أبو سليمان: متواضع في محراب المعرفة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أبو سليمان: متواضع في محراب المعرفة, اليوم الأحد 22 يونيو 2025 12:34 صباحاً

للأسف لم يتسن لي حضور الحفل الشرفي الذي نظمه المهندس أنس صيرفي احتفاء باقتناء وعرض مؤسسة المَكّتَين لمكتبة الفقيه المكي المعاصر، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، الشيخ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان يرحمه الله، وحتما فقد كان حفلا بهيجا كما وصلني، ومكتنزا بالكلمات الوافية من عديد من كبار الشخصيات العلمية والوجاهية، ويستحق معالي الأستاذ الدكتور أبو سليمان ذلك وأكثر.

على أن أكثر ما لفت نظري في هذا السياق حديث معالي الدكتور عبد العزيز خوجة عن بعض سمات الراحل الخُلقية، ومقدار ما كان يتمثله من سلوك يعكس وعيه وإدراكه لحقيقة المعرفة، والتي لا يعلو فوقها أحد، ولا يتجاسر عليها كائن عاقل وعى جوهرها، وأدرك عمق معانيها، حيث ذكر أن الراحل وحال توليه عمادة كلية الشريعة قبل خمسين عاما ونيف، لم يكن يجلس على الكرسي الخاص بالعميد، أو يستخدم المكتب الفاره المخصص له، وإنما كان يستأنس الجلوس على أحد الكراسي الجانبية، ويستخدم ركبته متكأً يوقع عليها مختلف المعاملات، وحتما فذلك من زهده وتواضعه.

غير أني أؤمن بأن مرجعه في ذلك السلوك راجع لكونه كان مدركا لحقيقة المعرفة، التي سرعان ما تتفلت ببهرجة المناصب، وسلوك الآخرين المغالي أو الزائف، ناهيك عن حجاب النفس والذي يزيد يوما بعد يوم، ولذلك وحفظا لنفسه، وحماية لمكنون معرفته، اختار الراحل الابتعاد عن خوض غمار التجربة، وهو ما تؤكده كثير من حكاياته المروية بلسان شهودها، وأحدهم الفقير إلى الله كاتب هذه الأسطر، حين كنت أراه يدخل بهدوء الزاهدين إلى خميسية الكاتب محمد عمر العامودي، ثم يغادر بهدوء العارفين، دون أي جلبة، وبينهما يمكث بسكون دون أن يجلجل صوته بقول، أو يتباهى بعلم اكتسبه، وإنما يكون إلى الصمت أقرب، مصغيا للآخر بلين، وإن اقتضى الحال، تحدث بهدوء بال، وبعبارات وافية لا لغو فيها أو إطناب، وأوصل ما يريد قوله بنعومة تامة، وهي والله سمات العارفين المدركين بأن معرفتهم مهما بلغ قدرها، فهي معرفة ناقصة، وصدق الإمام الرازي حين قال: كلما ازددت معرفة، أيقنت بجهلي.

أخيرا، هي رسالة أبثها بصدق إلى بعض طلبة العلم الذين أحبوا التسوق بما حفظوه في مجالس الوجهاء والنخبة، وهم في ذلك أشبه بغيرهم من مداحي الصالونات، وما يليق ذلك بطبيعة وقيمة العلم الشرعي بأي حال من الأحوال. وجهة نظر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق