انتقل سور مدينة شيآن بالصين، الذي يعود تاريخ بنائه إلى 1000 عام، لعصر الحماية الذكية، مستفيداً من أحدث التقنيات الرقمية في مراقبة وصيانة بنيته العريقة. ويُعد السور من أبرز معالم التراث الصيني، إذ شُيد لأول مرة في عهد أسرتي سوي وتانغ، وتم توسيعه في عهد أسرة مينغ ليصل طوله إلى 13.74 كيلومتر.
وفي إطار خطة الحماية الذكية، زود السور بـ 3000 نقطة مراقبة و1300 محطة ذكية، ترصد في الوقت الحقيقي مؤشرات بالغة الدقة، مثل الشقوق، الهبوط، الرطوبة، وانتفاخ الجدار. وتتيح هذه التقنية إدارة بصرية شاملة وتحكماً متقدماً في المخاطر التي تهدد سلامة هيكل السور.
وتعرض منصة الإدارة الرقمية «البيانات الصحية» للسور بنقرة واحدة، حيث تُظهر تفاصيل دقيقة صُمّمت على مستوى الملليمتر لـ 900 متر مربع من ألواح السور، و34 مبنىً رئيسياً، و18 مدخلاً، ومسار الخيول، بينما تُعرض الأجزاء المتبقية بدقة على مستوى السنتيمتر.
وبحسب تشاو بين، مدير مركز ابتكار الصناعة الرقمية في سور مدينة شيآن، تعتمد المنصة نظاماً تحذيرياً رباعي الألوان (أخضر، أصفر، برتقالي، أحمر)، يُصدر إنذاراً فورياً عند تخطي البيانات للمستويات الآمنة المحددة مسبقاً.
وفي السنوات الأخيرة، أجرت لجنة إدارة سور المدينة أضخم «فحص ميداني» شامل في تاريخه، باستخدام تقنيات متقدمة كالرادار الجيولوجي والموجات السطحية عالية الدقة، إضافة إلى نمذجة ثلاثية الأبعاد بالاعتماد على الطائرات بدون طيار والمسح الليزري.
وتعزز المنصة الجديدة ما يُعرف بـ«الدماغ الذكي»، القائم على الذكاء الاصطناعي، الذي يُحلل كميات ضخمة من البيانات التاريخية، ويرصد بدقة أي تقلبات غير طبيعية، مما يرفع مستوى الإنذار المبكر لحماية السور من التهديدات المحتملة.
وأشار شانغ تشوتشياو، من لجنة الإدارة، إلى أن النظام يُصدر إنذارات فورية عند رصد سلوكيات ضارة مثل التسلق أو التخريب، مع تحديد الموقع بدقة لتمكين الأمن من الاستجابة الفورية.
وتعمل هذه الأنظمة الذكية على مدار الساعة، وترسل البيانات لحظياً لإنشاء «ملف صحي رقمي» لكل جزء من السور، مما يمكن المختصين من التدخل السريع عند رصد أي علامات تدهور.
وأوضح قاو هينغ، رئيس قسم حماية التراث الثقافي في اللجنة، أن الفحوص كشفت عن مناطق هشة وتربة رخوة داخل السور، مشيراً إلى انتقال استراتيجية الحماية من نمط الإنقاذ إلى الوقاية، بفضل هذه التكنولوجيا.