أعلن القادة العسكريون في مدغشقر، امس الثلاثاء، توليهم السلطة وتعليق عمل مجلس الشيوخ والمحكمة الدستورية العليا والهيئة الانتخابية ومؤسسات حكومية أخرى، وذلك عقب فرار الرئيس أندري راجولينا من البلاد في ظل احتجاجات شعبية واسعة وانقسامات داخل الجيش. فيما ندد راجولينا بما اعتبره «محاولة انقلاب» وأعلن استمراره في الحكم.
وقال الكولونيل ميكاييل راندريانيرينا، قائد وحدة «كابسات» في الجيش، عبر الإذاعة الوطنية: «تولينا السلطة»، مشيراً إلى أن جميع المؤسسات حُلّت باستثناء مجلس النواب الذي كان قد صوّت قبل دقائق على عزل الرئيس بتهمة «التخلي عن واجباته».
وأضاف أن الجيش سيتولى إدارة شؤون البلاد «حفاظاً على الأمن والاستقرار»، بعد أسابيع من الاحتجاجات التي قادها شبان من «الجيل زد» وانضمت إليها وحدات من القوات المسلحة. وجاء هذا التطور بعد أن أصدر راجولينا في وقت سابق مرسوماً بحلّ الجمعية الوطنية في محاولة لتفادي تصويت على عزله، معللاً خطوته بأنها «ضرورية لإعادة النظام وتعزيز الديمقراطية».
غير أن البرلمان مضى في إجراءات العزل، فيما أكدت مصادر معارضة ودبلوماسية أن الرئيس غادر البلاد، الأحد، على متن طائرة عسكرية فرنسية متجهاً إلى وجهة غير معلومة.
وقالت الرئاسة في بيان سابق إن اجتماع الجمعية الوطنية «غير دستوري» وإن أي قرارات صادرة عنه «باطلة ولاغية». لكن إعلان الجيش السيطرة على السلطة وتجميد عمل المؤسسات أكد انهيار التوازن الدستوري في الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي. وفي المقابل، دعت المحكمة الدستورية العليا، التي جُمّد نشاطها لاحقاً، إلى تنظيم انتخابات خلال ستين يوماً، في وقت تجددت فيه التظاهرات بالعاصمة أنتاناناريفو بمشاركة آلاف المحتجين من مختلف الفئات، وسط دعوات للإضراب العام ولافتات تندد بتدخل فرنسا في الأزمة.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن استبعد راجولينا استقالته في خطاب بُثّ مباشرة عبر فيسبوك، هو الأول له منذ هذا التطوّر، وحضّ فيه على «احترام الدستور». وأقرّت الجمعية الوطنية عزل الرئيس بغالبية 130 صوتاً، أي أكثر بكثير من نسبة ثلثي الأصوات المطلوبة دستورياً في المجلس المؤلف من 163 عضواً. وكان من المفترض ألاّ يصبح قرار العزل نافذاً إلاّ بعد نيله موافقة المحكمة الدستورية العليا، لكنّ الكولونيل راندريانيرينا أعلن حلّها امس الثلاثاء.
وأفادت «إذاعة فرنسا الدولية» بأن الرئيس أندري راجولينا الذي تولى السلطة للمرة الأولى عام 2009 نتيجة انقلاب عسكري، هُرِّب من مدغشقر الأحد بطائرة عسكرية فرنسية.
واندلعت الأزمة في 25 سبتمبر الماضي إثر احتجاجات على نقص المياه والكهرباء، سرعان ما تحولت إلى انتفاضة ضد الفساد وسوء الإدارة، في بلد يعيش أكثر من 80% من سكانه البالغ عددهم 32 مليون نسمة تحت خط الفقر.
وأفادت الأمم المتحدة بمقتل 22 شخصاً وإصابة نحو مئة خلال الأيام الأولى من الاضطرابات، بينما أشار مراقبون إلى أن البلاد تتجه نحو مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، في ظل صمت رسمي فرنسي ومطالب دولية بعودة النظام الدستوري. (وكالات)
0 تعليق