عمارة العيون الملونة!!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عمارة العيون الملونة!!, اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024 03:33 صباحاً

تناول العديد من الباحثين بإسهاب مفهوم "العمارة الخضراء" و"العمارة التقليدية"، وكُتبت العديد من الدراسات والبحوث حول "العمارة المستدامة". وفي المقابل، أزعم أني أول من يكتب اليوم عن مصطلح "عمارة العيون المُلونة". هذه العمارة تعنى بالدراسات والبحوث والتقارير التي يعدها الخبير الأجنبي صاحب العيون الزرقاء أو الخضراء. إنها عمارة ذات عطاء وفير، تستلهم الخبرات والتجارب من الخبراء الأجانب وتدفع لهم بسخاء. قد يقول قائل، لا ضير في ذلك إذا كان ما يقدمه الخبير الأجنبي يفوق الخبير المحلي؛ لا سيما في مجال نقل المعرفة والحلول الخلاقة. نعم، لا ضير في ذلك إذا كان الخبير المحلي والخبير الأجنبي على قدر المساواة، يقاس عطاؤهم بالإنتاجية وفي ميزان واحد لا يتغير بالألوان.

قبل فترة وصلني بريد الكتروني من إحدى الجهات الكبرى تطلب فيه مراجعة تقرير عمراني وتم تذييل الطلب بعبارة جذابة كُتبت باللغة الإنجليزية مفادها "عزيزي الدكتور وليد إن دعمك ومساندتك لا يقدر بثمن" استغرقت بالتفكير العميق حول فحوى هذه العبارة لأتساءل لماذا جهدي لا يقدر بثمن؟ هل جهدي وصل لمرحلة لا يمكن معها تقييمه بثمن؟ لماذا يُمنح الخبير الأجنبي صاحب العيون الملونة ثمن أي جهد يقوم به حتى لو كان بسيطا؟ في حين يستبعد الخبير المحلي صاحب العيون السوداء ليطلب منه العمل بلا مقابل.

بالنسبة لي كباحث "محلي" أحاول دوما تقديم المساعدة والدعم والاستشارة في مجال تخصصي حسب القدرة. كما أشارك في تقديم المشورة للعديد من الباحثين؛ بل أعتبر ذلك من واجبات عضو هيئة التدريس. أما الأعمال التطوعية فأقدمها غالبا للجهات الخيرية بلا مقابل لا سيما إذا كان العمل مرتبطا بخدمة المجتمع. أحيانا يدفعني الشغف وحب مساعدة الآخرين إلى العمل بلا مقابل. كل ذلك يمكن أن يكون مقبولا ولا جدال فيه إذا ما أخذنا في عين الاعتبار خصائص الجهة التي يتم التعامل معها من كونها جهة خيرية أو تطوعية. لكن أن يصل الحال إلى مراجعة تقارير لجهات ومؤسسات كبرى ذات ملاءة مالية وبشكل مجاني فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا.

عفوا لن أعمل بلا مقابل، فأنا أريد ثمن هذا الجهد الذي سوف أبذله في المراجعة وإضافة أي مدخلات مستنيرة؛ فمهما كان الوقت المبذول فاستشارة الخبير ليس بالأمر الهين. لماذا أحرم من الثمن لأن عيني سوداء؟ إن مراجعة لا تستغرق ساعة أو استشارة هاتفية أو حتى مشاركة في استبيان يمكن أن تكون كفيلة بتطوير خطة عمرانية متكاملة. العجيب أن هذه الجهة نفسها لا تتوانى بالدفع بسخاء لأصحاب العيون الملونة وتوفر كل السبل اللازمة لراحتهم، وتنقلاتهم، وإقامتهم في أفخر الفنادق؛ ولكنها في المقابل، تطلب من الخبير المحلي أن يشارك بجهده ووقته مجانا وبلا مقابل؛ هكذا ببساطة لأن جهده لا يقدر بثمن!

نعم هذه الجهة نفسها لديها قواعد بيانات متكاملة حول الخبراء المحليين؛ فعندما ترفض المشاركة يتجهون إلى خبير آخر حتى يحصلوا على مبتغاهم وبشكل مجاني، فمن يحمي الأكاديميين والخبراء المحليين من إيميلاتهم المزعجة؟ أليس من الأولى الاتجاه نحو تقديم حوافز حتى لو كانت رمزية؟ كيف تطلب هذه الجهة وغيرها من العلماء والخبراء المحليين عمل مراجعات لترفع قيمة وجودة مخرجاتها وبلا مقابل؟ في حين تدفع بسخاء عندما يتعلق الأمر بالخبير الأجنبي.. إنها حقا "عمارة العيون الملونة"!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق