مجموعـات «الواتساب».. تواصل يربك البيئة المدرسية

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحقيق: أمير السني

حذّر تربويون من أن الاشتباكات داخل مجموعات «الواتساب» لأولياء الأمور والتي تؤدي إلى حالة من الفوضى والإرباك، وقد تنعكس بشكل مباشر على البيئة التعليمية للطلاب، مشيرين إلى أن تلك الاشتباكات تنشأ غالباً بسبب سوء الفهم أو تضارب الآراء، لكنها تترك آثاراً سلبية على مختلف أطراف العملية التعليمية، خاصة الطلاب.
وشكا أولياء أمور من غياب آليات واضحة ومنظمة للتواصل، وأن هنالك مدارس خاصة تعجز عن ضبطها ما يؤدي أحياناً إلى توتر العلاقة بين أعضاء المجموعات.
وتهدف مجموعات «الواتساب» إلى تسهيل التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، لكنها أحياناً تتحول إلى ساحات للخلافات والنقاشات الحادة التي تعرقل تحقيق أهدافها.
اتفق أولياء الأمور «أبو يوسف وأم راشد وأبو على وأم يامن» على أن أسباب الاشتباكات داخل مجموعات «الواتساب» تتنوع بين تضارب الأولويات، وسوء أسلوب النقاش، والتدخل الزائد في الشؤون التربوية.
كما أجمعوا على أن الحل يكمن في وجود تنظيم واضح للمجموعات، إلى جانب تعزيز ثقافة الحوار الإيجابي بين أولياء الأمور.
وأرجعوا أسباب تلك المشاكل إلى عدم حسم الأمر من قبل الهيئات التدريسية التي يجب عليها تحديد أوقات محددة للتواصل معاها ما يسهم في عملية تنظيم المجموعات (مثل ساعات العمل الرسمية)، معتبرين أن ذلك يحد من العشوائية في النقاش.
وقالوا: إن القضايا الشخصية يجب أن تكون مع الهيئة الإدارية مباشرة بدلاً من طرحها في المجموعة أمام الجميع، مشيرين إلى أن هناك أولياء أمور يستخدمون أسلوباً هجومياً أو استفزازياً للتعبير عن آرائهم، وهذا الأسلوب يجعل النقاش يتحول إلى اشتباك لفظي بين الأطراف، بدلاً من أن يكون حواراً حضارياً، وبعضهم قد يوجه انتقادات لاذعة أو يتهم الآخرين بعدم الاهتمام بأبنائهم، ما يزيد الأمور سوءاً.
وأكدوا على توعية أولياء الأمور بأهمية الاحترام المتبادل داخل المجموعات وتقديم ورش عمل أو نشر نصائح توجيهية حول كيفية استخدامها بشكل إيجابي يخدم العملية التعليمية، وأن يراقب المشرفون على المحتوى المنشور والتزامه بالأهداف، وحذف أي منشورات خارجة عن الموضوع أو مثيرة للجدل فوراً.
الحوار البنَّاء
وأكد عبد المقصود التاجي مرشد أكاديمي أن الحوار البنّاء والمبني على الاحترام هو أساسُ أي تواصل ناجح، موضحاً أن بعض أولياء الأمور يلجؤون إلى الانتقاد الحاد أو الشخصي عند طرح آرائهم، ما يثير غضب الآخرين ويزيد التوتر، وذلك يرجع إلى تفاوت مستويات التعليم والثقافة لدى أولياء الأمور ما يؤدي أحياناً إلى صعوبة التفاهم أو اختلاف وجهات النظر بشكل كبير.
وقال: إن الاشتباكات داخل مجموعات «الواتساب» ليست حتمية، لكنها نتيجة لسوء الإدارة وغياب التنظيم، ولو تم وضع قواعد وضوابط واضحة منذ البداية، إلى جانب إشراف مستمر من الإدارة المدرسية، فإن هذه المجموعات يمكن أن تتحول إلى أداة فعالة لدعم العملية التعليمية بدلاً من أن تكون مصدراً للتوتر والجدل.
