تحقيق: ميرة الراشدي
النوم الصحي أحد العوامل الأساسية التي تؤثر مباشرة وإيجاباً في أداء الطلاب خلال اليوم الدراسي، ويساعد النوم الجيد على تجديد الطاقة وتقليل الشعور بالإرهاق، كما يعزّز التركيز ويحسّن قدرة الطلاب على الاستيعاب والتفاعل مع الدروس، كذلك، للنوم دور مهم في تعزيز الذاكرة والقدرة على التعلم، ما ينعكس إيجاباً على التحصيل الدراسي، ومع أهمية النوم في تعزيز الأداء الدراسي، إلا أن هناك ظاهرة في كثير من المدارس، وهي نوم الطلاب خلال الحصص الدراسية، هذه الظاهرة تشير إلى وجود خلل في تنظيم وقت النوم أو عوامل أخرى تؤثر سلباً في قدرة الطلاب على البقاء مستيقظين ومركزين أثناء الدروس.
«الخليج» التقت عدداً من الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين الذين تحدثوا عن ظاهرة النوم أثناء الحصص الدراسية، وقد تعددت الأسباب التي أشاروا إليها، ومن أبرزها أسلوب الشرح الممل الذي يعتمده بعض المعلمين، وتأثير شرب القهوة والمشروبات المنبهة في قدرة الطلاب على التركيز، إلى جانب إدمان مواقع التواصل والسهر لساعات طويلة، ما يسهم في تدهور أدائهم الدراسي خلال اليوم الدراسي.
غياب المسؤولية
وقالت نيفين رائد محمد، معلمة لغة عربية، إن تلك الظاهرة تعود إلى مجموعة من الأسباب المرتبطة بالبيئة الأسرية والمدرسية، من أبرزها، عدم تنظيم الوقت من قبل الأسر، وخاصة الكبيرة التي تعاني غياب النظام، حيث يجد الطلاب صعوبة في الحصول على ساعات نوم كافية. كما أن إدمان الألعاب الإلكترونية، والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة، يؤدي إلى هذا الاضطراب وتشتيت الانتباه، خاصة في ظل عدم سيطرة الأهل على أوقات استخدامها.
وأضافت، أن بعض المعلمين يسمحون للطلاب بالنوم خلال الحصص الدراسية لتقليل الضغط عليهم داخل الصف، ما يعكس غياب المسؤولية تجاه الطلاب، كذلك، فإن النوم غير المنتظم للطلاب، سواء في الحافلة المدرسية أو بعد العودة إلى المنزل، يؤثر سلباً في سلوكهم ويؤدي إلى العصبية والعنف المدرسي وتشتيت الذهن، ما ينعكس على مستواهم الدراسي ويضعف رغبتهم في التعلم.
وأكدت، أن حل هذه المشكلات يبدأ من الأسرة، حيث يجب على الأهل تنظيم أوقات أطفالهم والالتزام بمسؤولياتهم، وخاصة الأمهات لدورهنّ المحوري في خلق بيئة منزلية منظمة. وشددت على أهمية تعاون الأمهات والآباء في وضع ضوابط واضحة وإشراك الأخصائيين الاجتماعيين عند الحاجة لحل هذه القضايا.
وقالت نيفين: هناك مجموعة من الحلول العملية، منها تنظيم ندوات توعية تتحدث عن أهمية الوقت وإدارته، وإقامة مسابقات تشجع الطلاب على الإنجاز السريع، وتكليفهم بكتابة مواضيع تعبير بالعربية والإنجليزية عن أهمية الوقت وتنظيمه. وهذه الجهود، إذا تمت بشكل متكامل بين المدرسة والأسرة، فستساعد كثيراً على تحسين سلوك الطلاب ومستوياتهم الدراسية.
السهر والوجبات الدسمة
وقال جمال جوزيف لبيب ولي أمر، إن نوم الطلاب أثناء الحصص الدراسية يرجع إلى أسباب عدة، أبرزها السهر والانشغال بالهواتف الذكية. والطلاب يظلون مستلقين على أسرّتهم يتصفحون مواقع التواصل، حتى يغلبهم النعاس، ما يؤدي إلى استيقاظهم في حال التشتت الذهني بسبب استهلاك طاقاتهم في مشاهدة الفيديوهات.
وأضاف: الإفراط في تناول الوجبات الدسمة سبب آخر يؤثر في أداء الطلاب الدراسي، حيث تسبب هذه الوجبات الشعور بالتخمة وتقلل قدرتهم على التركيز.
