شهد قطاع الكهرباء فى مصر على مدار العِقد الماضى نمواً وتطوراً ملحوظين، مما عزز بشكل كبير من قدرته ورفع كفاءته، حيث قامت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بدور محورى فى هذا التحول، مدفوعة بالاستثمارات الاستراتيجية والتقدم التكنولوجى. يسلط التحليل الشامل للمؤشرات الرئيسية المتاحة فى آخر تقرير صادر عن الشركة القابضة لكهرباء مصر، وذلك عن الفترة من 2014 إلى 2022، الضوء على حجم هذا التقدم.

فقد شهدت القدرة المركبة لتوليد الكهرباء فى مصر زيادة كبيرة قاربت الضعف، من 32 جيجاوات فى عام 2014 إلى 59.8 جيجاوات فى عام 2022، مما يمثل نمواً بنسبة 187%. هذا التحسن الكبير مكَّن البلاد من تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء نتيجة للنمو السكانى والاستثمارات فى المشروعات الجديدة، حيث ارتفع الحمل الأقصى من 26.14 جيجاوات إلى 33.8 جيجاوات، بزيادة نسبتها 129%.

تضمنت الزيادة فى القدرة توفير إمداد أكثر موثوقية بالكهرباء، مما يقلل من احتمالية حدوث نقص فى الطاقة فى حالة توافر كميات الوقود، علماً بأن الأحمال ارتفعت إلى 35.5 جيجاوات فى أغسطس 2023. وارتفع إجمالى الطاقة المولدة من 168 تيراوات/ساعة فى عام 2014 إلى 214 تيراوات/ساعة فى عام 2022، مما يعكس نمواً بنسبة 127%.

ساهم التوسع فى مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير فى هذه الزيادة، حيث شهد توليد الطاقة المتجددة ارتفاعاً ملحوظاً من 1.4 تيراوات/ساعة فى عام 2014 إلى 10.5 تيراوات/ساعة فى عام 2022، بزيادة هائلة بلغت 750%. يعكس هذا التحول نحو الطاقة المتجددة والتزام مصر بالحلول المستدامة والصديقة للبيئة.

عززت مصر أيضاً دورها كمصدر للطاقة. وارتفع حجم الطاقة المصدرة من 0.4 تيراوات/ساعة فى عام 2014 إلى 1.5 تيراوات/ساعة فى عام 2022، بزيادة قدرها 375%.

لا يقتصر هذا على زيادة الإيرادات الاقتصادية للبلاد فحسب، بل يعزز أيضاً مكانة مصر كلاعب رئيسى فى سوق الطاقة الإقليمى، وتتطلع مصر لتصبح مركزاً عالمياً للطاقة لموقعها الجغرافى وإمكانياتها الفنية ومواردها البشرية من الخبرات المطلوبة لهذا المجال.

تحسنت كفاءة محطات الطاقة فى مصر بشكل كبير. وانخفض الاستهلاك النوعى للوقود من 210 جرامات/كيلووات/ساعة فى عام 2014 إلى 181 جراماً/كيلووات/ساعة فى عام 2022، وشهد أيضاً انخفاضاً ملحوظاً إلى 176 جراماً/كيلووات/ساعة فى عام 2023، مما يعكس استخداماً أكثر كفاءة للوقود، ويحقق وفراً مالياً من العملة الصعبة.

بالإضافة إلى ذلك، تحسنت الكفاءة الحرارية من 41.8% إلى 48.5%، مما يعكس التقدم فى التكنولوجيا والممارسات التشغيلية. وذلك أيضاً بفضل زيادة استخدام الغاز الطبيعى من 77% إلى 91%، يبرز أيضاً استخدام مصدر وقود أنظف وأكثر كفاءة، إلا أن فى هذه النقطة تحديداً يتم تنويع مصادر الوقود للحفاظ على الموارد الطبيعية من الغاز الطبيعى وتوجيهه إلى صناعات الأسمدة والبتروكيماويات.

خضعت الشبكة الوطنية لتوسيع كبير. زاد طول خطوط النقل الهوائية (OHTL) والكابلات من 42000 كم إلى 56000 كم، بنمو قدره 133%.

وبالمثل، تضاعفت تقريباً قدرة المحولات ذات الجهد العالى من 99.6 جيجا فولت أمبير إلى 190 جيجا فولت أمبير، بزيادة قدرها 191%. تضمن هذه التحسينات نقل الكهرباء بكفاءة أكبر عبر مسافات أطول، مما يقلل من الفقد فى شبكات النقل ويحسن من الموثوقية.

توسعت شبكة التوزيع بشكل كبير لاستيعاب العدد المتزايد من العملاء. نمت شبكات الجهد المتوسط (MV) من 169000 كم إلى 232000 كم (زيادة بنسبة 137%)، بينما توسعت شبكات الجهد المنخفض (LV) من 256000 كم إلى 330000 كم (زيادة بنسبة 129%).

كما زادت قدرة محولات الجهد المتوسط من 65 جيجا فولت أمبير إلى 93 جيجا فولت أمبير، بزيادة قدرها 143%. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد العملاء من 30.6 مليون إلى 39.1 مليون، بزيادة قدرها 128%، مما يضمن وصول الكهرباء الموثوق بها إلى المزيد من المنازل والأعمال، وتعمل وزارة الكهرباء جاهدة فى تنفيذ واستخدام تكنولوجيات حديثة للتغلب على نسب الفقد العالية فى شركات التوزيع وكذلك اتباع سياسات جديدة.

توضح البيانات من 2014 إلى 2022 التقدم الكبير الذى حققته مصر فى قطاع الكهرباء.

تعكس الزيادة فى القدرة المركبة والطلب الأقصى والطاقة المولدة، بالإضافة إلى التحسينات الكبيرة فى الكفاءة وتوسيع الشبكة الوطنية، استراتيجية طاقة قوية وموجهة نحو المستقبل. مع التركيز المستمر على الطاقة المتجددة والاستخدام الفعال للغاز الطبيعى، تتجه مصر بخطى ثابتة نحو أن تصبح رائدة فى تطوير الطاقة المستدامة، رغم التحديات الحالية.

* خبير واستشارى الطاقة وعضو المجلس العربى للطاقة المستدامة