نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرحمة أم الواجب؟ طريقان للحياة!, اليوم الاثنين 18 نوفمبر 2024 08:17 مساءً
اختيار جانب الرحمة في علاقاتنا مع الناس هو الخيار الأعلى أخلاقية على الإطلاق، وهو الخيار الذي حث عليه ديننا، ورغّب فيه، وجعل مكافأة تحقيق سلوك الرحمة بين الناس من أعظم المكافآت، ومع ذلك كان طريق "الواجب" حتميا مع الذين سيرفضون خيريّة الآخرين، وسيركلون أعمال الإحسان التي سيقدمونها من دون احترام أو اعتبار، فكان طريق "الواجب" مخرجا للتعامل مع هذه الفئة في المجتمع.
ومع حقيقة اضطرار الإنسان أحيانا لتحقيق مبدأ الواجب وتغليبه على مبدأ الرحمة، إلا أن البعض استصعبوا من البداية الذهاب إلى خيار التراحم مع الآخرين، وقرروا أن يبنوا حياتهم على أسس رياضية محاسبية، فكما تعطيني سأعطيك، وكلما نقص عطاؤك، لن تجد عندي سوى النقصان!
لعل هذا السلوك كان مقبولا بدرجة كبيرة في الأسواق على امتداد تاريخ البشرية، ولكن هل يمكن إقامة أسر ناجحة، وعائلات متآلفة، وتجمعات بشرية يجمع فيما بينهم إنسانية الحياة وليس المصالح وتكون مجتمعات متجانسة مترابطة وفق مبدأ "الواجب"؟!
من واجبنا اليوم ونحن نتناول هذه القضية أن ندرك بأن التوحش المادي الذي يعيشه العالم اليوم، ما جعل هذا العصر يستحق بجدارة أن يسمى "عصر المادة"، هذا التوحش مرشحٌ للازدياد والانقضاض أكثر على أرواحنا إن لم نأخذ قرارا شجاعا لإعادة نظرتنا إلى الآخر والمجتمع والناس في الاتجاه الصحيح.
الرحمة فضيلة عظمى، والواجب سلوك أخلاقي، وكثر لا يؤدون حتى واجباتهم! ومع ذلك تقود الرحمة في حياتنا الأرواح، بينما يقود الواجب النفوس، وشتان ما بين أن تكون الروح غالبة وبين أن تكون النفس راضية، ذلك أن النفس محال أن ترضى الرضى الكامل، ولكن بأخذنا قرار إعلاء قيمة الروح عليها، سترضى حتما وتطمئن.
اليوم، نحتاج كبشر أن ندرك بأن ما لا نراه ذا قيمة، قد يعني الكثير جدا. عفوك عن المسيء رحمة وهذا ينقلك إلى الدفع بالتي هي أحسن، فتستحيل العداوات بين الناس إلى ولاء! تغليب الرحمة على الواجب واجب، وضرورة، وعمل أخلاقي كلما كان ذلك ممكنا، ومتاحا ومنطقيا، ولا يترتب عليه تحقيق لأخطاء جديدة من الطرف الآخر.
0 تعليق