في البيوت أو في ورشات متخصصة. وتصنف بأنها طرازات تتنوع باختلاف منطقة المنشأ أو بين الزرابي الحضرية والريفية، حيث يتميز كل طراز عن الآخر بنقوشه وألوانه ومواده الأولية.
من بين أشهر تلك الأصناف زرابي القرى الجبلية المحيطة بمنطقة تازناخت الأمازيغية، في جبال الأطلس الكبير جنوب شرق المغرب، «حيث يعود هذا التقليد إلى قرون ويُتوارث أما عن جدة»، كما توضح صفية امنوتراس التي ترأس إحدى التعاونيات المحلية.
وكانت بين المشاركات في مهرجان سنوي يحتفي بالزربية المحلية ويسعى إلى الترويج لها أقيم أواخر نوفمبر/تشرين الثاني في مجمع للمعارض بتازناخت.
وعلى «صباغات طبيعية تستخلص من أعشاب محلية مثل الحناء والفوة أو الرمان والنيلة».
وكانت هذه الأعشاب المنتشرة في البيئة الجبلية المصدر الوحيد للصباغة، التي تستخرج منها بعد تجفيفها وطهوها، لتطلى بها خصلات الصوف قبل تحويلها إلى خيوط تصفف بشكل طولي لتنسج على آلة خشبية.
حالياً، عوضت الصباغات الصناعية النباتات الطبيعية بالنسبة لغالبية النسجات في المنطقة، لكونها أقل كلفة مادياً وزمنياً.
وتستغرق عمليات النسج بين أسبوعين إلى أربعة بحسب حجم الزربية، التي تبدو أشبه بلوحة فنية، حيث تختلف الزرابي في الألوان والنقوش.
وتستطرد صفية امنوتراس، موضحة أن نسج الزرابي «يتم بالفطرة ولا يعتمد على تصميم مسبق، وإنما يتبع الشكل الذي تريده المرأة وتعبر من خلاله عن مشاعرها سواء إيجابية أكانت أو سلبية».
على الجانب الآخر من جبال الأطلس الكبير غرباً، تُعرض جل تلك الزرابي في بازارات مراكش، العاصمة السياحية للمملكة، لتباع بأسعار قد تصل حتى عشرة أضعاف المبلغ الذي كسبته الصانعات.
ويمكن أن تصل إلى مبالغ خيالية في بعض منصات التسويق الإلكتروني.
وأنشئ في الآونة الأخيرة مجمع للمعارض في تازناخت لتشجيع نحو 30 تعاونية على عرض منتجات الصانعات مباشرة، على ما يفيد مديره محمد توفيق.
ويعتزم المجمع توفير تدريب على التسويق الإلكتروني، لفتح إمكانات جديدة أمام الصانعات.
لكنّ تراجع مداخيلهن، فضلاً عن منافسة الزرابي الصناعية العصرية، «يطرح اليوم إشكالية فقدان هذا التراث إذا لم يتم تثمينه ليصبح مربحاً مادياً»، وفق ما تنبّه امنوتراس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق