نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مذكرات تفاهم في العمران بين الدعاية والتلميع!!, اليوم السبت 4 يناير 2025 10:16 مساءً
في الأصل تشير "مذكرات التفاهم" إلى الوثائق الدولية التي تستخدم لتنظيم التعاون بين الدول في عدد من المجالات. هي وثائق تحتوي على بنود اتفاقية مشتركة بين جهتين، وتفتح آفاقا لعمل مشترك ولكنه غير مُلزم قانونيا، ولا تُحمل أياً من أطرافها التزامات مالية أو عينية. تُستخدم مذكرات التفاهم غالبا كاتفاق شرف بين الدول، وهي أيسر من المعاهدات الدولية التي تستغرق وقتا أطول ومفاوضات مستمرة. مذكرات التفاهم يتم صياغتها من أجل تسهيل المفاوضات بين الدول أو الجهات التي ليس لديها روابط مشتركة، بحيث تضع بنودا وأهدافا لطبيعة المفاوضات وصولا إلى تحويلها لتصبح اتفاقية ملزمة قانونيا. نفهم من ذلك أن مذكرات التفاهم في الأساس هي خطوة ابتدائية يتم عملها بين كيانات كبرى أو دول ليس بينها أرضية تعاون مشتركة، ولا تتضمن في بنودها أي التزامات مالية أو عينية أو قانونية.
لماذا نوقع مذكرات تفاهم بين مؤسسات تعمل في حيز جغرافي واحد؟ ولماذا لا يمكن التعاون؛ إلا بعد توقيع مذكرة تفاهم؟ سؤال يتردد إلى ذهني دوما ولم أجد له إجابة شافية. عندما تقرأ بنود مذكرة التعاون في العمران تجد أنها مصاغة بأسلوب العقود القانونية، وتعقد بين جهات ترتبط فيما بينها بأرضية مشتركة فالمكان واحد، والمجال واحد، والأهداف مشتركة، والرؤى متطابقة.
تشير المادة الأولى غالبا إلى الغرض من المذكرة، وهو تعزيز أواصر التعاون في المجال العمراني؛ في حين تشير بقية المواد إلى مجالات التعاون وطبيعتها، سواء في البحث العلمي أو التدريب أو الاستشارات العمرانية. وفي البند الأخير يتم الإشارة إلى مدة المذكرة والمراسلات والأحكام العامة ثم توقيع الطرفين، مع التأكيد على عدم إلزامية تطبيق الأطراف لهذه البنود! أتساءل دوما عن جدوى هذه المذكرات، فالتعاون في تبادل البيانات والمعلومات والاستشارات العمرانية يُفترض أن يكون متاحا ضمناً بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية لتحقيق المصلحة العامة.
لا أعرف لماذا انشغلت العديد من الإدارات التي تُعنى بالتخطيط والدراسات العمرانية بتوقيع مذكرات تفاهم؟ لماذا انشغلت بعض الإدارات والمؤسسات بتوقيع مذكرات تفاهم فيما بينها وكأنها جهات مستقلة ومعزولة لا تعمل في منظومة متكاملة؟ الأدهى من ذلك حينما تعمل كل إدارة بشكل مستقل داخل القطاع الواحد، مما يؤدي إلى ازدواجية في المهام وهدر في الإنفاق.
عجباً، هل أصبح الحصول على بيانات عمرانية أو إحصاءات أو استشارات في مجال التخطيط العمراني في غاية الصعوبة ويحتاج إلى مذكرة تفاهم؟
0 تعليق