وأوضح، أن على الأهالي أن يكونوا أكثر حرصاً على تنظيم أوقات نوم أبنائهم والحدّ من استخدام الهواتف الذكية في ساعات الليل، مع الاهتمام بتوفير نظام غذائي صحي ومتوازن للطلاب. والتغذية السليمة والنوم الكافي أساسان للحفاظ على صحة الطلاب وقدرتهم على التركيز والتحصيل الدراسي الجيد.
الشرح الممل
منيرة عبد الرحمن سرحان، طالبة في الصف العاشر، قالت «إن أحد الأسباب التي تؤدي إلى نوم الطلاب أثناء الحصص، أسلوب الشرح الذي يعتمد عليه بعض المعلمين والمعلمات. فعندما تدخل المعلمة إلى الصف، تبدأ الشرح فوراً، من دون أي تفاعل مع الطالبات، أو تتبادل معهنّ أحاديث خفيفة أو لحظات من الضحك، ما يجعل الحصة تفتقر إلى الحماسة والنشاط».
وأشارت، إلى أن هذا الأسلوب يسبب حالة من الرتابة والملل، ما ينعكس على قدرة الطلاب على الاستماع والتركيز، والطلاب يفضلون المعلمين الذين يمتلكون مهارات تواصل فعّالة مع الطلاب، حيث يمكنهم تقديم المعلومة بطريقة ممتعة وسهلة تجعل الطلاب يتفاعلون معها بشكل أكبر.
وأضافت، أن المعلمين الذين لديهم القدرة على إدخال المعلومة إلى ذهن الطالب بطريقة غير مملة، واستخدام أساليب تعليمية مبتكرة وأنشطة ترفيهية، يساعدون على تحفيز الطلاب وزيادة تركيزهم.
وأوضحت أن الأنشطة التفاعلية، مثل الألعاب التعليمية أو النقاشات الجماعية، تحفز العقل وتزيد من تفاعل الطالب مع الدرس، ما يسهم في تحسين عملية التعلم وتقليل نوم الطلاب أثناء الحصة.
إرهاق
وقال زايد عبد القادر البلوشي، الطالب في الصف السابع، إنه مر بمرحلة صعبة في دراسته بسبب معاناته أوضاعاً صحية ونقص فيتامينات، ما أثر في تركيزه خلال الدراسة وأدى إلى شعوره بالإرهاق المستمر.
وأشار، إلى أنه أصبح يعاني رغبة شديدة في النوم وكان يهمل دروسه، ما أدى إلى تراجع أدائه الدراسي، وبعد استشارة الأطباء، اكتشف أن السبب وراء تدهور حالته هو نقص في الفيتامينات الأساسية التي تسهم في تعزيز الطاقة والتركيز.
وأضاف، أنه بمجرد تلقيه العلاج المناسب وعودة مستويات الفيتامينات إلى طبيعتها، استعاد نشاطه وحيويته، وأصبح أكثر تركيزاً.
وأوضح أنه بدأ يولي اهتماماً أكبر بصحته الجسدية بتناول غذاء متوازن وممارسة النشاط البدني، ما ساعده على تحسين أدائه الدراسي والعودة إلى مستواه الطبيعي.
القيلولة
وقال صالح محمد خليفة، طالب في الصف الحادي عشر، إن نوم الطلاب أثناء الحصص الدراسية أصبح ظاهرة شائعة، والسبب الرئيس عدم أخذ القيلولة بعد العودة من المدرسة.
وأوضح، أن غياب راحة قصيرة «قيلولة» بعد يوم دراسي طويل يؤدي إلى شعور الطلاب بالإرهاق الشديد، ما يؤثر سلباً في قدرتهم على التركيز في الحصص الدراسية.
وأضاف، أن الاستخدام المفرط لسماعات الأذن، للاستماع إلى الموسيقى أو غيرها من المحتويات، له تأثير كبير في جودة النوم، حيث يجعل الطلاب يشعرون بالصداع والتعب طوال اليوم، ما يعوق قدرتهم على الاستيعاب الفعال للمواد التعليمية.
وأشار إلى أن شرب المنبهات مثل القهوة والمشروبات الغازية لا يقل تأثيره ضرراً، إذ يزيد الشعور بالتعب والإرهاق، ويؤثر مباشرة في النوم السليم، ما يؤدي إلى تدني الأداء الدراسي.
كما أكد، أهمية اتخاذ خطوات فعالة لتحسين نمط الحياة، داعياً زملاءه إلى ضرورة الانتباه إلى صحتهم البدنية والنفسية، وتبني نمط حياة صحي يتضمن الحصول على قسط كافٍ من النوم، والابتعاد عن العوامل التي تسهم في تدهور حالتهم الصحية.
0 تعليق