سرعة الإجراءات الجزائية

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سرعة الإجراءات الجزائية, اليوم الأحد 23 فبراير 2025 05:51 مساءً

إن الأصل في المحاكمات الجزائية تكون خلال مدة معقولة، إلا أنه واستثناء من ذلك قد يطول أمد النظر فيها، من هذا المنطلق نشأت مشكلة بطء الإجراءات، هذه الأخيرة أصبحت تعرقل السير الحسن للعدالة الجنائية، ومن شأنها كذلك الإضرار بمصالح أطراف الدعوى الجزائية سواء الجاني أو المجني عليه.!

وتعد نوعا من أنواع الحيف، وعليه فإن العدالة المطلوبة هي العدالة التي لا يشوبها أي تأخير مع ضمان إظهار الحق لأصحابه ومعاقبة الجاني والاقتصاص منه، لذلك عمدت أغلب الاتفاقيات الدولية تضمين نصوص حق الفصل ضمن مدة معقولة.

إن إجراء المحاكمة على نحو من السرعة لا يعني المساس بضمانات المحاكمة العادلة، إذ إنه متى اعتدى عليها لم يعد هناك فائدة من سرعة الإجراءات، وبناء على ذلك يجب الموازنة بين أمرين، تبسيط في إجراءات الدعوى من جهة توفير الضمانات النظامية لمحاكمة عادلة من جهة أخرى.

لا يشك عاقل أن من أسمى أهداف القضاء أن يتم نظر الخصومات والدعاوى والبت فيها على وجه السرعة، والسنة النبوية حثت على ضرورة الإسراع في حل القضايا بين الناس دون تأخير، ويتبين ذلك من خلال حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له من النار».

ومن بين الوقائع التي رويت وبينت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فصل فيها فورا ما جاء من حديث عبدالله بن كعب عن أبيه أنه «تقاضى ابن أبي حدرد دينا في عهد الرسول في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله، وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته ونادى كعب بن مالك، فقال يا كعب، فقال لبيك يا رسول الله فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك، فقال كعب قد فعلت يا رسول الله، فقال النبي قم فاقضه.

إذًا عودة إلى السرعة الناجحة في إجراءات التحقيق والمحاكمة الجنائية أنها تبدأ وتنتهي في غضون مدة معقولة مع ضرورة احترام التوازن بين حق المتهم لتحضير دفاعه وضرورة إصدار الحكم دون أي تأخير لا مبرر له طيلة المراحل الإجرائية من التحري والتحقيق إلى غاية صدور حكم نهائي في القضية.

واللجوء إلى السرعة في الإجراءات تتعدد الفوائد والمصالح التي تحققها السرعة في الإجراءات من خلال تخفيف العبء على القضاء الذي يعاني من كثرة القضايا المعروضة أمامه، والتي تهدد بالشلل إلى جانب المصالح المتعددة والمهمة التي تعود على المتهم والضحية والمجتمع.

فالمصلحة العامة للمجتمع تستلزم سرعة المحاكمة، حتى يتحقق الردع العام لباقي أفراد المجتمع من العقاب الذي سيطبق على المتهم، فلا يتجرأ أفراد المجتمع على ارتكاب مثل تلك الجريمة، حتى لا يتعرض للعقاب نفسه، وهذا يتطلب سرعة توقيع العقاب في حالة إدانة المتهم، كما شهادة الوقائع هي قد تتأثر بعامل الزمن لأنها تبتعد عن الوضوح والشمول كلما زادت فترة الزمن، مما يضيع على المجتمع فرصة كشف الحقيقة واقتصاصه من الجاني.

أقول: من المصالح في السرعة الناجزة في المحاكمات الجزائية وإجراءاتها مصلحة الضحية أو المجني عليه متى تحصل على التعويض في أسرع وقت، لأن الدعاوى متى انتهت بأسرع وقت ممكن، سيتحصل المجني عليه حقه أو التعويض اللازم إذا كان مدعيا بالحق الشخصي في أسرع وقت والعكس صحيح.

ختاما: ربما أننا نعذر الجهات العدلية سواء كانت النيابة العامة أو المحاكمة الجزائية لقلة كوادرها، فالمحقق والقاضي هما من يمسكان بالميزان بين الطرفين المتنازعين طبقا لأحكام القانون.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق