نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد مصطفى أبوشامة يكتب في تحليل سياسي: هل سيفوز «أقل الضررين» في يوم «تحرير أمريكا»؟!, اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 07:52 مساءً
قُضى الأمر، وانتهى مولد التصويت فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، وأصبحنا على صخب النتائج، وتتوالى فى الساعات القادمة الأخبار الحاسمة التى تُرجّح كفة أحدهما على حساب الآخر، تُرى من سيكون الفائز فى انتخابات كان الاختيار فيها مفاضلة بين «سيئة» و«أسوأ»؟، وأجبر الشعب الأمريكى، ومعه شعوب العالم، على قبول «أقل الضررين» فى حال فوزه والتعايش معه لأربع سنوات قادمة، لعل بعدها تمتد يد الله وتُنقذنا، إما أن يتغير النظام الانتخابى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وإما أن يفاجئنا النظام الحالى ويقدّم لنا مرشحين يليقون بقيمة ومكانة سيدة العالم، الإمبراطورية التى تمتلك مفاتيح الأرض.
لقد كان مؤسفاً أن تنتشر المقارنة الساخطة (بين سيئة وأسوأ)، والتى تصف مرشحى أهم ديمقراطية فى العالم، وتنعت كليهما بالسوء وذلك وفق تقديرات وآراء محلية وعالمية. وكان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، أقوى فى وصفهما وأكثر شجاعة، حيث أكد أنهما «ضد للحياة»، فى إشارة إلى هاريس وترامب، حسبما ذكرت شبكة «سى إن إن» الأمريكية، ثم قال ناصحاً: «يجب على المرء أن يختار الأهون شراً. من هو الأخف ضرراً؟ تلك السيدة أم ذلك الرجل؟ لا أعرف، يجب على كل من لديه ضمير أن يُفكر فى هذا ويفعله». ثم استطرد معبراً بصراحة أكبر إن «طرد المهاجرين، وتركهم أينما تريد، أمر فظيع، هذا شر. إن طرد طفل من رحم أمه هو اغتيال، لأن هناك حياة». قاصداً توجّه ترامب نحو «محاربة المهاجرين» وطردهم من أمريكا، وتصدّر «حقوق النساء فى الإجهاض» البرنامج الانتخابى لهاريس، وكلا الموضوعين ينتمى إلى القضايا ذات الجاذبية العاطفية، وتم اختيارهما بعناية من قِبل المرشحين، من أجل حشد المؤيدين لمثل تلك الأفكار وخلق زخم حوارى حولهما يستقطب آخرين.
سيرك سياسى
لقد مرت أيام الدعاية فى انتخابات 2024 فى مناخ يسوده الاستقطاب الحاد، وتصاعد فيها التلاسن بين المرشحين، ووصل إلى مستنقع لا يليق بأهم دولة فى العالم. فقد حوّل المرشح الجمهورى دونالد ترامب، منافسات ثلاث دورات انتخابية متتالية إلى «سيرك سياسى»، وأجبر منافسيه على منازلته بأسلوبه نفسه، وكان من حظه أن اثنتين من هذه الدورات الثلاث كانت تنافسه فى كل منهما سيدة، وهو ما منحه مساحة أكبر للتنمّر والسخرية والتحقير ضد منافسيه، بطريقة وصلت إلى الحضيض فى انتخابات 2024.
احتلال أمريكا
وكان من تجليات الدعاية الترامبية، ما ذكره المرشح الجمهورى الذى خطب فى أنصاره، واصفاً حال بلاده بأنها واقعة تحت الاحتلال، فى إشارة إلى المهاجرين الذين يناصبهم العداء، ويضع طردهم من كل الولايات على رأس أولوياته السياسية، «أمريكا اليوم معروفة فى كل أنحاء العالم بأنها أمريكا المحتلة. نحن محتلون من جانب قوة إجرامية»، ووسط هتافات المؤيدين المسحورين بوعوده، أضاف: «إن الخامس من نوفمبر، سيكون يوم تحرير أمريكا».
وتتماشى تلك الكلمات الطنانة، مع رغبة ترامب فى تقديم نفسه كزعيم قوى، وهى الفكرة نفسها التى تفجر السخرية منه بسبب هراء الكلمات نفسها وسذاجتها بالقياس للعصر الذى نعيشه.
شكراً كامالا
فيما منحت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس كثيراً من الحيوية والنشاط والحماس للمشهد الانتخابى، بعد أن حلّت بديلاً للمنسحب جو بايدن، الذى كان سيدفع وجوده إلى تكرار انتخابات 2020، باقتصار المنافسة على كهلين، ليغتالا بعجزهما طموح إمبراطورية تنحسر عنها الأضواء ويتراجع دورها، وكانت تترجّى شبابها لينهض بها من كبوتها ويقودها بروح العصر، فإذا بها أسيرة للماضى وأفكاره البالية، وكأنها تسير للخلف، عائدة إلى القرون الوسطى. وكلنا أمل فى أن تمنح السنوات القادمة الفرصة لظهور جيل جديد من السياسيين، بعد أن شاخ النظام السياسى الأمريكى، وبدا عاجزاً عن تجديد دمائه.
وإن ظهرت بشائر النتيجة اليوم وفازت كامالا هاريس، فلا أسباب وراء ذلك، مهما أبدع المحللون، إلا أنها «ليست ترامب».. و«ليست بايدن».. ولهذا انتخبها الشعب الأمريكى لتكون «أخف الضررين».
نقد النظام
يعقب انتهاء انتخابات الرئاسة غالباً، جدل كبير حول النظام الانتخابى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى كل مرة تكون هناك أسباب داعية إلى ذلك، وستُظهر الأيام القادمة اتجاه المناقشات، وأفكار التطوير، التى لا ترتقى أبداً إلى حيز التنفيذ.
وتقوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية على نظام اقتراع غير مباشر (معقّد)، يعتمد على أصوات كبار الناخبين فى المجمع الانتخابى. ويحصل على حق الإقامة لأربع سنوات فى البيت الأبيض، المرشح الذى يصل إلى 270 من أصوات الناخبين فى هذا المجمع، وهو ما يُسمى بالأغلبية المطلقة.
ومع سطوع اسم دونالد ترامب فى منافسات الانتخابات الرئاسية، وفوزه على هيلارى كلينتون سنة 2016 رغم تفوقها عليه بما يقارب ثلاثة ملايين صوت. تصاعد الحديث عن عيوب النظام الانتخابى وضرورة تطويره، إما بالأخذ بنظام التصويت المباشر وإلغاء المجمع الانتخابى، أو إيجاد نظام بديل يجعل انتخاب رئيس الولايات المتحدة تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب.
والوضع الاستثنائى فى 2016 المتمثل بخسارة التصويت الشعبى، والفوز بالانتخابات رغم ذلك، تكرّر مع خمسة رؤساء سابقين وصلوا إلى حكم أمريكا بهذه الطريقة، أولهم جون كوينسى الذى فاز عام 1824 على أندرو جاكسون. فيما شهدت انتخابات 2000 صراعاً قوياً بين جورج دبليو بوش والديمقراطى آل جور، الذى فاز بفارق 500 ألف صوت عن بوش على المستوى الشعبى. لكن منحت أصوات المجمع الانتخابى فى فلوريدا الفوز لبوش بعد أن ارتفع مجموع أصوات الهيئة الناخبة لصالحه إلى 271 وحُسمت النتيجة بعد ضجة كبيرة.
مفاجأة 2024
طويت أمس الثلاثاء الصفحة الأخيرة من ملف انتخابات الرئاسة فى الولايات المتحدة، وحسب بيانات أولية فإن أكثر من 78 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم مبكراً، وهو رقم تاريخى يُخبرنا بحسم أن عادات التصويت الأمريكية قد تغيرت. فقد كان «التصويت المبكر» هذا العام الأعلى مقارنة بسنة 2016، حيث كان الرقم 47.2 مليون صوت، فيما كان سنة 2012 نحو 46.2 مليون صوت. أما فى العام الاستثنائى 2020، وبسبب تفشى وباء كورونا والإجراءات الاحترازية المتبعة وقتها، فقد أدلى 101.5 مليون ناخب بأصواتهم مبكراً تجنّباً للازدحام فى يوم الحسم، الثلاثاء الكبير.
وقبل شهر ونصف على موعد الاقتراع فى الانتخابات، بدأ الناخبون فى الولايات الأمريكية المختلفة ما يُعرف بـ«تصويت مبكر» لاختيار الرئيس القادم لبلادهم، وتقدّم 47 ولاية فرص تصويت شخصية مبكرة، ويكون هذا الاقتراع المبكر إما فى لجان انتخابية وإما من خلال بطاقات الاقتراع عبر البريد، وفق المؤتمر الوطنى للهيئات التشريعية للولايات، ولا توفر الولايات الثلاث (ألاباما، ميسيسيبى، ونيو هامبشاير) تصويتاً مبكراً أو غيابياً دون عذر.
وقد انتقد الرئيس السابق دونالد ترامب كل أشكال التصويت المختلفة، باستثناء الاقتراع الحضورى المباشر يوم الانتخاب، بل أرجع سبب هزيمته الانتخابية أمام بايدن سنة 2020 إلى الانتخاب عبر البريد.
وقد وصف عملية الاقتراع البريدى، حسب وكالة «AP» الأمريكية، بأنها «عُرضة للتلاعب»، مشيراً إلى أن الديمقراطيين «استخدموا التصويت بالبريد لحشو الصناديق خلال الانتخابات الماضية»، والتى لم يعترف حتى الآن بنتيجتها، مُلخّصاً رأيه فى النظام الانتخابى فى بلاده، بسخرية: «نحن مضحكة للعالم فى ما يتعلق بالانتخابات».
فلتحكم النساء!
«فى المكان الوحيد فى أمريكا، حيث لا تزال المرأة تتمتع بحق الاختيار، يمكنك التصويت بأى طريقة تريدها. ولن يعرف أحد أبداً»، هكذا قالت الممثلة الأمريكية الشهيرة جوليا روبرتس فى فيديو ترويجى تم بثه خلال أيام الدعاية الأخيرة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، مشجّعة النساء على التصويت لهاريس، وإخفاء ذلك عن أزواجهن، وهو الفيديو الذى قُوبل بغضب (جمهورى) واسع.
وكانت صحيفة «التليجراف» البريطانية قد جدّدت مخاوف ترامب من التصويت المبكر، خاصة للنساء، حيث أظهرت بيانات تفوقاً ملحوظاً فى نسب مشاركة النساء مقارنة بالرجال فى التصويت لصالح هاريس.
فيما شجعت نائبة الكونجرس المنتمية إلى الحزب الجمهورى (سابقاً)، ليز تشينى، النساء الجمهوريات على «التصويت (بضميرهن) وعدم الاضطرار إلى قول كلمة لأى شخص»، حسبما ذكرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، مؤكدة أنه فى استطلاع للرأى أجرته مؤخراً صحيفة «يو إس إيه توداى»، بالتعاون مع جامعة سوفولك، تقدّمت هاريس على دونالد ترامب بين النساء بنسبة 53%.
وعلى طريقة النص المسرحى «براكسا» للأستاذ توفيق الحكيم، الذى كان يُبشّرنا بحكم النساء للعالم يوماً ما، وبصوت الكورس الجماعى فى المسرحية، والذى كان يُردد كل حين «فلتحكم النساء»، أنضم إلى رأى الشعب، الذى كان لسان حاله «فلنُجرب هذا أيضاً»، لعل امرأة تُصلح ما أفسده رجال أشداء. يحدث هذا إن فازت كامالا!
0 تعليق