حذاء سندريلا لا يناسبني

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حذاء سندريلا لا يناسبني, اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 04:24 صباحاً

الحذاء والأمير، قصة تضيء في عتمة الليل، توقد بمخيلة كل فتاة انتمت له، وتجول بها على عربة اليقطين السحرية، في أزقة الطريق، ذلك المشهد القصي، الجنية الزرقاء والفستان السحري الذي تتدلل به في واقع منسي، رغم غيهب الليل الثقيل تهرب من مخاوفها بالحذاء الزجاجي، تحمل سراجها الحزين وتخاطب نفسها بحنين، أما تتذكرين؟ كنت تحلمين بالكثير، واليوم ألمح في أوجه النسوة الجائعات أحلاما تبددت بأحلام أخريات، هل أصبحن تافهات؟ حين أصغي إلى صوتهن وقد هممن بالرحيل من أحلام اليقظة التي استبدت بالذكريات.

أقول، هل تغيرت تلك الفكرة اليوم، هل أضحى الفستان السحري مجرد "فوتوشوب اجتماعي" يجمّل الواقع ليجعل الفتاة مقبولة في أعين من يقيّمها بالمظاهر؟ هل الحذاء الزجاجي لا يصلح للمضي لمستوى الوعي الحالي، لأنه هش، لا يحتمل عثرة واحدة ولا يُلبس إلا إذا وافقت على أن تقاس حياتها بمقاس أحدهم. وهل عربة اليقطين تحولت في واقع اليوم إلى مركبة تمويل بنكي، تركبها بأمل أن توصلها للاستقرار الذاتي لكنها قد تتعطل بها في منتصف الطريق لأن سحرها ينتهي عند منتصف الليل أو إن صح التعبير مع أول قسط! ماذا عن الأمير! هل أتطرق إلى ذكره أم أنه مشغول بتحديث بوستات الانستقرام.

سندريلا، قدوة البارحة هل أصبحت اليوم في قفص الاتهام. تحاكم بالصورة النمطية التي تروج إلى مصير المرأة، وهي حاجتها لرجل ينقذها من واقعها.

كثير من التساؤلات بات ينظر لها اليوم بنظرة الخذلان، لكن لو أعدنا فتح ملفات القصص القديمة لنُجري عليها محاكمة بمنطق النسخة المحدّثة من الوعي، بأن الفتاة اليوم يجب أن تعرف كيف تكون قوية ومستقلة، في حين أن سندريلا كانت تنتظر الخلاص. الفرق الوحيد الآن هو أن سندريلا أصبحت أكثر وعيا وإدراكا لما يتناسب مع حياتها وشخصيتها، سندريلا القديمة كان حذاؤها هو خلاصها وكأنها جُبلت على انتظاره، بينما اليوم تهرول نحو الحياة بحذاء أو دونه.

في خاتمة القول، ربما لم يكن الحذاء الزجاجي سوى دلالة، لا لحاجة سندريلا إلى من يُنقذها، بل لحاجتها إلى من يراها كما هي، بجوهر روحها، نقاوة قلبها، تسير بثقة ولو على هشاشة الزجاج. وما كان ذاك الأمير خلاصا ربما، بل حضور عادل في فصل الحكاية، يكمل نصف المعنى. فالرجل ليس طوق نجاة، بل رفيق طريق، تستقيم به الملامح وتتوازن الكفة بوصفه شريك حياة.

ليست القوة في أن تمضي المرأة وحدها، بل في أن تختار من يجالس ظلها دون أن يطفئ نورها، من يبارك حريتها دون أن ينتقص من أنوثتها. فالحياة لا تكتمل بالسحر والخيالات بل بالاتساق، حين يكون الرجل سندا لا قيدا، ومرآة لا حكما، وقلبا يليق بحكاية امرأة لم تعد تنتظر النهاية، بل تصنعها؛ فلتكن صناعة متينة مسبحة بالتآلف والمشاركة الإيجابية لا هشة سياحها أحلام وأوهام سرعان ما تذروها الرياح وإذ بها باتت نسيا منسيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق