مواقف ترامب الملتبسة حيال روسيا تربك حسابات أوروبا الاستراتيجية

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

باريس - أ ف ب
تواجه الدول الأوروبية التي تسعى لتغليظ العقوبات على روسيا، لدفعها إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، صعوبة في التعامل، مع عدم ثبات موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن هذه القضية.
واتهم ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «باللعب بالنار» وهدده، لكن يبدو أنه لا يُتبع تهديداته بالأفعال. وعلى الرغم من تسارع الجهود الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع، يُتهم بوتين بالمماطلة بشأن محادثات السلام.
وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» و«شبكة سي إن إن» بأن ترامب يدرس حالياً فرض عقوبات جديدة على روسيا، لكن لا شيء يمنع من أن يغير رأيه.
وعبَّر ترامب الأربعاء عن نفاد صبره حيال موسكو، لكنه بدا أيضاً كأنه يؤجل اتخاذ قرار بقوله إنه سيحكم خلال «أسبوعين تقريباً» على جدية بوتين في إنهاء الحرب.
وفي الوقت الذي يُعِدّ فيه الاتحاد الأوروبي حزمة العقوبات الـ 18، على موسكو، تتضاءل على ما يبدو فرص فرض عقوبات دولية مشتركة، وفق ما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته كييف مع القادة الألمان والبريطانيين والبولنديين في 10 مايو/أيار الجاري.

- خيبة أمل جديدة


أفادت وسائل إعلام ألمانية الثلاثاء، أن المناقشات الأخيرة بين الأوروبيين والأمريكيين بشأن تهرب روسيا من العقوبات باءت بالفشل.
وقالت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ»، نقلاً عن وثيقة لوزارة الخارجية الألمانية حول اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي: «يبدو أن الآمال الأوروبية في التحرك المشترك مع الأمريكيين ستخيب مجدداً».
ونقلت الوثيقة عن مبعوث الاتحاد الأوروبي للعقوبات ديفيد أوسوليفان قوله، إن التنسيق عبر الأطلسي بشأن العقوبات على روسيا انهار. وذكرت الصحيفة في تقريرها المستند إلى الوثيقة أن التعاون في إطار مجموعة السبع «فقد زخمه».
وقال سفين بيسكوب، الخبير في معهد إيغمونت البلجيكي للأبحاث، إن الأوروبيين، بقيادة باريس وبرلين ولندن، يسعون لاتخاذ مواقف أكثر فاعلية واستباقية في مواجهة عدم تحرك واشنطن.
وأضاف، أنه عندما أعلن ترامب عن مفاوضات مباشرة مع بوتين من دون كييف أو بروكسل، وعندما استبعد انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، «أشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه سيواصل إجراءات انضمام أوكرانيا، وسيسلحها حتى بعد وقف إطلاق النار المفترض، وسيُبقي على العقوبات، وسينشر قوات لطمأنتها».
وتابع «نستخدم نفوذنا، لكننا لا نستطيع إجبار ترامب على استخدام نفوذه، أو إجبار بوتين على وقف الحرب. لا نملك هذه القوة».
أما فيليبس أوبراين، خبير الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، فرأى أن الأوروبيين ربما وقعوا ضحية «أعظم مثال على التلاعب السياسي في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية».
وعلى الرغم من كل مواقف ترامب بشأن فرض عقوبات على روسيا، قال أوبراين: «من الواضح أنه لا ينوي فعل ذلك».
في غضون ذلك، يؤيد الأوروبيون خطة السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام الذي دعا إلى خطة عقوبات «ثانوية» تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الدول المستوردة للوقود الأحفوري والمواد الخام من روسيا.

- أي انحراف؟


يأمل الأوروبيون في أن تنجح الاستعانة ببند دستوري أمريكي بشأن إخراج مشروع قانون ما من يد لجنة برلمانية، وطرحه للتصويت من دون تدخل الرئاسة أو موافقتها، لاعتماد مشروع قانون العقوبات بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.
وقال دبلوماسي أوروبي، إن هذا من شأنه أن يتيح لترامب أن ينأى بنفسه عن أي تحرك لفرض عقوبات، ويبقيه الوسيط غير الملزم.
ويؤكد هذا الموقف حقيقة جديدة على الأوروبيين التعامل معها، هي أن واشنطن تقف الآن في منتصف الطريق بين حلفائها التقليديين في أوروبا وروسيا.
وقد يسمح هذا، في المستقبل، لترامب بالتنصل من الأمر تماماً، إذا لم تُسفر المفاوضات عن أي نتيجة، تماماً كما فعل بشأن قضية كوريا الشمالية في عام 2019، خلال ولايته الأولى.
وقال مايكل بيكلي، الخبير السياسي في معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي: «لم يعد السؤال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنحرف عن المسار، بل ما هو نوع الانحراف الذي ستتبناه. هل ستتجه الولايات المتحدة إلى تبنّي نهج متهور ومتطرف قومياً يدفعها إلى التصعيد وقطع العلاقات والسعي وراء مكاسب قصيرة الأمد مع تحمل تكاليف كبيرة في المستقبل؟ أم أنها ستتمكن من توجيه قوتها بشكل مدروس لتحقيق مصالح دائمة، ومستقرة على المدى الطويل؟».
الجمعة، قال ماكرون إن واشنطن تواجه «اختبار المصداقية» بشأن ردها على مماطلة روسيا في وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق