متلازمة "طلابي".. حالة بعض المعلمين المستعصية!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
متلازمة "طلابي".. حالة بعض المعلمين المستعصية!, اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 12:33 صباحاً

في عالم المعلمين، حيث الطبشورة تسود والسبورة تُملي قوانينها، تظهر بين الحين والآخر متلازمة غريبة تعرف بـ"متلازمة طلابي".

هذه الظاهرة تجعل بعض المعلمين يعيشون حياتهم وكأنهم لم يُخلقوا إلا للتحدث عن طلابهم، في البيت، في السوق، وحتى في حفل زفاف أحد الأقارب، تجدهم يربطون كل شيء بهم يرددون كلمة "طلابي" بمناسبة ودون!

فإذا سألت أحدهم عن الطقس، سيقول "دائما أقول لطلابي اهتموا بتقلبات الجو!" وإذا ناقشت موضوعا علميا سيقاطعك بحماسة "هذا ما كنت أشرح لطلابي قبل يومين!" أما إن تكلمت عن موضوع اقتصادي يقول "دائما أقول لطلابي هذا تعريف آخر للتضخم"، أما إذا أطل نجم ناجح على التلفاز، فستجده يشير بكل فخر "هذا أحد طلابي!" وكأن الكون كله يدين له بهذا الإنجاز.

عبارة "هذا أحد طلابي" عن كل ناجح سبق أن درسه فصلا دراسيا واحدا قبل نقله تأديبيا لمدرسة أخرى، تثير سؤالا وجوديا في داخلنا: حسنا يا أستاذ، ثم ماذا؟ لقد قمت بواجبك، أخذت راتبك، والمجد الآن لطالبك، ليس لك! بل لو انقلبت الأدوار وأصبحت أنت المعلم المشهور، لقال تلميذك "هذا معلمي"، وتحولت أنت إلى ماضٍ منسي. ولن تقول "طلابي".

دعنا نكن عادلين: إن كنت تتباهى بالناجحين، فكم من الفاشلين مروا تحت يدك؟ أو هل يعقل أن جميع من درستهم أصبحوا ملائكة نجاح؟ إذا كان الأمر كذلك، فأين حصة الرسوب والإخفاق؟ أين أولئك الذين وقعوا - شفاهم الله - في براثن المخدرات، والمحتالين، أعاذنا الله وإياكم منهم ومن حيلهم؟ أليس من الإنصاف أن تقول "وهؤلاء أيضا من طلابي؟"

ثم هناك تلك الجملة الأيقونية "أنا دائما أقول لطلابي..."، التي يبدو أن بعض المعلمين يستخدمونها وكأنها بطاقة تعريفهم الشخصية.

في المحافل العامة، تصبح هذه العبارة كالقنبلة تُقال بلا سياق، وفي غير محلها.

تخيل أنك تناقش قضايا اقتصادية مع بالغين، ليقف المعلم قائلا "أنا دائما أنصح طلابي بالادخار!" حقا؟ هؤلاء ليسوا مراهقين يعيشون على المصروف اليومي، بل أشخاص لديهم فواتير وأقساط!

ولا ينجو أعضاء هيئة التدريس في الجامعات من هذه المتلازمة، فهم نسخة متضخمة من المعلمين، حيث الجامعة ليست سوى مدرسة بحجم XXL.

يرددون العبارات نفسها ويمارسون العادات نفسها، لكن بفارق بسيط: بدلا من "هذا أحد طلابي"، يقولون "هذا أحد تلامذتي في الماجستير والدكتوراه!" وكأن العبارة تحتاج لتحديث مع تقدم الدرجة العلمية.

المصيبة الكبرى هناك نوع آخر، وهم بعض المعلمين المصابين بمتلازمة "طلابـي" ينسون كلمة "طلابي"، ولا يرددونها بلسان المقال بل يعيشونها بلسان الحال، حيث يتعاملون مع الجميع وكأنهم طلابهم! يشرحون كل شيء بطريقة مملة، يعيدون النقطة نفسها ألف مرة، ويبسّطون المواضيع حتى تشعر أنك في درس علوم للصف الخامس.

الأسوأ أن تجدهم في المناسبات الاجتماعية متحلقين حول طلابهم، تاركين أقرانهم من الرجال وكأنهم لم يولدوا في الجيل نفسه.

وفي التراث العربي، هناك باب بعنوان "معلم الصبيان"، تروى فيه نوادر المعلمين وأخطاؤهم.

وبالرغم من أننا لا نرغب في فتح هذا الباب، إلا أنه يذكرنا أن التعليم ليس بالضرورة مهنة تعصم صاحبها من الطرافة، أو أحيانا... من المبالغة.

ختاما، لا نقلّل من جهود المعلمين وأعضاء هيئة التدريس، فبينهم من هو رائع، نبيل، وقادر على تغيير حياة طلابه، ناجٍ من متلازمة "طلابي"، لكن - السادة المعلمين - إن كنتم ممن يعانون من "متلازمة طلابي"، فقد حان الوقت للعلاج: قليل من التواضع، وكثير من الواقعية، وحتما... المزيد من الابتعاد عن عبارة "هذا أحد طلابي!"

Halemalbaarrak@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق