عقد دبلوماسيون كبار من إيران والدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، أمس الجمعة، اجتماعاً في مدينة إسطنبول التركية، في أول جولة مشاورات مباشرة بينهم منذ بدء المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في إبريل/ نيسان الماضي، وفقاً لما أكدته مصادر إيرانية وبريطانية.
ويأتي اللقاء بين إيران ومجموعة الترويكا الأوروبية – التي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا – بالتزامن مع تكثيف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساعيها للتوصل إلى اتفاق جديد يقيّد البرنامج النووي الإيراني. ودعا ترامب طهران إلى «التحرك بسرعة»، مؤكداً أن بلاده قدمت مقترحاً رسمياً، ومحذراً من «أمر سيئ» إذا لم يتم التجاوب مع العرض الأمريكي.
مصدر إيراني قريب من فريق التفاوض أوضح أن بلاده لم تتسلم بعد المقترح الأمريكي، لكنه أشار إلى أن سلطنة عمان، التي تلعب دور الوسيط، تسلمت الوثيقة ومن المقرر أن تنقلها إلى طهران قريباً.
وكتب نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي في منشور على منصة «إكس»، أن الجانبين «تبادلا وجهات النظر وبحثا آخر ما وصلت إليه المباحثات غير المباشرة بشأن الملف النووي ورفع العقوبات»، مضيفاً أن الطرفين «عازمان على مواصلة الدبلوماسية والاستفادة منها على النحو الأمثل»، ومشيراً إلى إمكانية عقد جولات جديدة من المحادثات إذا اقتضت الضرورة.
وأكد غريب آبادي أن إيران استعرضت خلال اللقاء مسار مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، التي شهدت حتى الآن أربع جولات في سلطنة عمان، وُصفت بأنها «صعبة لكن مفيدة»، بحسب طهران، في حين وصفها مسؤول أمريكي بأنها «مشجعة».
وفي هذا السياق، أفادت تقارير إعلامية، من بينها موقع «أكسيوس»، بأن الولايات المتحدة قدّمت مقترحاً مكتوباً خلال الجولة الرابعة من المحادثات. إلا أن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي نفى تسلم أي أفكار مكتوبة، مؤكداً أن بلاده مستعدة لبناء الثقة والشفافية بشأن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وجاء الاجتماع في إسطنبول وسط تحذيرات متزايدة من احتمال لجوء الدول الأوروبية إلى تفعيل «آلية العودة السريعة» أو «الزناد»، المنصوص عليها في الاتفاق النووي، والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات أممية على طهران في حال ثبت انتهاكها للاتفاق. وتنتهي المهلة المتاحة لتفعيل هذه الآلية في 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وحذر عراقجي من أن تفعيل الآلية سيقود إلى «أزمة انتشار نووي عالمية تمس أوروبا بشكل مباشر»، لكنه أكد، في مقال نشرته مجلة «لو بوان» الفرنسية، أن إيران «مستعدة لفتح فصل جديد» مع أوروبا.
وكانت العلاقات بين إيران والدول الأوروبية الثلاث قد شهدت توتراً متصاعداً خلال العام الماضي، على خلفية عقوبات جديدة فرضتها العواصم الأوروبية ضد طهران بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية، واحتجازها لمواطنين أجانب، إضافة إلى دعمها لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وفيما تواصل الدول الأوروبية محاولاتها للتنسيق مع واشنطن بشأن مستقبل الاتفاق النووي، عبّرت مصادر دبلوماسية أوروبية عن استيائها من غياب الوضوح في الموقف الأمريكي إزاء المفاوضات مع إيران، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز».
من جهته، قال الرئيس الأمريكي إن بلاده «تقترب» من إبرام اتفاق مع إيران قد يجنب المنطقة عملاً عسكرياً، ملوّحاً في المقابل بتشديد سياسة «الضغوط القصوى» وخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر إذا فشلت المحادثات.
وفي موازاة التحركات الأوروبية والأمريكية، أعلنت الخارجية الصينية التزام بكين ب«الدفع نحو تسوية سياسية ودبلوماسية» للملف النووي الإيراني، مشددة على أهمية الحوار كسبيل لحل الأزمة. (وكالات)
0 تعليق