ووضع عددٍ من الموجهات لضبط مجموعات أولياء الأمور منها تحديد المواضيع التي يُسمح بمناقشتها، ومنع النقاشات الجانبية أو الانتقادات العلنية، والالتزام بالأسلوب المهذب في التعبير عن الآراء، مشيراً إلى أن هذه القواعد ستساعد في ضبط النقاشات وتجنب خروجها عن السيطرة، يُفضل أن يكون هناك شخص واحد فقط مسؤول عن إدارة المجموعة، مثل مدير المدرسة أو أحد المعلمين المعتمدين، دوره الإشراف على النقاشات ومنع التصعيد، والرد على الأسئلة أو الاستفسارات بشكل رسمي ومنظم، وحذف الرسائل المسيئة أو غير المناسبة فوراً.
وأفاد أن إدارة المجموعة بفعالية يتطلب تعاوناً مشتركاً بين المدرسة وأولياء الأمور، مشيراً إلى أنه من خلال تطبيق هذه الحلول، يمكن الحد من الخلافات داخلها، مما يضمن تحقيق الهدف الأساسي منها تعزيز التواصل لخدمة الطلاب وتطوير العملية التعليمية.
غياب القواعد
أشارت رجاء شعبان تربوية إلى أن غياب القواعد المنظمة للتواصل من أكبر أسباب الاشتباكات التي تحدث داخل المجموعات إضافة إلى أن عدم تنظيم النقاشات يخلق بيئة فوضوية تسهل تحول الحوارات البسيطة إلى خلافات، وأن كل ولي أمر ينظر إلى الأمور من زاويته الخاصة، ويريد أن تُلبى احتياجات ابنه فقط، دون مراعاة احتياجات باقي الطلاب.
واعتبرت أن هذا التضارب في الأولويات يؤدي إلى نقاشات حادة بين أولياء الأمور حول القرارات المدرسية أو القضايا المتعلقة بالأنشطة والمناهج.
وزادت أن تدخل بعض أولياء الأمور في تفاصيل العملية التعليمية باعتقاد أن لديهم الخبرة الكافية للتدخل في طريقة التدريس أو تقييم أداء المعلمين، يثير جدلاً واسعاً في المجموعة، وأن هذا التدخل قد يشعر المعلمين بالضيق، ويُشعل صراعات بين أولياء الأمور الذين يدعمون المدرسة وأولئك الذين يعترضون.
وترى أن تدخل الإدارة بشكل منظم يُسهم في منع التصعيد وضمان بقاء المجموعة في إطار هدفها الأساسي، مشيرة إلى أن «المجموعات» في بعض الأحيان يتم إنشاؤها دون متابعة أو إشراف من المدرسة، ما يجعلها عرضة للتحول إلى منصات للنقد العشوائي أو المناقشات غير الهادفة.
قنوات
وأوضحت فاطمة السالم، تربوية أنه يجب أن تُخصص مجموعات «الواتساب» لتبادل المعلومات العامة فقط، أما الشكاوى أو القضايا الفردية فيجب التعامل معها عبر قنوات رسمية، مثل الاجتماعات الفردية أو الرسائل المباشرة للإدارة، وأن تخصيص هذه القنوات يقلل من احتمالية نشوء الخلافات.
وقالت يجب على المدارس تنظيم ورش عمل توعوية لأولياء الأمور حول كيفية استخدام المجموعات بشكل إيجابي، تشمل أهمية احترام آراء الآخرين، وكيفية طرح الأسئلة أو الشكاوى بطريقة بنّاءة.
وأكدت أن مجموعات أولياء الأمور تسهم في تحسين التواصل المباشر بين الأسرة والمدرسة، ما يسهل نقل المعلومات حول أداء الطلاب، والأنشطة المدرسية، الفعاليات المقبلة، حيث يمكن لأولياء الأمور من خلال المجموعات متابعة تقدم أبنائهم الأكاديمي، ومعرفة أية تحديات أو مشكلات قد يواجهها الطلاب، العمل مع المعلمين لحلها بشكل أسرع.
