المعلم المواطن.. عملة نادرة في الميدان التربوي

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رأس الخيمة: حصة سيف

أكد أولياء أمور وتربويون أهمية إيجاد حلول ناجعة لاستقطاب المعلمين المواطنين، الذكور، إلى الميدان التربوي، لأهمية وجودهم ودورهم الوطني الحيوي في المنظومة التعليمية، ودورهم المجتمعي، المُكمل لدور من سبقوهم في الميدان، ولمواصلة سلسلة تخريج الأجيال، المفعمة بالوطنية والانتماء وحب الوطن.
كما أكد تربويون مُتقاعدون أن التعليم مهنة طاردة للمواطنين ولا بُدّ من إيجاد حلول مناسبة لاستقطاب أبناء الإمارات للمهنة.
يُحذر المتابعون للميدان التربوي، من تناقـــص أعداد الشباب المواطــــنين، من الذكـــور، في ظل عدم دخول عناصر جديدة منهم للميدان، واستقالة وتقاعد بعضهم، ما جعل وجودهم «عملة نادرة» في المدارس الحكومية.
حُضور وأثر
شيخة عبدالله الحميدي، معلمة سابقة، مجال أول، تربية إسلامية ولغة عربية، وولية أمر، تُبين أن وجود المعلمين الإماراتيين، الذكور، مهم جداً في الميدان التربوي، ضمن مختلف مراحل تعليم الطلبة، لأثرهم الإيجابي المباشر في الطلبة. ولاحظت الأعداد المتناقصة لهم، حيث تقل أعدادهم وتتراجع نسبتهم سنوياً. ووجودهم وحضورهم مهم جداً للطلبة، تربوياً، في الميدان التعليمي، خاصةً من حيث بناء القدوة. موضحةً أنها تحاول منذ مدة طويلة إقناع أبنائها الذكور بأن يصبحوا «معلمين» مُستقبلاً، لكن أحدهم رفض الفكرة ولم يتقبلها، فيما تقبلها الثاني، الفكرة مبدئياً وأحد الخيارات.
6 سنوات بلا «مُعلم مواطن» 
ويقول ارحمة الشامسي، مدير مدرسة سابق: خلال ست سنوات، من عملي في الإدارة المدرسية، لم يدخل المدرسة مُعلم إماراتي جديد، فيما أكملت ستة عشر عاماً في الميدان التربوي، بدأتُ عام 2006 «معلم جيولوجيا»، بعد تخرجي في كلية العلوم بجامعة الإمارات، وكان عدد الطلبة في الكلية آنذاك 30 طالباً، بينما يدرس حالياً ستة إلى عشرة طلبة فقط في التخصص ذاته، في ضوء تواصلي مع الأساتذة، وكنت خلال التدريس والإدارة المدرسية أسعى إلى دفع الطلبة الإماراتيين لدراسة التخصصات العلمية، كي يصبحوا «معلمين» متخصصين من أبناء الوطن في تلك التخصصات الحيوية، لكنهم لم يكونوا يتقبلون ذلك التوجه.
ويضيف: أكملت تسع سنوات «معلم جيولوجيا»، وسبع سنوات في الإدارة المدرسية، ثلاث سنوات مساعد مدير وأربع سنوات مديرَ مدرسة، كنت مدير مدرسة بالوكالة، من دون ترقيتي وتعديل وضعي، لذلك قدمت استقالتي، ووجدت عملاً آخر، ولم يسألني أحد بعد كل تلك السنوات عن سبب استقالتي، ولم يقل لي أحد «شكراً».
ويؤكد الشامسي أهمية وجود المعلم المواطن في الميدان التربوي، لأسباب كثيرة، أهمها اللهجة المشتركة ولغة التواصل الواحدة، ولكوننا نعرف جميع أبناء المدرسة في ظل ترابطنا الاجتماعي، وذلك يشكل رادعاً للطالب، يمنعه من القيام بسلوك غير سليم في المدرسة، فالمعلم المواطن والإدارة المواطنة تعرف والده وأسرته، وهو ما يحميه ويقيم سلوكه، ووجود الإدارة المواطنة دعم قوي للمعلمين كذلك، وللميدان التربوي بشكل عام.
الرواتب والترقيات
ويُشير محمد ناصر النعيمي، مدير مدرسة سابق، خبرة تربوية امتدت 31 عاماً، إلى أن الرواتب في القطاع التعليمي التربوي غير مجزية للمواطنين، مقارنةً بالوظائف الأخرى، والترقية في الوظيفة بطيئة جداً، والصلاحيات غير موجودة لدى إدارات المدارس والموظفين، وكلها عوامل تنفر الشباب من اختيار مهنة التدريس.
ويكمل: هناك أيضاً ساعات الدوام الطويلة، والتعامل مع مختلف شرائح المجتمع في يوم واحد، كما أن المعلم يعمل لنحو 24 ساعة، من دون منحه أي امتيازات، كل ذلك واضح للمجتمع، فالمعلم مطحون بين الطلبة والإدارات، بينما تراجعت مكانته الاجتماعية، خاصةً في المناسبات، وهذا انتقاص من مكانة المعلم وقيمته.
ويضيف: أصبح نصاب المعلم بين 35 و30 حصة أسبوعياً، ولا يوجد عمل نوعي متقن في تلك الحالة، وعلى الوزارة إذا أرادت الارتقاء بالتعليم أن تتبنّى عدداً من الطلبة المواطنين الذكور في مرحلة الدراسة الجامعية، وتوقع معهم عقوداً لمدد محددة. مُشدداً على أن الحلول ضرورية لاستقطاب المعلم الإماراتي، في سبيل ترسيخ القيم والهوية الوطنية، مع تفهم الطلبة والبيئة المحيطة بهم، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، وهو ما ينعكس تأثيره فيهم بشكل كبير.
أسباب العُزوف
عارف العلي، مدير مدرسة متقاعد، أكمل 33 عاماً في الميدان التربوي، منها خمس سنوات مديراً لمدرسة، يؤكد أن أسباب عزوف المعلم الإماراتي عن التدريس كثيرة، وأهمها صعوبة المهنة وكثرة متطلباتها، وعدم وجود الحافز المغري وغياب الرواتب المستحقة، والامتيازات المحدودة جداً مقارنة بمتطلبات المهنة، وهذه إجمالاً كفيلة بإحجام الشباب الإماراتيين عن مهنة «المُعلم».

مُتطلبات وظُروف

يرى عارف العلي أن الوقت، الذي يقضيه المعلم داخل المدرسة، ومتطلبات المهنة، التي تقتضي أن يكمل مهامه في المنزل، تلك الأوضاع جعلت المهنة طاردةً للشباب الإماراتيين، ولا بدّ من إيجاد حلول، وإطلاق دراسة وافية ومتخصصة لمجمل أسباب العزوف عن المهنة السامية والقطاع الاستراتيجي، وإقرار امتيازات نوعية جديدة وعوامل جذب مقابل تلك التحديات، لفتح أبواب الميدان التربوي على مصراعيها أمام الشباب الإماراتيين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق