عصر البروتين

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عصر البروتين, اليوم الأحد 3 نوفمبر 2024 03:34 صباحاً

حتى نفهم الحياة لا بد من فهم البروتين، فهو مصفوفة من أجزاء كيميائية تسمى "أحماض أمينية"، هذه الأجزاء تدخل في تكوين مركبات لا حصر لها، تلعب دورا محوريا في حياة البشر. فمن هذه المركبات ما يسمى بالإنزيمات، وهي المسؤولة عن تسارع التفاعلات الكيميائية في جسم الإنسان والتي تساهم في الحياة والنمو، أيضا الهيموجلوبين وهو عبارة عن البروتين المسؤول عن نقل الأوكسجين، الإنسولين ودوره في ضبط إيقاع سكر الدم، ولا ننسى البروتين الشوكي الذي تزيَّن به فايروس كورونا وكان المسؤول عن فتح المجال له للتسلل داخل الجهاز التنفسي للبشر، وأدى بدوره إلى إغلاق اقتصاد العالم!

إذًا، فهم البروتين وتركيبه يعد في غاية الأهمية، حيث إن كثيرا من الأمراض تنشأ نتيجة عدم تشكل البروتين بالشكل السليم، فالبروتين حتى يؤدي وظيفته لا بد أن يرتبط مع مركبات أخرى، فإذا تغير شكله لن يتمكن من الارتباط السليم، ويؤدي بذلك إلى حدوث المرض (تخيل لو أن الإنسولين تغير شكله فلن يتمكن من وظيفة تقليل مستوى السكر بالدم) وقس على ذلك.

الأمراض تنشأ عادة من عدم تشكل البروتين بالشكل المناسب، فمثلا البروتين المسمى P53 عندما يتشكل بشكل مختلف يغير من نمو الخلية الطبيعي ويقود إلى النمو المتسارع وغير المنضبط (السرطان)!

وأخيرا، معرفة شكل البروتين تساهم في تركيب وتصميم الأدوية، فمتى ما عُرف الشكل كان بالإمكان صناعة مركبات لها القدرة على الارتباط بالبروتين بالشكل السليم.

يبقى السؤال ما هي الأدوات التي تمكننا من معرفة شكل البروتينات؟!

كانت الوسائل المتاحة لهذه الغاية تستنزف وقت الباحثين، وتحتاج إلى نوع معين من الخبرة والآلة حتى يتم معرفة بروتين من آلاف البروتينات، ومن أشهر تلك الوسائل تقنية "كريستالوقرافي" و"المايكروسكوب المغناطيسي".

ولكن بطبيعة الحال تحتاج لجهد وقد لا تعمل بشكل جيد مع كثير من البروتينات، نظرا لتعقيدات الشكل والحجم.

على الإرهاق الناجم من هذه الأدوات وشعور الخيبة، ارتأت جامعة واشنطن إنشاء وحدة أبحاث متخصصة بمشكلات البروتين ومحاولة فهمه، حيث إنها جمعت بين الطرق التقليدية والأجهزة الحاسوبية لبناء معلومات دقيقة قادرة على التنبؤ بأشكال البروتين.

لم تكتفِ بذلك، بل نجمت هذه الجهود على إنشاء لعبة باسم "Foldit" في محاولة منها لإشراك المجتمع غير المختص في محاولات إيجاد حلول لتركيب بعض البروتينات، وقد تكللت كثير من هذه الجهود بالنجاح، حيث انتقال البروتين من مضمار الألعاب الالكترونية إلى ساحات النشر العلمي!

مع تلك الجهود الحثيثة جاءت شركة Alphafold المملوكة لـ Deepmind التابعة لقوقل إلى إنشاء موقع يقوم على الذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ بالبروتين، العجيب أن الموقع قد تم تطويره بناء على نظام استخدمته الشركة في لعبة تعتمد على وظائف معقدة في التنبؤ بحركات الخصم (Go)، (لعبة أكثر تعقيدا من الشطرنج)، ونجحت الشركة في بناء نظام قادر على التنبؤ، استطاع الفوز على أقوى لاعبي العالم مهارة، الجدير بالذكر أنها كانت المرة الأولى في تاريخ الذكاء الاصطناعي الفوز بهذه اللعبة!

من هنا جاءت شركة Deepmind بنقل هذا النظام المعتمد على الذكاء لأغراض علمية، فكان نتاج ذلك هو Alphafold الذي كان قادرا على أن يتنبأ بشكل البروتين، مما فتح الآفاق للباحثين في حل أحد أكبر المشكلات في البحث العلمي.

تلك المساهمات من جامعة واشنطن وشركة Deepmind والتي قادت لحل مشكلة علمية معقدة من خمسين عاما توجت بالفوز بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024، هذا الإنجاز سيمكن الباحثين من دراسة وتحليل أشكال البروتينات التي ستساهم في معرفة كثير من الأمراض والتصدي لها من خلال بناء أدوية بمركبات موجهة وأكثر فعالية!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق