تولّى الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي-ميونغ، مهامه رسمياً أمس الأربعاء، متعهداً باستئناف الحوار مع كوريا الشمالية وإنقاذ البلاد مما وصفه ب«الدمار الوشيك» الناجم عن محاولة فاشلة لفرض الأحكام العرفية، إضافة إلى إنعاش الاقتصاد الذي يعاني تباطؤ النمو وتحديات الحماية التجارية العالمية.
وفي خطاب تنصيبه الذي ألقاه أمام البرلمان، قال لي: «سنُداوي جراح الانقسام والحرب ونُرسي مستقبلاً يسوده السلام والازدهار.. مهما كلّف الأمر، فالسلام خير من الحرب»، مضيفاً: «إن حكومته ستكون براغماتية تدعم السوق وتركّز على الابتكار وإزالة القيود التنظيمية».
وجاء انتخاب لي، ذي التوجهات الليبرالية والميول اليسارية، عقب انتخابات رئاسية مبكرة جرت الثلاثاء، في أعقاب أزمة سياسية دامت ستة أشهر، أطاحت بالرئيس السابق يون سوك-يول إثر محاولة فاشلة لفرض الحكم العسكري.
وأعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات فوزه رسمياً بعد حصوله على 49.42% من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على منافسه المحافظ كيم مون-سو، الذي نال 41.2%.
وبسبب فراغ السلطة الناتج عن إقالة يون، تولى لي الرئاسة فوراً دون مرحلة انتقالية وأدى اليمين رئيساً للبلاد وقائداً أعلى للقوات المسلحة.
وفي أول إجراء له، أجرى مكالمة مع القيادة العسكرية، طالباً من الجيش الحفاظ على «أقصى درجات الاستعداد» تحسباً لأي استفزاز من بيونغ يانغ، رغم تأكيده في خطابه أنه «سيفتح قنوات اتصال ويسعى إلى التعاون لبناء السلام في شبه الجزيرة الكورية».
وأشار محللون إلى أن خطابه يعكس تحولاً ملحوظاً عن سياسة الرئيس السابق المتشددة تجاه الشمال، إذ لم يضع شروطاً مسبقة للحوار، مما لقي ترحيباً شعبياً واسعاً في كوريا الجنوبية.
وفي الجانب الاقتصادي، شدد لي على أن بلاده تواجه تهديدات وجودية جراء تصاعد الحمائية وإعادة هيكلة سلاسل التوريد، مؤكداً عزمه بدء معالجة القضايا الاقتصادية من «اليوم الأول»، مع التركيز على تخفيف أعباء تكاليف المعيشة عن الأسر المتوسطة والمنخفضة الدخل ودعم الأعمال الصغيرة.
وتواجه سيؤول مفاوضات شائكة مع واشنطن بشأن رسوم جمركية مرتفعة على صادراتها من الصلب والألومنيوم ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيّز التنفيذ قريباً وسط تحذيرات من تأثيرها في صناعات استراتيجية.
ورغم أن لي كان قد اتخذ مواقف أكثر استقلالية تجاه واشنطن خلال حملته، إلا أن البيت الأبيض هنأه على فوزه، واصفاً الانتخابات بأنها «حرة ونزيهة»، بينما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التزام بلاده بالتحالف القائم مع كوريا الجنوبية.
بدورها، هنأت الصين الرئيس الجديد، مشددة على أهمية تطوير العلاقات الثنائية وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ استعداد بلاده للعمل «من أجل حسن الجوار والمنفعة المتبادلة».
أما على صعيد الداخل، فقد أعلن لي تعيين أعضاء رئيسيين في حكومته، بينهم مستشاره كيم مين-سوك رئيساً للوزراء ووزير التوحيد الأسبق لي جونغ-سوك مديراً للاستخبارات.
وتفاعل الشارع الكوري الجنوبي إيجابياً مع نبرة الانفتاح في خطاب التنصيب.
وقال أحد المواطنين في سيؤول: «نحتاج إلى رئيس يوحّد الأمة ويضع حداً للانقسام»، فيما رحب آخرون بالعودة إلى الحوار مع كوريا الشمالية باعتبارها خطوة نحو الاستقرار.
وسجّلت الأسواق المالية بدورها صعوداً ملحوظاً، إذ ارتفع مؤشر كوسبي بنسبة تفوق 2%، مدفوعاً بتفاؤل المستثمرين بتعهّدات الرئيس الجديد بالإصلاح الاقتصادي وتوسيع الطاقة المتجددة.
ويُتوقع أن يتمكن لي من تمرير أجندته بسهولة نسبية خلال ولايته، في ظل تمتع حزبه بأغلبية برلمانية مضمونة للسنوات الثلاث المقبلة. (وكالات)
0 تعليق