نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القمة الخليجية - الأوروبية في ظل حرب غزة ولبنان, اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024 04:26 مساءً
فمنذ أول اجتماعات مجلس التعاون مع الدول الأوروبية تحت مختلف مسميات اللجان والوزارات منذ الثمانينات إلا أنه لم يحدث أي اجتماع على مستوى القمة الذي يمكنه أن يحدد المواقف والعلاقات، وهذه الاجتماعات على مستوى الوزراء المختلفين ساهمت في التمهيد لمشهد السادس عشر من أكتوبر 2024.
فضلا عن أن هذه القمة بالتحديد لم تأت إلا نتاجا لعدد طويل من الاجتماعات والمفاوضات شديدة الحساسية سياسيا واقتصاديا وأمنيا دخل فيها عدد كبير من اللجان من كلا الطرفين اللذين يمثلان عددا ضخما من العمل الدبلوماسي.
وعلى المستوى السياسي فقد كان عدد كبير من هذه الاجتماعات الممهدة يدور حول القضية الفلسطينية وضرورة أن يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا عادلا وحاسما بشأنها في ظل انقسام شديد، وقد جرت الكثير من التحسينات على المواقف الأوروبية خلال السنة الماضية كل دولة على حدا وكل سياسة بمفردها.
إن متابعة هذه السلسلة من المواقف المتضاربة لمثيرة للقلق لكن أيضا الأمل بأن هناك خيرا في بعض قوى العالم المتقدم، ولا سيما أننا نتحدث عن 27 دولة بالإضافة إلى الدول الأوروبية التي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، كالنرويج التي لعبت دورا هاما في تقريب وجهات النظر العربية المؤيدة لفلسطين مقابل الأوروبية المساندة لإسرائيل.
خرج بيان القمة المشتركة التي شرفها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وقادة دول الخليج الستة وقادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 وقيادة الاتحاد الأوروبي ومجلسه وهيئته، بصيغة واضحة في 12 صفحة من 57 نقطة.
ما استوقفني كانت بالطبع القضايا السياسية الخلافية القائمة اليوم. فعيون العالم كانت على بروكسل متأملة في بيان يدين إسرائيل وينصف فلسطين ويوقف الحرب والمساعدات العسكرية للكيان الصهيوني.
هذه كانت المؤملات، فضلا عن تفاصيل اقتصادية وثقافية وأمنية وبيئية وشعبية أخرى تحتاج لوقفات أخرى. فما الذي تحقق من هذه المؤملات؟ نجد أن النقاط من 35 إلى 42 كلها مخصصة لغزة، وبعدها لبنان وسوريا واليمن والعراق والسودان والصومال وإيران وأوكرانيا.
المحتوى الخاص بفلسطين كان يشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ونص مفصل يستعرض كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الأخيرة المنادية بوقف الحرب التام، الإفراج عن الرهائن، ومبادلتهم مع الأسرى الفلسطينيين، وفتح قنوات إيصال المساعدات الإنسانية غير المشروطة إلى سكان غزة وتوزيعها على قطاع غزة كافة.
ويذكّر البيان بالقانون الإنساني الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية لا سيما فيما يخص حماية المدنيين والأطفال، والبنية التحتية المدنية. ويضم البيان استنكار الهجوم على المدنيين والمباني المدنية، ويكرر الدعوة إلى تسهيل وتمكين المساعدة الكاملة والسريعة للشعب الفلسطيني عن طريق فتح كل المعابر تلبية لقرار الأمم المتحدة رقم 2735.
وقرار آخر بخصوص مساندة العمل الذي تقوم به الأونروا وبقية الهيئات الأممية، مع التأكيد على الدور الرئيسي الذي لعبته وتلعبه الأونروا في مساعدة اللاجئين في غزة وعبر المنطقة.
ثم تأتي نقطة التأكيد على الالتزام غير المحدود لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره عبر حل الدولتين بما يتوافق مع القانون الدولي وبقية قرارات الأمم المتحدة.
ويكمل البيان التفصيل في هذه النقطة. ثم يعود إلى الأسف على فقدان الأرواح الجم الذي وقع في غزة لا سيما للأطفال، مع الإشارة إلى المجاعة التي تحوم الآن حول غزة بسبب عدم وصول مساعدات إنسانية كافية إلى غزة.
كما يندد البيان بمهاجمة المدنيين وموظفي الإغاثة.
(يبدو اكتفوا بها عن الإشارة للصحفيين أو الطواقم الطبية).
ثم يتناول الضفة الغربية وما يجري فيها من اعتداء على حياة المدنيين خاصة الأطفال.
وينهي الفقرة بالترحيب بالتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي أعلنته السعودية مع الاتحاد الأوروبي والنرويج في 26 سبتمبر 2024 في نيويورك، وبالمبادرة السعودية، الأوروبية، العربية ومصر والأردن لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط التي طُرحت في سبتمبر 2023 في نيويورك، كما ترحب بالبيان البحريني الصادر في مايو 2024 والداعي لمؤتمر عالمي للسلام في المستقبل القريب.
ويقوم البيان أيضا إلى التنديد بما يجري في لبنان من تصعيد عسكري خطير أصاب الشعب اللبناني.
ويطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار والدعوة للعالم للمساعدة العاجلة في تقديم المساعدات الإنسانية.
ويذكر البيان بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 وقرارات الطائف لاستعادة الأمن والاستقرار في لبنان واحترام سيادتها على أراضيها والحدود المعترف بها.
ويندد بالاعتداء على اليونيفيل ويعبر عن القلق الشديد من هذا التصعيد. ثم يؤكد على ضرورة استعادة الحكومة اللبنانية لسيادتها والدعوة لانتخابات رئاسية والإصلاح الاقتصادي.
تفاصيل البيان المذكورة أعلاه تشير إلى اتفاق تم حول قضايا كانت خلافية لوقت طويل وما زالت ربما.
فما صرحت به وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك Annalena Baerbock بمساندتها الجيش الإسرائيلي في استهداف المدنيين بقولها "إن الإرهابيين يختبئون في المرافق المدنية"، والتي أطلقت عليها انتقادات واسعة، تمثل فئة كبيرة من الألمان.
وكذلك بعض الدول الأوروبية الأخرى أو أصوات رسمية فيها تقدم تصريحات متطرفة، أو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي حسّنت من تصريحاتها ومعاداتها لفلسطين المفضوح إلى خطاب أكثر دبلوماسية مؤخرا، حيث نددت بمواجهة غزة للمجاعة، دون الإشارة للمتسبب في ذلك، مما يشير إلى الانقسام القائم في الاتحاد الأوروبي والذي احتوته هذه القمة وبيانها المشترك.
ومن ناحية أخرى فإن هذا البيان أكد على عدد من القضايا التي أخذت بعض الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة تشكك فيها مثل هيئة الأمم المتحدة نفسها وقيادتها، أو احترام القانون الدولي الإنساني أو المحكمة الدولية.
فيؤكد البيان ومنذ النقطة الثانية في ترتيبه بأن الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي تقوم على تعزيز الأهداف المشتركة التي تقوم على احترام القرارات القانونية الدولية بما فيها ميثاق الأمم المتحدة، القانون الدولي الإنساني، والتعهد بحماية حقوق الإنسان العالمية.
والاتفاق على أن يكون الحوار الدبلوماسي هو الحل لكل النزاعات والابتعاد عن الحلول العسكرية.
لا شك أن هذه التأكيد على حقوق الإنسان والقوانين الدولية ومحكمة العدل ومنظمات الأمم المتحدة كلها، تعد من التوفيقات المهمة جدا في ظل الهزة التي أصابت الأمم المتحدة ومنظماتها تحت هجمات دولة الكيان الصهيوني منتهزة الفرصة في صمت الكثير من الدول ومراعاتهم له مما جعله يتمادى حتى تطاول على سكرتير عام الأمم المتحدة نفسه ومنعه من دخول فلسطين المحتلة.
إن الوصول إلى قرارات مشتركة من هذا القبيل يعد إنجازا في حد ذاته، لكن ما زالت بلا شك هناك القضايا الأخرى العالقة وربما على رأسها عدم وجود آلية تنفيذ أو جدول زمني لها، وعدم الإشارة إلى المساندة العسكرية التي تقوم بها العديد من دول الاتحاد والتي تغذي الحرب واستمرارها.. وعدم الإشارة إلى أي وسيلة ضغط ستمارس على الكيان الصهيوني لينفذ ما اتفق عليه الطرفان مما سيوقف المجاعة أو سيضمن حماية أرواح المدنيين أو عمال الإغاثة.
وها نحن في اليوم التالي والقصف مستمر على شمال غزة والمزيد من الضحايا من المدنيين والأطفال وحصار المستشفى الإندونيسي ونداءات الاستغاثة تنطلق منه مجددا ولا تجد مجيبا.
ولم يُفتح أي معبر بعد، والقتل والاستهتار ما زال مستمرا رغم بلوغ إسرائيل مبتغاها بالوصول إلى السنوار، لكن هذا لم يغير شيئا في المعادلة على أرض الواقع.
وما زالت هذه الدولة الاستعمارية المحتلة تقتنص ما يمكنها من الوقت لكسب المزيد من النقاط من دماء الشعب الفلسطيني قبل أن تستطيع أي جهة أو تقرر التحرك الفعلي.
وربما التحدي الأكبر لهذه القمة هي درجة التوقعات العالية التي رافقتها وما أعلنه القادة من استعدادهم للعمل معا لنشر الأمن والازدهار في المنطقة عن طريق منع ظهور وتصعيد الحروب وحل الأزمات.
فإلى أي حد بإمكانهم الالتزام بذلك؟
0 تعليق