أدبيات بيئة الأعمال

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أدبيات بيئة الأعمال, اليوم الخميس 7 نوفمبر 2024 01:28 صباحاً

هذا المقال هو تتمة للمقال السابق، والذي كان بعنوان "أدبيات وظيفية"، حيث يتناول بعض التوجهات والمبادئ والسلوكيات التي تشكل إطارا مهنيا يتيح للموظف تحقيق التوازن النفسي والأخلاقي والعملي في بيئات الأعمال، بما يسهم، بإذن الله، في الترقي الأخلاقي والمعرفي والمهني. وسنكمل الحديث هنا عن بقية المفردات الخمس لهذا الإطار.

مهارة التوازن الحياتي الصعبة لا بد من استيفاء متطلباتها على الصعيد الشخصي، والحقيقة كثيرة هي التجارب التي تراها بالعين المجردة التي تحكي لنا مدى الانشغال بأعمال خارج أوقات العمل وأثرها المتراكم السلبي على الأبعاد الأخرى في الحياة كالجانب الأسري والاجتماعي بل وأيضا الصحي، قد يتفهم بأن يكون لزخم الأعمال ترددات مرتفعة في أوقات معينة، ويتعامل معها كحالات استثنائية متقطعة بين فترة وأخرى، ولكن الإشكال قد يحدث عندما يكون ذلك وكأنه روتين يومي بأن تجد ملفات العمل مفتوحة على مصراعيها بشكل دائم خارج وقت الدوام، ومن مظاهرها بالتأكيد بما يعرف إدمان العمل (Workaholism)، وهو الذي يحضر بجسده في مناشط الحياة المختلفة وعقله معلقا بالعمل.

بعض الشركات والمنظمات وضعت نصب عينيها كيف يمكن ضمان استدامة الإنتاجية للموظف مع تقليل تعرضه لخطر الإرهاق الوظيفي (Burnout) الذي بالتأكيد سيضر بمصالح المنظمة على المدى البعيد، وضعت حلولا مثل عدم تلقي إشعارات البريد الالكتروني بعد ساعات الدوام أو العمل الإجباري عن بعد ليوم واحد في الأسبوع أو يوم اللا اجتماعات أو يوم اللا بريد الكتروني، وكلها كانت أمثلة لابتكار حلول تخفيفية لمساعدة الموظف للوصول للتوازن المطلوب الذي يضمن استدامة الإنتاج للمنظمة على المدى البعيد، وبغض النظر عن هذه الحلول خارج الإطار الشخصي أعتقد أن هذه المسألة لا بد أن تأخذ مكانها في حيز التفكير والتطبيقات حتى يصل الإنسان لمرحلة بعد تمرس طويل بأن يستطيع أن يقفل نافذة العمل عند تواجده خارج نطاق الأعمال.

تجاوز المأزق العميق وهو معضلة الطموح الرضا، وهو كيف يمكن للإنسان أن يجمع بين الطموح المتوهج والامتلاء بالقناعة على ما أنت عليه الآن، تكمن الصعوبة هنا في تمييز الشعرة متناهية الدقة في كيفية الجمع بين هذين المسارين، ولكن بمزيد التأمل والتدبر والتفكر والعمل سيكون هناك نبراس توازن كما حكى عنه الشاعر (ورزقك ليس ينقصه التأني.. وليس يزيد في الرزق العناء) وستصل يوما ما لإدراك أنه كلما تحقق شيئا مما تريد سيحل مكانه متطلب جديد وستحيط علما وإدراكا بإحداثيات الرضا والطموح وسيتماهى في كينونتك مبدأ ما كان ليصيبك لم يكن ليخطئك.

لا تدخر جهدا في أن تكون بيئة العمل هي أيضا مناط عمل الخير والمساحة الزمنية التي تمكنك بأن تسعى في خدمة الآخرين ومساعدتهم فيما لا يتعارض مع أدبيات الأعمال، زهرة أوقات الحياة ستجد أنها تصرف في هذا الوقت اليومي وكان الله في عونك إذا كنت في عون أخيك، ابذل الوسع في توصيل المعلومة أو توريث الخبرة والقيادة والتفهم للظروف المختلفة التي يمر بها الموظف وكل أشكال العطاء الإيجابي التي يمكن أن تحدث وهي "كارما" وفهم عميق لمعنى العطاء بأنه أخذ غير مباشر.

ذروة النضج بأن يكسو التعاملات المختلفة منهجية وعقلية التظافر أو بما يعرف بعقلية الجميع يكسب (WIN -WIN)، والتجارب الحية التي نراها في بيئات متعددة تفيدنا بأن الرهان الحقيقي لأي منظمة يقوم على هذه العقليات فضلا عن أن من يمتلك هذا النمط الفكري والسلوكي ستجده يتصدر المشهد أداء وفعالية ومحبة، ويكفي في ذلك تصور حجم النوايا الطيبة من الآخرين ودعائهم وصلواتهم بأن يكون التوفيق حليف ذلك الشخص التضافري.

احرص دائما بأن تكون المبادئ هي من الحاكمة في شكل تصرفاتك وتعاملاتك، يحدث في بيئات الأعمال بأن يكون هناك ميادين في الأعمال قد تختلط فيها المبادئ والمصالح الشخصية ومصالح المنظمة، فاظفر في توجهاتك بذات المبادئ وسيكون جناحا التوفيق والبركة هما من يحلقا بك في سماء الإنجاز.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق