القاهرة: «الخليج»
تصدرت صورة الجندي النوبي المصري أحمد إدريس، مواقع التواصل الاجتماعي بعد رحيله بنحو ثلاث سنوات، احتفالاً بالدور البطولي الذي لعبه خلال حرب أكتوبر عام 1973، حيث يعد إدريس الذي غيبه الموت عن عمر ناهز الخامسة بعد الثمانين، صاحب فكرة الشيفرة التي استخدمت في مواجهة عمليات التنصت على اتصالات الجيش المصري قبيل حرب التحرير.
التحق الجندي المصري أحمد إدريس بالتجنيد قبيل شهور من قيام حرب أكتوبر عام 1973، وأُلحق بعد انتهاء فترة تدريبه بقوات حرس الحدود، قبل أن يطرح على قائده المباشر، فكرة استخدام اللغة النوبية في إرسال واستقبال التعليمات للوحدات العسكرية، بعد تعرض الشيفرة المستخدمة في ذلك الوقت للاختراق أكثر من مرة، استناداً إلى كون اللغة النوبية واحدة من اللغات غير معروفة الأبجدية، ويتم استخدامها فقط بين أبناء بعض القبائل النوبية في جنوب مصر.
وروى إدريس في مناسبات مختلفة، كيف أبلغ قائده بتلك الفكرة البسيطة رغم غرابتها، قبل رفع الأمر إلى الرئيس الراحل أنور السادات، الذي طلب إدريس على وجه السرعة، وأمره بالتكتم على الفكرة وعدم التحدث عنها نهائياً مع أي شخص، قبل أن تشرع أجهزة الأمن الحربي في ذلك الوقت، في جمع 344 جندياً مصرياً، يجيدون اللغة النوبية، لتصبح لغة للمراسلات العسكرية الشفاهية، والشيفرة الرئيسية التي تم استخدامها في الحرب، بعد تدريب الجنود النوبيين على أجهزة اللاسلكي الصغيرة، وتحديد الكلمات النوبية التي سيتم إطلاقها على الجنود والدبابات ومختلف الأوضاع العسكرية.
وتشير الوثائق التي أطلقتها وزارة الدفاع المصرية، في الاحتفال بذكري انتصارات أكتوبر، إلى الجملة النوبية «ساع آوي وأوشريا»، باعتبارها كلمة السر في تحديد يوم الهجوم في السادس من أكتوبر عام 1973، حيث تصدرت خطابات الحرب المغلقة التي تم توزيعها على القادة، والتي لم يتم فتحها إلا في الساعة الثانية إلا عشر دقائق من يوم العبور، حيث تعني كلمة «أوشريا» باللغة النوبية «اضرب» ما يعني إصدار الأمر لكل الوحدات ببدء إطلاق النيران، في «ساع آوي» التي تعني الساعة الثانية ظهراً، التي كانت تمثل ساعة الصفر وموعد بدء الضربة العسكرية القاصمة.
ويقول كثير من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين، إن استخدام الشيفرة النوبية، كان أحد الأجزاء المهمة، وربما الجزء الأهم في خطة الخداع والتضليل، التي استخدمتها القوات المصرية، لمفاجأة العدو خلال حرب التحرير، وظلت مستخدمة في المكاتبات العسكرية الحساسة، حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي.
0 تعليق