وقالت: إنه في بعض الأحيان، قد تُستخدم مجموعات «الواتساب» بشكل غير مثمر، حيث يتم إضاعة وقت الأعضاء في مناقشات جانبية أو موضوعات بعيدة عن هدف المجموعة الأساسي، ما يقلل من فاعليتها في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية.
ضغط اجتماعي
قالت الأخصائية الاجتماعية نورة الهاشمي: إن بعض أعضاء مجموعات «الواتساب» يمارسون ضغطاً اجتماعياً، خاصة إذا كانت هناك محاولات للمقارنة بين الأطفال أو أساليب التربية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعور بعدم الكفاءة أو القلق لدى بعض الأمهات والآباء.
وأشارت إلى فوائد عدة يمكن أن يستفاد منها في مجموعات «الواتساب» وهي أن تكون وسيلة لتنسيق الدعم والمشاركة في الأنشطة المدرسية مثل الرحلات المدرسية، الحملات التوعوية، أو الفعاليات الثقافية والاجتماعية.
وأضافت: إن مجموعات «الواتساب» تتيح الفرصة لأولياء الأمور للتعاون والتفاعل مع بعضهم البعض، ما يساعد على تبادل الخبرات والمعلومات حول كيفية دعم الأبناء بشكل أفضل، فهي توفر منصة لمناقشة القضايا التعليمية والتربوية المتعلقة بالمدرسة، مثل الأساليب التربوية، المناهج الدراسية، أو أية تطورات في النظام التعليمي.
وقالت: إن تلك المجموعات تعزز الوعي بأهمية المشاركة الفعالة في حياة الطلاب الدراسية، وكيفية تطوير بيئة تعليمية مثالية لهم، وفي حال وجود مشكلة معينة تتعلق بالطلاب أو المدرسة، يمكن أن تسهم في تسهيل إيجاد حلول جماعية بمشاركة أكبر عدد ممكن من أولياء الأمور.
وأكدت في ذات الوقت أن وجود مجموعات «الواتساب» لأولياء الأمور يسهم في بناء علاقة أفضل بين الأهل والمعلمين، ما يسهم في تنمية بيئة تعليمية مستقرة وداعمة.
استخدام سلبي
قال التربوي خالد العمري: إن الاستخدام السلبي لمجموعات أولياء الامور عبر الواتساب قد يتسبب في تكوين وجهات نظر سلبية حول المدرسة أو المعلمين إذا تم تداول انتقادات أو مشاكل بطريقة غير بناءة، وهذا قد يؤثر على العلاقة بين أولياء الأمور والمعلمين، مما يؤدي إلى تقليل التعاون بينهما.
وأضاف: إن بعض الشخصيات القوية أو المتعصبة في المجموعة تفرض رأيها خلال المناقشات، ما يحد من حرية التعبير لجميع الأعضاء، وهذا قد يؤدي إلى انعدام التوازن في الآراء والمقترحات داخل المجموعة، وفي حال غياب إشراف أو تنظيم جيد، قد تتحول إلى ساحة للمشاكل المستمرة أو النقاشات التي لا هدف لها.
وقال: إنه في بداية كل عام دراسي أو فترة جديدة، من المهم تحديد أهداف المجموعة، مثل دعم التفاعل بين أولياء الأمور والمعلمين، ومناقشة الأمور التربوية، وتبادل المعلومات حول الأنشطة المدرسية، ويمكن نشر هذه الأهداف بشكل دوري لتعزيز الانتباه إليها، ويمكن أن يقوم المعلمون أو إدارة المدرسة بإرسال تحديثات عن أداء الطلاب والأنشطة المدرسية في المجموعة بشكل دوري، ما يساعد أولياء الأمور على متابعة تقدم أبنائهم وطرح الأسئلة بشكل مباشر.
وأفاد أنه يمكن أن يتم استخدام أدوات مثل الاستطلاعات أو المراجعات الرقمية عبر «الواتساب» (مثل استخدام الروابط الخاصة بالاستطلاعات) للحصول على آراء أولياء الأمور حول مواضيع معينة، ما يساعد في تحفيز التفاعل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق