باريس - أ ف ب
تسعى صناعة التكنولوجيا إلى إدخال الذكاء الاصطناعي في النظام التعليمي، على الرغم من وجود شكوك بشأن فاعليته في تحسين النتائج التعليمية. بدأت عدة دول في استخدام أدوات تعليمية رقمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لدعم المعلمين في الفصول الدراسية.
الذكاء الاصطناعي في التعليم
في المملكة المتحدة، باتت التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، جزءاً من الحياة اليومية للأطفال وأولياء الأمور. من أبرز هذه التطبيقات «سباركس ماث» (Sparx Maths)، الذي يساعد على متابعة تقدم الطلاب باستخدام خوارزميات متطورة. وفي خطوة لتوسيع هذا المجال، أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس، استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (حوالي خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي لمساعدة المعلمين على إعداد المحتوى التعليمي.
هذا التوجه ليس محصوراً في المملكة المتحدة؛ بل بدأ ينتشر أيضاً في دول مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. في فرنسا، كان من المتوقع أن يتم اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) في بداية العام الدراسي 2024 لتقديم تمارين مخصصة في اللغة الفرنسية والرياضيات للطلاب، إلا أن التغييرات الحكومية الأخيرة، أدت إلى تأجيل هذا المشروع. ومع ذلك، تواصل الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» (Evidence B) التي طوّرت التطبيق التوسع في عدة دول أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا، ما يعكس تحولاً مهماً في «تكنولوجيا التعليم» (EdTech).
الشركات الكبرى تستثمر في التعليم
تتسابق الشركات التكنولوجية الكبرى مثل «مايكروسوفت»، «ميتا» و«أوبن إيه آي» الأمريكية لتسويق أدوات الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي. وتعمل هذه الشركات على عقد شراكات مع المؤسسات التعليمية وشركات ناشئة لتوسيع نطاق استخدامها. في هذا السياق، يرى مانوس أنتونينيس، مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في اليونسكو، أن التعليم أصبح «حصان طروادة» للشركات الكبرى للوصول إلى المستهلكين المستقبليين. كما أعرب عن قلقه بشأن استغلال الشركات للبيانات التي تجمعها لأغراض تجارية، ونشر خوارزميات قد تكون منحازة.
الشكوك والانتقادات
انتقادات المشككين في فاعلية الذكاء الاصطناعي في التعليم بدأت قبل ظهوره القوي في السنوات الأخيرة. في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، لم يحقق تطبيق «سباركس ماث» النجاح المنتظر بين أولياء الأمور. فقد عبّر العديد منهم عن استيائهم من التطبيق، حيث أشار بعض المستخدمين إلى أنه «يدمر أي اهتمام بالمادة».
وفي هذا الصدد، أظهرت دراسة لمركز «بيو ريسيرش سنتر» في مايو أن 6% فقط من معلمي المدارس الثانوية في الولايات المتحدة يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي في التعليم يحمل فوائد تفوق مخاطره. هذه الشكوك تجد صدى لدى العديد من الخبراء، الذين يرون أن التكنولوجيا، على الرغم من مزاياها، قد لا تكون قادرة على تحسين التفاعل الاجتماعي في التعليم، الذي يُعد من أهم جوانب عملية التعلم.
التعليم تجربة اجتماعية
تعد إحدى أبرز الحجج المؤيدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم هي إمكانية توفير «التعلم الشخصي» من خلال المتابعة الفردية التي تقدمها الأنظمة الذكية. هذه الحجة تحظى بدعم من بعض المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين، لكنها لا تأخذ في الاعتبار الجانب الاجتماعي للتعلم، الذي يتم من خلال التفاعل بين الطلاب.
في هذا السياق، يشير ليون فورز، مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلى أن الترويج للذكاء الاصطناعي بصفته حلاً للتعلم الشخصي قد يؤدي إلى مزيد من العزلة، مشيراً إلى أن التكنولوجيا لا يمكن أن تحل محل التفاعل البشري الضروري في العملية التعليمية. وفقاً لفورز: «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي تواجه المعلمين والطلاب».
0 تعليق