نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النفس المادية والنفس المتصالحة؟ صراع على الحدود!, اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 09:30 صباحاً
كما نعلم، في خلق كل منا نفسان! نفس واحدة تنقسم، وتتقلب بين حالة وأخرى، تتحكم بها دوافعها، وتنساق بين حين وآخر لمعتقداتها التي شكلها الوعي الناتج عن بيئة التربية، والمعرفة المكتسبة، والتجارب المستلهمة، وثقافة المجموع أو استقلالية الذات أو التقلب فيما بينهما. كل هذه الاصطفافات المتعاكسة والمتشاكسة التي داخلنا نحن فقط من نراها، ولكننا لا نتأثر بها وحدنا!
وبينما تنحاز النفس المتصالحة إلى جوانب الحكمة تستقيها من حالة تصالحها تلك مع الذات، ومع حاجات الآخرين الأخلاقية العادلة، ومع قيم الحق والخيرية، سنجدها دائما تتمركز حاملة معاييرها تلك بإصرار وثبات كسلاح دفاعي في حالة مدافعة دائمة عن رؤيتها، وفي المقابل ستجد النفس المادية نفسها تسير بثبات نحو التصارع مع تلك الحالة ومحاولة فرض إرادتها قصيرة النظرة وكسب أية جولات ممكنة في تلك المعركة التي لا تنتهي أبدا.
في هذا السياق لن تتمكن النفس المتصالحة من تقليل حجم خسائرها في تلك المعارك اليومية إلا من خلال تعزيز قيم البناء الداخلي عبر تحسين مفاعيل فكرية عميقة تنبني على تأصيل علمي ومعرفي لتبرز دائما حاجة الإنسان إلى الحكيم، وإلى المرشد، وإلى المدرب الذي يستطيع أن يقدم للبشرية حالة أفضل من فهم الذات وإسعادها عبر أدوات الخيرية لا المادة، وليس هذا ممكنا تحقيقه عبر أدعياء رسائل القيم الخادعة من رائجي التحدث إلى الناس، والذين يقدمون للناس كل يوم قيم الالتفاف على الذات وليس فهمها، ليشيعوا بين المخدوعين حالة الانتشاء الذهني العالية الخادعة التي تلبي حاجات إنسان هذا العصر المادية الجامحة في نظرتها للأرقام للانقلاب على فطرته بحثا عن كسب معركة الأنا بكل وسيلة ممكنة!
هذا الصراع لا يمكن أبدا إنهاؤه عبر التغافل عنه، ومن خلال ترك الساحة مفتوحة للذين يواصلون عقدا بعد آخر تلويث المفاهيم عند ملايين من جماهير كثير منهم لا يدركون خطر ما يتعرضون له من تشويه ممنهج لذواتهم. النتيجة كما نرى جميعا كانت مزيدا من الصراعات النفسية داخل نفس الإنسان من جهة ومع محيطه من جهة أخرى.
إننا ولا شك على الدوام أمام استحقاق أخلاقي لا يمكن أن نضع له حدا زمنيا ينتهي عنده، طالما أننا كمجتمعات سنظل مُصرين على حمل راية التصحيح الفكري الذي يتطلب منا مواصلة الجهد لإنقاذ النفوس غير المتصالحة، وإذ يمتلك مفكرون كثر في كل مجتمع القدرة على تمكين الأفراد بشكل أعمق وأوسع وأفضل من امتلاك ذلك النوع من النفوس، فإن هذا العمل والجهد الفكري الأخلاقي بامتياز لا بد له أن لا يتوقف أبدا.
hananabid10@
0 تعليق