توفي الموسيقار والمسرحي اللبناني زياد الرحباني، عن عمر ناهز 69 عاماً، بعد أزمة صحية مفاجئة وضعت حداً لمسيرة فنية استثنائية.
سبب وفاة زياد الرحباني.. عزلة نفسية أنهكت الجسد
عانى زياد الرحباني في الأشهر الأخيرة تدهوراً مستمراً في حالته الصحية، نتيجة مشاكل مزمنة في القلب والجهاز التنفسي، بحسب ما نقلته وسائل إعلام لبنانية، من دون الكشف عن تفاصيل طبية دقيقة.
ولم تكن الأزمة الصحية عابرة، حيث ارتبطت حالة الموسيقار الراحل النفسية والعزلة التي فرضها على نفسه بتراجع واضح في رغبته بالعلاج، ما أضعف مقاومته للألم، وهو ما تحدث عنه وزير الثقافة اللبناني الدكتور غسان سلامة في منشور عبر منصة إكس، قائلاً: «كنا نخاف من هذا اليوم، لأننا كنا نعلم تفاقم حالته الصحية وتضاؤل رغبته في المعالجة، زياد لم يعد يجد القدرة على تصور العلاج والعمليات التي يقتضيها».
حزن رسمي بعد وفاة زياد الرحباني
عبر رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون عن حزنه لوفاة الموسيقار الشهير، وكتب في بيان رسمي عبر منصة إكس: «زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، كان ضميراً حياً، ومرآة صادقة للمعذبين والمهمشين، حيث كان يكتب وجع الناس، ويعزف على أوتار الحقيقة، من دون مواربة، ومن خلال مسرحه الهادف وموسيقاه المتقدة بالإبداع المتناهي بين الكلاسيك والجاز والموسيقى الشرقية، قدم رؤية فنية فريدة، وفتح نوافذ جديدة في التعبير الثقافي اللبناني بلغ العالمية وأبدع بها».
وأضاف الرئيس اللبناني: «لقد كان زياد امتداداً طبيعياً للعائلة الرحبانية التي أعطت لبنان الكثير من نذر الجمال والكرامة، وهو ابن المبدع عاصي الرحباني والسيدة فيروز، سفيرتنا إلى النجوم، التي نوجه لها اليوم أصدق التعازي، وقلوبنا معها في هذا المصاب الجلل، تشاركها ألم فقدان من كان لها أكثر من سند، كما نعزي العائلة الرحبانية الكريمة بهذه الخسارة الكبيرة».
وتابع الرئيس عون: «أعمال زياد الكثيرة والمميزة ستبقى حيّة في ذاكرة اللبنانيين والعرب، تلهم الأجيال القادمة وتذكرهم بأن الفن يمكن أن يكون مقاومة، وأن الكلمة يمكن أن تكون موقفاً، فليرقد زياد الرحباني بسلام، ولتبق موسيقاه ومسرحياته النابضة بالذاكرة والحياة، نبراساً للحرية ونداء للكرامة الإنسانية».
زياد الرحباني.. ذاكرة فنية لا تمحى
نشأ زياد الرحباني في منزل يتنفس الموسيقى، فوالدته هي المطربة فيروز ووالده الموسيقار الراحل عاصي الرحباني، وتبنى الابن مدرسة فنية فريدة، عبر من خلالها عن هموم المجتمع، واستخدم المسرح السياسي الساخر ليطرح القضايا بجرأة ممزوجة بالضحك.
وترك الرحباني الابن بصمته على مسرحيات مثل: «بالنسبة لبكرا شو؟»، «فيلم أمريكي طويل»، «نزل السرور»، «لولا فسحة الأمل».
زياد الرحباني ووالدته فيروز.. تعاون غير ملامح الأغنية العربية
شهدت مسيرة الراحل زياد الرحباني تعاوناً استثنائياً مع والدته فيروز، بدأ عام 1973 بأغنية «سألوني الناس عنك يا حبيبي» ضمن مسرحية المحطة.
ومثّل ذلك التعاون نقطة تحول في مشوار فيروز، خاصة بعد انفصالها عن زوجها عاصي الرحباني عام 1979، حيث تسلم زياد دفة التأليف والتلحين من والده، وقدم مع والدته أعمالاً غيرت مسارها الغنائي.
كتب ولحن زياد الرحباني لوالدته أكثر من 30 أغنية، من أبرزها: «البوسطة»، «عندي ثقة فيك»، «إيه في أمل»، «كيفك إنت»، «وحدن»، «مش كاين هيك تكون»، «معرفتي فيك»، وتميزت هذه الأعمال بمزجها بين الجاز والموسيقى الشرقية، ما أضفى على صوت فيروز بعداً جديداً، وقربها من أجيال مختلفة للجمهور.
وعلى الرغم من هذا التعاون الناجح، لم تخلو العلاقة بين فيروز وزياد الرحباني من توترات فنية وشخصية، أدت إلى فترات قطيعة استمرت لسنوات، وانتهت بعد مكالمة هاتفية أنهت الخلافات بينهما.
0 تعليق