أعتقد أن بعض الكتاب الذين تناولوا الضيف الكبير الجديد علينا وهو "قطار الرياض"، كانت مقالاتهم محصورة في زاوية ضيقة جدا، مثل خرم الإبرة، وتنحصر في جوانب مادية آنية فقط، وكأنهم "سواقين ميكروباصات" وينتظرون الربح السريع في نهاية اليوم، مع كل التقدير والاحترام لزملائي الكتاب.

من الجميل أن نتعامل مع الأشياء بواقعيتها وبجماليتها وبارتباطها مع الإنسان وتفاعلها معه، عالم جديد، نقضي فيه بضع ساعات من يومنا، وحياة جديدة نعيش فيها أوقاتا سعيدة وقد تكون مثيرة أحيانا، وسنرتبط معها بذكريات.. قد تعيش فينا ونعيش فيها فترات طويلة، وستأتينا أفكار وقد تكون ملهمة تولد في لحظات السكون والانتظار، ثقافة القطار جديدة لدينا ولكنها ليست جديدة على الإنسان، ستعطي أوجهًا جديدة ساحرة لهذه المدينة النجدية "الرياض"، ربما لم نرها أبدأ من قبل، مشروع عملاق لهذه المدينة المليونية وإحدى مدن العالم الكبيرة، الرياض مدينة مركزية ولديها مقومات لا تملكها أي مدينة أخرى إقليمية، وتنافسية مع الكثير من المدن العالمية نموا وحداثة وتطورا، حتى باتت جاذبة للتدفقات الاستثمارية والكفاءات والأيدي العاملة الماهرة على مستوى العالم، في القطاعات التجارية والاقتصادية أو حتى في صناعة الترفيه ومنافسة في قوتها الشرائية والاستهلاكية، وبالتالي تحقق نجاحات وفرصا جاذبة ونوعية أكثر من غيرها، سواء في الاستثمارات الرأسمالية أو في تقديم الخيارات المغرية للمستثمرين، وبالتالي أصبحت نقطة جذب عالمية، وبلا شك القطار سيساهم بشكل كبير في تعزيز وخلق فرص كبيرة لهذه القطاعات، وهو يأتي في خطوة تعكس طموحات الرياض لتكون المدينة الأولى عالميا، ببنية تحتية متطورة، ونتيجة لدارسات عميقة للوضع الراهن للمدينة واحتياجاتها الحالية والمستقبلية من قطاع النقل العام، وما نشاهده اليوم هو تجسيد لأفضل الحلول والخيارات لنظام النقل العام ونقلة نوعية في مجال المواصلات لمدينة الرياض، حيث يجمع بين الابتكار، الراحة، والاستدامة، ليشكل أساسا متينا لمستقبل حضري أكثر اتصالا وتنظيما، ويمثل نموذجا يحتذى به للمدن الكبرى حول العالم، وليتلاءم مع واقع الرياض وخصائصها العمرانية والسكانية والمرورية.

علينا أن نظهر الصورة الكبيرة لهذا المكون الجديد "قطار الرياض"، وأثره الكبير الذي سيشكله على المستوى الثقافي والاجتماعي، وهو الأهم، ثم الاقتصادي كذلك وهو مهم، وسيلعب دورا كبيرا في تعزيز الحياة الاجتماعية والروابط الأسرية وتكوين علاقات وصداقات جديدة مهما كانت المسافات، وسيقضي على عزلة الأحياء ويساهم بربطها مع بعض في لحظات معدودة وبتكلفة مناسبة، ودمج المجتمعات مع المجتمع الأكبر على مستوى "الرياض" وسيجلب الأشياء الجميلة والناس إلى مجتمعك، وبالتالي ينشر السعادة والحب والإخاء والترابط بين أفراد المجتمع، وسيشكل حياة جديدة تنعكس على ثقافة الناس وطريقة معيشتهم، وأسلوب حياتهم وتنقلهم، وحضور الفعاليات والمناسبات والاحتفالات مهما كان مكانها دون تفكير، وسيتولد مفردات جديدة وأسلوب حياة مع هذه القطارات وجمل جديدة ستعيش مع الناس وفي كلام الناس وستكون في أغانيهم وأهازيجهم، ومواقف كوميدية طريفة ومضحكة ستكون فاكهة المجالس وقد تكون ملهمة لأعمال درامية ومسرحية قادمة بكل تأكيد.

3OMRAL3MRI@