في بيتي فأر

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في بيتي فأر, اليوم الأحد 25 مايو 2025 10:25 مساءً

لم يخطر ببالي أن أطلق تلك الشهقة حين وجدت نفسي في مواجهة فأر عند باب المطبخ!

بشع المنظر، طويل الذيل، داكن اللون، لا أتمناه لعدو فضلا عن صديق.

أصعب شيء في الحياة أن تخوض غمار حربٍ لست مستعدا لها، وأنت فيها الطرف الأضعف والخاسر الأكبر، وأنا الذي ترتعد - من الصرصور - فرائصي، فكيف بي أجد فأرا لعينا جعلني أحتقر همومي وأنسى من شدة الرعب أداء فرائضي.

لقد أدبني الفأر - أيها السادة - فهانت عليّ الدنيا، وكسر نفسيتي، وحطم غروري، وأزال من قاموسي الهياط والثقة وطول الأمل، وأيقنت أن الخوف يزيل الهيبة، وأنه مهما تعاظم أمرك وارتقيت في سلم الفكر والوعي والثقافة والمكانة فإن مخلوقا صغيرا قادر في غمضة عين على أن ينسف كل ذلك، ويزعزع نفسك ويطمس روحك ويذهب من عينيك النوم أكثر مما يفعله العشق والألم، كما علمني بأن ليس كل مرة تسلم الفوضى، وأن التساهل في إغلاق المنافذ أو التخلص من النفايات قد تكون عاقبته وخيمة.

كنت أتصور أنه مع التقدم في العمر تقل المخاوف وإذ بي أجد العكس، وسامح الله بعض مدرسي الابتدائية عندما كانوا يهددوننا بغرفة الفيران فترسخت لديّ عقدة لم يستطع "جيري" بمقالبه المضحكة محوها.

قيل لحكيم: ما بلغ خوفك من الفأر؟

قال: صرت إذا رأيت حبلا متدليا حسبته ذيل فأر، وإذا سمعت "خرتشة" وقف شعر رأسي، وإذا دخلت البيت بعد انقطاع مشيت كما يمشي اللص أو النمر الوردي في أفلام الكرتون!

قيل: فما الحل؟

قال: تبحث لك عن حب تعيشه، فالحب الصادق إذا تمكّن من القلب بدّد مخاوفه.

قيل: فإن لم أجد؟

قال: تتذكر الموت فكل خوف بعد خوف الموت يهون.

وبينما أنا جاثم في ركن قصي من السرير أترقب وأستغفر وإذ بصرصور غير متوقع يباغتني ويحط رحاله عندي فاستأنست به ولم أخف منه على غير عادة، وهكذا هي المصائب والمخاوف.. يخفف بعضها بعضا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق