القوة والسياسة في إفريقيا.. حدود السلطة في قارة متحولة

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في القرن الحادي والعشرين، أصبحت إفريقيا نقطة ارتكاز للسياسات الدولية، حيث يتقاطع فيها الطموح الاقتصادي والتحديات السياسية في مشهد متغير باستمرار. بين التحولات الديمقراطية والصراعات، وبين الاستقرار والاضطرابات، تبرز إفريقيا بصفتها قارة تتشكل ملامحها السياسية بطرق معقدة تعكس التفاعلات بين السلطة، الجغرافيا، والمجتمع.
في كتابه الجديد «القوة والسياسة في إفريقيا: مولّد الحدود»، الصادر عن دار «فيرنون برس» في نوفمبر 2024، يقدم الباحث الياباني تاكوأو إيواتا تحليلاً معمقاً لديناميكيات السلطة في القارة الإفريقية، مسلطاً الضوء على أبعاد السياسة والعلاقات الدولية من زوايا متعددة، تشمل الجغرافيا، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا. يعتمد الكتاب على أكثر من ثلاثة عقود من البحث الميداني في إفريقيا وآسيا والغرب، ما يجعله مصدراً ثرياً لفهم تعقيدات المشهد السياسي الإفريقي.
يرى إيواتا أن المشهد السياسي في إفريقيا يتميز بتناقضات حادة، حيث تتجاور الديمقراطية الناشئة مع الأنظمة الاستبدادية، وتتنافس القوى المحلية والدولية على النفوذ، بينما تسهم التغيرات الجغرافية والاقتصادية في إعادة رسم الخرائط السياسية للقارة. يطرح الكتاب تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الدول الإفريقية على تحقيق الحكم الرشيد وسط بيئة سياسية معقدة تتداخل فيها المصالح الداخلية والخارجية.
أحد المفاهيم المركزية في الكتاب هو «مولّد الحدود»، حيث يناقش إيواتا كيف أن السلطة السياسية في إفريقيا ليست ثابتة، بل تتغير بناء على تفاعلات متعددة تشمل النزاعات الإقليمية، والحدود الاستعمارية الموروثة، والتدخلات الخارجية، والتحولات الاجتماعية الداخلية. يبرز الكتاب دور الحدود – سواء أكانت الفعلية أم الرمزية – في تشكيل العلاقات بين الدول الإفريقية وبين القوى الدولية الكبرى، مثل الصين، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
ما يميز هذا الكتاب هو استخدامه لنهج متعدد التخصصات في تحليل السياسة الإفريقية. فهو لا يقتصر على البعد السياسي التقليدي، بل يدمج الجوانب الجغرافية، الاجتماعية، والأنثروبولوجية لفهم أعمق لديناميكيات القوة. يعتمد إيواتا على تجاربه البحثية في غرب إفريقيا الفرانكوفونية، إلى جانب تحليلاته لمناطق أخرى في آسيا والغرب، لتقديم رؤية شاملة حول كيفية تشكل السلطة في إفريقيا وتفاعلها مع السياق العالمي.
ويشير إيواتا إلى أن القارة لا تؤدي دور المتلقي السلبي في العلاقات الدولية، بل تمتلك أدوات تأثير خاصة بها. يناقش الكتاب دور إفريقيا في مبادرات التعاون بين بلدان الجنوب، وتأثير العوامل الثقافية في السياسة، وكيفية استجابة الحكومات الإفريقية للضغوط الدولية، سواء في قضايا التنمية، حقوق الإنسان، أو التغيرات المناخية.
يُعد هذا الكتاب مصدراً مهماً للباحثين الأكاديميين، الطلاب، الدبلوماسيين، المسؤولين الحكوميين، الصحفيين، والعاملين في المنظمات غير الحكومية، إذ يقدم لهم إطاراً تحليلياً لفهم التحديات السياسية والاقتصادية في إفريقيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق