القدس - رويترز
يعتقد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيورا إيلاند، أن بلده تواجه أشهراً من القتال في غزة ما لم ينتهز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الفرصة التي أتاحها مقتل يحيى السنوار زعيم حركة «حماس» لإنهاء الحرب.
ومنذ مقتل السنوار هذا الشهر، كان إيلاند واحداً من كبار ضباط الجيش السابقين الذين شككوا في استراتيجية الحكومة في غزة، مع عودة القوات في وقت سابق من هذا الشهر إلى مناطق في الشمال، تم تطهيرها مرتين على الأقل من قبل.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، تعمل القوات الإسرائيلية في محيط جباليا، شمال غزة، وهي المرة الثالثة التي تعود فيها إلى البلدة، ومخيمها منذ بداية الحرب في 2023.
ويقول مسؤولون أمنيون سابقون، إن الجيش الإسرائيلي يغامر بالتورط في حملة مفتوحة المدة تتطلب وجوداً دائماً للقوات، بدلاً من النهج المفضل الذي يعتمد على اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة.
وقال يوم توف سامية، رئيس القيادة الجنوبية السابق: «الحكومة الإسرائيلية تتصرف بتناقض تام لمفهوم الأمن الإسرائيلي». وشمل جزء من العملية إجلاء آلاف الأشخاص من المنطقة، في محاولة للفصل بين المدنيين ومقاتلي «حماس».
ويقول الجيش الإسرائيلي، إنه نقل نحو 45 ألف مدني من المنطقة المحيطة بجباليا، وقتل مئات المسلحين خلال العملية. لكنه تعرض لانتقادات شديدة بسبب العدد الكبير من القتلى المدنيين الذين سقطوا، وواجه دعوات واسعة النطاق لتعزيز دخول إمدادات المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية.
وكان إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، هو المؤلف الرئيسي للمقترح الذي نوقش كثيراً والذي أطلق عليه «خطة الجنرالات»، والذي قد يؤدي إلى إخلاء شمال غزة من المدنيين بسرعة قبل القضاء على مقاتلي «حماس» هناك.
- اتهامات فلسطينية
وأثارت التحركات الإسرائيلية هذا الشهر اتهامات فلسطينية، بأن الجيش تبنى خطة إيلاند التي تصورها كإجراء قصير الأمد لمواجهة «حماس» في الشمال، لكن الفلسطينيين يرون، أنها تستهدف تطهير المنطقة لإنشاء منطقة عازلة بعد الحرب.
ونفى الجيش أنه يتبع أي خطة بهذا الشكل، ويعتقد إيلاند نفسه أن الاستراتيجية المتبعة لا تمثل خطته، ولا احتلالاً تقليدياً.
وقال إيلاند: «لا أعرف بالضبط ما يحدث في جباليا. لكن أعتقد أن القوات الإسرائيلية تفعل شيئاً يقع بين البديلين، الهجوم العسكري العادي وخطتي».
* لا خطة للبقاء
وأعلن نتنياهو، منذ بداية الحرب، أن إسرائيل ستعيد الرهائن إلى ديارهم، وتفكك «حماس»، وأنها لا تنوي البقاء في غزة.
لكن حكومته لم تضع قط سياسة واضحة للتعامل مع عواقب الحملة التي بدأت بدأتها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو 43 ألف فلسطيني في غزة، وتحول القطاع إلى أرض خراب إلى حد كبير، وهو ما سيتطلب مليارات الدولارات لإعادة إعماره.
ومنذ أشهر، ظهر على السطح خلافات بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت في انعكاس لانقسام أوسع بين الائتلاف الحاكم والجيش الذي لطالما فضل التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال، وإعادة الرهائن.
وفي غياب استراتيجية متفق عليها، تواجه إسرائيل خطر الغوص في مستنقع غزة في المستقبل المنظور، كما يقول عوفر شيلح، الباحث البارز في في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب.
وقال: «الوضع خطر جداً حالياً لإسرائيل. نتجه نحو وضع تعد فيه إسرائيل الحاكم الفعلي في غزة».
* هجمات كر وفر
مع تركيز الجيش الإسرائيلي حالياً على «حزب الله» اللبناني، انخفض عدد فرق الجيش المنخرطة في الحرب في غزة إلى اثنتين، مقارنة بخمس في بداية الحرب. ووفقاً لتقديرات إسرائيلية، فإن كل فرقة في الجيش تضم ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف جندي.
وقدر الجيش الإسرائيلي في بداية الحرب أن «حماس» لديها 25 كتيبة، ويقول إنها دُمرت منذ فترة طويلة، وإن ما يقرب من نصف قواتها، أو نحو 17 ألفاً إلى 18 ألف مقاتل، قُتلوا. لكن مجموعات من المقاتلين لا تزال تنفذ هجمات خاطفة بطريقة الكر والفر.
وقال مقاتل من «حماس»، جرى التواصل معه عبر تطبيق للدردشة: «نحن لا نقف مواجهة الدبابات فوق الأرض بشكل عشوائي، ونقوم باختيار أهدافنا». وأضاف: «نعمل بالطريقة التي تمكننا من الصمود والقتال أطول فترة ممكنة».
ورغم أن تلك الأساليب في القتال لن تمنع الجيش الإسرائيلي من التحرك في غزة متى أراد، فإنها لا تزال قادرة على فرض كلفة كبيرة على إسرائيل.
وقُتِل قائد اللواء المدرع 401 الإسرائيلي في غزة هذا الأسبوع، عندما خرج من دبابته للتحدث إلى قادة آخرين في نقطة مراقبة كان مسلحون زرعوا فيها عبوة ناسفة، ليصبح من بين أكبر القادة العسكريين الذين قتلوا في غزة منذ اندلاع الحرب. كما قُتل ثلاثة جنود اليوم الجمعة.
وقال مسؤول عسكري كبير سابق: «بعد مقتل السنوار، لم يعد هناك منطق يبرر البقاء في غزة».
وأضاف المسؤول السابق، أنه ينبغي تنفيذ عمليات «منهجية» محددة في المستقبل إذا أعادت حماس تجميع صفوفها واستأنفت الهجوم على إسرائيل، لكن ترك القوات بصورة دائمة في غزة يشكل خطراً كبيراً، ودعا إلى تخليص الرهائن، والخروج من القطاع.
وقال مكتب نتنياهو، الخميس، إن المفاوضين الإسرائيليين سيتوجهون إلى قطر، هذا الأسبوع للانضمام إلى المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن.
ولكن موقف «حماس»، ومن ستوافق إسرائيل على توليه إدارة القطاع عندما يتوقف القتال لا يزال غير واضح.
ونفى نتنياهو أي خطط للبقاء في غزة، أو السماح للمستوطنين بالعودة، وهو أمر يخشاه فلسطينيون.
ولكن الأحزاب المتشددة المؤيدة للمستوطنين في ائتلافه الحاكم وكثيرين في حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو لا يريدون شيئاً أكثر من إلغاء خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية التي طبقت في 2005، ونتج عنها إجلاء المستوطنين من غزة.
0 تعليق