نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الباعة المتجولون في جبل الرحمة: بين الفوضى واستغلال القدسية, اليوم الأحد 9 مارس 2025 07:27 مساءً
في أي وقت تزور فيه جبل الرحمة، سواء في موسم الحج أو في الأيام العادية، ستجد الباعة المتجولين يملأون المكان. بضاعتهم متنوعة؛ من المياه الباردة والعصائر إلى السجاد والهدايا التذكارية. ومع أن هذه السلع قد تكون مغرية للزوار، إلا أن الكثير منها يعاني من تدنٍ في الجودة نتيجة التعرض المستمر لأشعة الشمس والحرارة. المشروبات غالبا تكون ساخنة وغير صالحة للشرب، والطعام يتلف سريعا، مما قد يعرض صحة الزوار للخطر.
ورغم أهمية السلع التي يبيعها هؤلاء الباعة، فإن تأثيرهم السلبي على حركة المرور والنظام العام لا يمكن تجاهله. الطرق المؤدية إلى جبل الرحمة تصبح مكتظة بشكل دائم بسبب التمركز العشوائي للباعة، مما يعطل حركة السيارات والمشاة على حد سواء. الزوار الذين يأتون إلى المكان بحثا عن الراحة الروحية، يجدون أنفسهم محاطين بفوضى الباعة وأصواتهم العالية التي لا تتوقف عن النداء لجذب الانتباه.
الأكثر إثارة للقلق هو أن العديد من هؤلاء الباعة يتركون مخلفاتهم في المكان دون أي اعتبار للنظافة. أكياس بلاستيكية، صناديق فارغة، وبقايا طعام متناثرة تشوه جمال الموقع وتجعل الزوار يشعرون بعدم الراحة. هذه الممارسات تساهم في تدهور البيئة المحيطة بالمكان، مما يؤدي إلى فقدانه رونقه وقدسيته تدريجيا.
من جهة أخرى، يُظهر وجود هؤلاء الباعة غياب الرقابة والتنظيم من الجهات المسؤولة. السماح لهم بمزاولة نشاطهم في مكان حساس كهذا يعكس تقصيرا واضحا في إدارة المنطقة. فبينما يسعى البعض لتبرير وجودهم بكونه وسيلة لكسب العيش، فإن هذا لا يمنحهم الحق في الإضرار بالمكان أو بتجربة الزوار.
ما يفاقم الوضع أكثر هو أن العديد من الباعة يستغلون قدسية جبل الرحمة لجذب الزوار إلى بضاعتهم. يستخدمون عبارات دينية مؤثرة للترويج لبضائعهم، مما يعطي انطباعا بأنهم يقدمون خدمات ذات طابع روحي، في حين أن الهدف الحقيقي هو الربح المادي. هذا الاستغلال المباشر للعاطفة الدينية يعد تجاوزا خطيرا للحدود الأخلاقية، ويضعف من جوهر التجربة الروحية التي يأتي الزوار للحصول عليها.
ورغم الانتقادات الموجهة للباعة المتجولين، لا يمكن تجاهل البعد الاقتصادي والاجتماعي لهذه الظاهرة. العديد منهم يعتمدون على هذه التجارة كمصدر دخل رئيسي لإعالة أسرهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها بعض الفئات. ومع ذلك فإن الاستمرار في تبرير الفوضى باسم الحاجة لا يعد حلا مستداما، بل يزيد من تعقيد المشكلة.
ختاما، ظاهرة الباعة المتجولين في جبل الرحمة ليست مجرد قضية اقتصادية أو اجتماعية، بل هي انعكاس لغياب التوازن بين الحاجة إلى كسب الرزق والحفاظ على قدسية المكان. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن جبل الرحمة سيخسر قيمته الروحية لصالح فوضى تجارية غير منظمة. يجب أن تكون هناك وقفة جادة لمعالجة هذه الظاهرة، ليس فقط لصالح الزوار، بل أيضا لضمان احترام هذا المكان المقدس.
0 تعليق